اليوم -السعودية الصداقة علاقة سامية تسمو فوق كل العلاقات، ذلك أنها لا تحدها حدود ولا تقيدها قيود سوى القيم الانسانية الشهمة وهي حالة لا تنشئها الحتمية لا الجبرية، باعتبار انها علاقة لا تُحدُ بعِرق ولا دم ولا عقدٍ مكتوب، ذلك أنها علاقة اختيارية اختياراً محضاً، لذا تأتي نقية صافية. والصداقة الحقة هي التي تخلق منّا أُناساً قادرين على بناء ذاتنا الصادقة، ما يجعلنا قادرين على أن نقود أنفسنا بأنفسنا ونبني حياتنا الخاصة، ونقوِّم عالمنا بمقدراتنا الذاتية تقويماً صحيحاً، والصداقة هي التي تهيئ لنا ظرف مساعدة النفس ومساعدة الآخرين على بناء حياتهم الخاصة لتحقيق انسانيتهم، وما اسماه من معنى !. إن الحياة الخاصة لفرد واحد يمكن أن تزيد في روعتها من انجازات البشر الكلية، وهذا لا يعني ان نكون أنانيين، وانما نعنى أنّ تكون الحياة الخاصة للفرد قائمة، ومبنية على مستوى يجعل منها شئياً سامياً يستند على قيم الصدق والخُلق النبيل. ولكي نتعلم كيف نبني أنفسنا، فليبدأ كلٌ منّا بنفسه حتى نخلق في انفسنا ما يعيننا لبذل الجهد من اجل الخير، لكي نصنع أفراداً نجعلهم خير أفرادٍ أخرجوا للناس، سيماؤهم الاعتراف بأهمية كل فرد في المجموع الكلي، ولا أهمية لعظم الجاه والنسب او القبيلة ولا الأبهة وبريق الشهرة، ذلك حتى ينصرف كل إنسان إلى عمله وليحترم كل إنسان عمل زملائه، ويجب ألا نلغي وجود الآخرين الذين عليهم بالطبع الاعتراف بوجودنا. لهذا يحتاج كلٌ منا إلى مجهودٍ حسيس لكي نخرج من تابوت الانانية القتّالة، الى رحاب الغيرية الفعّالة. وعلى هذه القيم يجب أن نبني أنفسنا وأن نخلق في ذاتنا القوة، والقدرة على الخروج من وحل الأنانية والتبعية والعلاقات الوهمية، التي تعتمد على اسباب واهية لا تمت لصلتنا الانسانية بشيء، وحيث إن ميزة الصداقة تتجلى في الاختيار، وما عداها من علاقات لا يتوفر فيها مثل هذا الاختيار،. فالشخص قد يجد أنه وبصورة حتمية جبرية لا خيار له فيها ان يكون (أبا أو ابنا او أخا لشخصٍ آخر لم يختر اي منهما الآخر، ولكن كلاهما قد اختارته علاقة مستقلة عنه تماماً لم يخلقها هو ولم يقم بجهد لتأسيسها ليكون كذلك. ولكن على الإطلاق لا تجد نفسك مجبرا على صداقة شخص لا تأنس إليه، وإلا أصبحت مثل هذه العلاقة شيئا آخر غير هذا الذي نقصده في معنى الصداقة، ويقول علماء التربية: (ان الأب الصديق لابنه، والمعلم الصديق لتلميذه، والرئيس الصديق لمرؤوسيه، والزوج الصديق لزوجته والاخ الصديق لأخيه، هم أقدر الناس على تحقيق مبادئ الإنسانية وقيادة الحياة إلى الغايات السامية، وبذر المحبة ومن ثمّ نشر السلام وتحقيق الاماني العذبة والطموحات الانسانية الكبيرة، ولن يحدث ذلك إلا برفقة رفيقٍ خيّر، وهو من يقِل شِقاقه ويكثر وِفاقة مع الآخرين، ويقوى وفاؤه مع من صادقهم في السراء والضراء على السواء، والصديق الصديق هو من اتصف بمثل هذه الصفات الحميدة الحسنة، ومن لا صديق له لا ذخر له في الحياة، وليسارع كل منا بذلك وليتمسك بالصديق الحقيقي بكلتا يديه متى وجده، وان لم يجده حتى الآن فليبحث عنه حتى يلتقيه، فهو قطعاً موجود في هذا الوجود ما وجدت على ظهر البسيطة حياةٌ للبشر، ذلك ان كلا مِنا له منهاجه في الحياة، ولكن أينما كنا وكيفما ذهبنا فكل منا يحمل جزءًا من الآخر الذي هو ايضاً يحمل جزءاً منه. فتعالوا نمارس الصداقة لنذوق طعم الحياة. فالصداقة قيمة في كيان يساكن الوجدان بميزان الصدق ثمنها الوفاء، وهي قيمة حياتية وانسانية للأفراد وللشعوب ايضاً، فهي ضرورة من اجل احلال السلام على ظهر البسيطة، فتعالوا نحيى معنى الصداقة، ونُحيّها فينا حتى نخرج من ظلمات تابوت الأنا الى رحاب ال نحن .. [email protected]