لا أحد يعرف على وجه اليقين من أين تسربت عادة إخفاء اسم الأم أو الأخت في المجتمع السعودي، فالعربي عادة يفخر بأمه وأخته ولا يشعر بالعار إذا ذكرت أي منهما باسمها، ويفخر العربي بقوله أنا أخو" فلانة" كناية عن شعوره بالاعتزاز لسيرتها، لكن يبدو أن التحولات في القيم والمفاهيم حوّلت " فلانة " هذه إلى عار، فكأننا عدنا بها إلى العصر الجاهلي. ياسر عبد العزيز الغسلان، لديه مدونة تناقش بجدية الظواهر الاجتماعية، وهو ينقل إلينا تحت عنوان " وش اسم أمك ؟" تجربة من هذا النوع في مدونته http://alghaslan.net/media-and-press/blogsilike/ismommak يقول: لا أعتقد أن هناك من لم يسمع في صغره السؤال " وش اسم أمك ؟"، وأيضاً أكاد أكون متأكدا أن أكثر من النصف لم يجيبوا، بل كانت أجوبتهم على شكل ردات فعل عنيفة. يضيف الغسلان أن السؤال كان في صيغته دائماً ذا طبيعة تهكمية، مما يجعلك تمتنع عن الإجابة، وأيضا فكأن المقصد واضح وجلي بأنك إذا أفصحت عن اسم أمك، فسيكون اسمها لصيقا بك وسيجعل جميع من في (الحارة) ينادونك بصوت عال (يا ولد منيرة تعال). كان والدي يقول لي عندما أطرح عليه هذه المشكلة بحثا عن حل يجيبني ( قل لهم اسمها منيرة، وش المشكلة ؟)، ( طيب إذا قالوا تعال يا ولد منيرة ؟). ( قل سم نعم، أبوك وأمك فيهم عيب لا ينادون عليك باسمهم ؟ ( لا ما هو عيب، طيب) تم الاقتناع، إذا لا مشكلة. في إحدى المرات، كان مجموعة من الصغار، وأتذكر الموقف جيدا، يتهامسون فيما بينهم، وأعلم أن الهمس ينقل بيانات اسم الوالدة من واحد إلى آخر، وفي حال استقبال الآخر لهذه البيانات، كان يصدر ضحكة متبوعة بنظرات نحوي، فكنت أتجاهل الأمر، وحقيقة في نفس الوقت أحمل ردة الفعل بالداخل، حتى واجهت أحد أعمامي، وطرحت المعضلة أمامه. ( تدري يا ثمر أن العرب من أول كانوا يفتخرون بأسماء أخواتهم). ( كيف ؟) ( يسمونها "عزوة"، فمثلا أحدهم إذا استفز في موقف يقول " أنا أخو فلانة". ( طيب لماذا لا يقول أنا ولد فلانة؟) ( كانوا يقولونها ) قال عمي، ولكن للأسف فند الزمن جوابه الأخير بأن الاعتزاز كان مقتصرا على اسم الأخت !! قد يكون السبب ثقافة (البدو) الذين يتفاخرون بأسماء أخواتهم فقط دون الأم ، وأعتقد أنهم لو اعتزوا بأمهاتهم لما وصل الأمر إلى ما نحن عليه.