ربما لم يدر بخلد مؤسسي الموقع الشعبي الأول في العالم "فيسبوك"، أنهم سيحدثون خلال عشر سنوات من تأسيسه نقلة نوعية في عالم التواصل الاجتماعي على مستوى مئات الملايين من الناس، الذين أضحى هذا الموقع لا يفارق أناملهم أينما حلو وارتحلوا. ففي فبراير من عام 2004، استيقظ العالم على تطبيق اجتماعي شهير يسمى "فيسبوك"، جاء بشكل غير متوقع، عندما قام مؤسسه مارك زوكربيرج عندما كان طالبا في جامعة هارفارد بإنشاء موقع "فيس ماش" التابع لجامعة هارفارد، في 28 أكتوبر 2003، وهو منصة تعتمد على نشر صور لمجموعة من الأشخاص ثم يتم اختيار المستخدمين الأكثر منهم جاذبية، وبعد أشهر قليلة تأسس "فيسبوك، وتطور، حتى وصل إلى الشكل الحالي، الذي جذب الكثيرين. وهنا يطرح خبير مواقع تطبيقات التواصل الاجتماعي سعيد العربي رؤيته التحليلية ل"الوطن" التي يقول فيها، إن "جميع الوسائط الاجتماعية سواء "تويتر" أو "إنستجرام"، أو "ليكند" وغيرها خرجت من رحم "فيسبوك"، الذي غير أسلوب التواصل الاجتماعي في حياة مئات الملايين". ويضيف بأنه "بعد عشر سنوات من تأسيسه ومن خلال نظرة استعراضية على الأرقام الاستثمارية التي استثمرت فيه، فإننا نؤكد الإشارة إلى أنه غير من أسلوب التعاطي بين عموم البشرية". ومن ناحية أخرى، قال اختصاصي العلوم التقنية والمعلوماتية خالد عوض، إن "الوسائط الجديدة أصبحت في عرف التقدم التكنولوجي عقب فيسبوك إعلاما قديما، فقد دشن الموقع عقدا جديدا من التحدي بين الشركات الكبرى، ومحترفي التقنية المعلوماتيين لإظهار وسيط تواصلي جديد خلال السنوات العشر المقبلة، يجمع بين التقنية الهائلة السريعة والسهلة، التي تلبي متطلبات جميع الشرائح الاجتماعية والعمرية، خاصة فئة الشباب". ووضعت مجلة "فوربس" الأميركية في يناير الماضي خارطة طريق متوقعة للوسائط التي يمكن أن تحقق فورة عالمية كموقع (فاين- Vine) الذي أطلق في يناير 2013، وبدأ في التطور ببطء، إلا أنه بات على وشك اكتساح السوق. تقول المجلة: إن "مستخدميه شعروا خلال الأشهر الأولى بالإرباك إزاء قاعدة الموقع، واشتراط ألا يتجاوز أي مقطع فيديو مرفوع ال6 ثوان، إلا أنهم بدؤوا بالاعتياد على ذلك، ومشاركة مقاطع مدهشة ومضحكة، لذلك يتوقع الخبراء أن يأخذ مكانة بين عمالقة الإعلام الاجتماعي العام الحالي". ووفقا لعدد من المختصين فإن (سنابتشات– Snapchat) من الوسائط المرشحة لاحتلال مكانة مهمة في السنوات القليلة المقبلة، وذلك بعد أن رفضت الشركة المالكة له في نوفمبر الماضي بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" طلبا من "فيسبوك" لشرائه مقابل ثلاثة مليارات دولار. و"سنابتشات" الشركة الناشئة التي أسسها عام 2011 بوبي مورفي، وإيفان شبيجل، ابتكرت تطبيقا يسمح بإرسال رسائل نصية وصورا تختفي بعد برهة، مما يحفظ خصوصية المستخدم في حال أرسل مواد لا يرغب في أن تظهر لاحقا للعلن، وهو ما حظي بشعبية واسعة لدى المراهقين. في المقابل، كان هناك خبراء آخرون لديهم رأي مختلف إذ يرون أن منافسة مواقع تواصل الجديدة ل"فيسبوك" في السنوات المقبلة عملية صعبة. سئل مدير تحرير صحيفة "ذا أتلانتك" المدير التنفيذي ل"فيسبوك" مارك زوكربيرغ، عما إذا كان موقعه يعد عصريا الآن، فأجاب قائلا: "يفترض الناس أننا نحاول أن نكون عصريين، لكن هذا لم يكن هدفي أبدا، فالكهرباء عصرية حين انتشرت لأول مرة، لكن الناس سرعان ما توقفوا عن الحديث عنها؛ لأنها لم تعد شيئا جديدا لهم. السؤال الحقيقي الذي عليك طرحه في هذه المرحلة: هل سيتوقف الناس عن إشعال الأنوار لأن الكهرباء لم تعد أمرا عصريا؟"، وهو يلمح بذلك إلى أن "فيسبوك" أصبح أداة لا يستطيع الناس الاستغناء عنها. لكن باستقصاء عدد من المواقع العالمية المهتمة برصد أنماط تعامل الشباب مع مواقع التواصل الاجتماعي، أشارت دراسة حديثة أجراها البروفيسور دانيال ميلر من جامعة كوليدج بلندن في ثماني دول، إلى تراجع في استخدام هذه الفئة ل"فيسبوك".