لأهل الفن نصيب الأسد دوما "من القرارات طبعًا". نستقبل السنة الجديدة دون ميزانية تحمل أحلامنا حيث أردنا، صارت الأحلام تسافر منا دون تذاكر، كالعادة في مطلع كل سنة ننتظر أن يرتفع سقف المعونة حتى يمارس حلمنا التحليق الذي يؤهله للحضور داخليا وخارجيا وليمثل الوطن بشكل يجعلنا نفخر بهذا الفن الذي نمارسه، الثقافة والفنون تمران في أصعب مراحلهما الآن، على الرغم من أن هناك قائدا فذا وهو سلطان البازعي، ويشاركه في القرار عبدالعزيز السماعيل، الذي منذ قدومه وهو يحاول جاهدًا أن يدفع مركب هذا الكيان لمناطق أرحب، لكن ما الفائدة من كمية هذه المحاولات والفنان ارتضى أن يعمل متطوعًا ضمن هذه المنظومة الفنية التي تُعنى بنشر الثقافة والفنون وتهتم بالمواهب الفنية في "التشكيل والنحت والتصوير والمسرح والخط والموسيقى والفنون الشعبية"، بمكافأة مقطوعة مقدارها ألف ريال، بل يتقاضى مدير الفرع مبلغ ألفي ريال، السؤال المنطقي والذي يلح على كل فناني الوطن "لماذا تصعر المؤسسة الثقافية خدها لنا ونحن نبذل كل ما نملك حتى نخدم هذا الوطن؟" أليست هي المسؤولة عن كل هؤلاء؟ في المسرح مثلا أغلب محبيه يمارسون عملهم في "غرفة" مشتركة لجميع الأنشطة، فنرى في مساحاتها الرحبة معرض تصوير ولوحات تشكيلية، ولا يمنع أن تعقد فيها ندوة أو قراءة نقدية، كيف نمارس هذا الفعل الذي يحتاج لأدوات مختلفة تسهم في تقديمه بصورة جيدة؟ وعلى الرغم من حالة التقشف هذه إلا أن الفنون بمجملها تحقق حضورا لافتًا خصوصا في الملتقيات والمهرجانات الخارجية، فالمسرح في الخمس سنوات الأخيرة "مرحلة ما قبل التقشف" حقق العديد من الجوائز خارجيا ووجد الإشادة، ووصل لمرحلة النضج، بغض النظر عن ميزانياته، الفنان الحقيقي يسهم من دخله الخاص لإيمانه بأنه يقدم رسالة حب للوطن، وعلى الرغم من قلة دعم الأنشطة الفنية والثقافية إلا أن الفنان السعودي يمتلك القدرة على التطوير، فنجده يشارك في العديد من المؤتمرات والملتقيات وكل هذا أيضًا من "جيبه الخاص"... الفنان عندما يتوقف عن العطاء معناه أن الحياة لن تكون ملونة، المتابع يعلم بأن جمعيات الثقافة والفنون تقدم دورًا أكبر من الدور الذي تقدمه الأندية الأدبية، ونحن نتمنى فعلا أن نكون منطلقين بحجم طموحنا الذي يسابق الهواء، حتى نزرع لحضورنا قيمة مختلفة، هناك ما يجعل للعطاء طعما مختلفا وهو تسطير اسم الوطن خارجيا، فالفنون هي مرآة الشعوب.