في الوقت الذي اتهم فيه مواطن في منطقة جازان، لجنة التعديات وإمارة المنطقة بإزالة مزرعته الكبيرة غرب مدينة بيش، بتجاهل خطاب قضائي يطلب التريث في الإزالة لأرضه المشتراة بموجب حجة تعود إلى عام 1365، وله معاملة في القضاء لاستصدار صك، اتهمت الإمارة المواطن بالإحداث في الأرض خلال إجازات الأعياد، وأنه يملك "الأنقاض" فقط، وسيتم تعويضه إزاءها، وفق ما ذكره ل"الوطن"، الناطق الإعلامي للإمارة علي زعلة. وقال صاحب المزرعة محمد سعد في تصريح إلى الصحيفة: "امتلكتها بالشراء قبل 31 عاما، وحصلت على قرض زراعي، وتقدمت بطلب صك شرعي لمحكمة بيش العامة عام 1425". ويضيف: "مشروع المدينة الاقتصادية أتى ملاصقا لمزرعتي، ثم أتى الطريق الدولي ليعبرها، ما جعل موقعها مهما، وقد رفعت عدة خطابات إلى ولاة الأمر، وخلصت إلى التريث في الإزالة". من جهته، رد الناطق الإعلامي للإمارة على ما ذكره المواطن "إن الموقع الذي يدعي المواطن تملكه هو ضمن الأراضي الحكومية، وسبق أن صدرت توجيهات أمير المنطقة بمنع المواطن من مواصلة العمل في الأرض وأخذ التعهدات عليه لحين البت في شكواه بالوجه الشرعي، إلا أنه لم يلتزم، واستمر في العمل مستغلاً إجازات الأعياد". إلى ذلك، وعقب اتصال "الوطن" مباشرة للاستفسار عن القضية، وأخرى تخص إزالات حي البلد بمدينة جازان، أصدرت إمارة جازان أمس، بيانين صحفيين حولهما. في جازان حديث لا ينقطع لحظة حتى يعود تداوله بين الناس على خلفية ما أثاره تعميم أمانة منطقة جازان خلال الأيام الماضية والذي أصدرت على خلفيته إمارة المنطقة بياناً توضح فيه بأن حقوق المواطنين في جازان خطٌ أحمر، ولن يتجرأ أحد على المساس بها أو مصادرة أراضيهم. حمى تكهنات تشتعل في أقصى الجنوب حول ملكية الأراضي وما ستؤول إليه؛ يستند ويستدل الأهالي على ملكيتهم لمزارعهم وأراضيهم بما يسمى "حجج" قديمة، وهي ما كان معمولاً بها قبل نظام الصكوك الصادرة من المحاكم، ولأن تلك "الحجج" لم ترق لتصل لمرتبة الصكوك -على الأقل من وجهة النظر البيروقراطية للأنظمة- إلا أنها لا يمكن لها أن تنفيها، بدليل ما تضمنه بيان الإمارة الأخير من اعتراف صريح بملكية المواطن في جازان لأرضه. المواطن محمد صالح سعد، أكد ل"الوطن"، أنه أحد المتضررين من إزالة أرضه الزراعية بموجب قرار صادرٍ من إمارة جازان قبيل ما يقارب الشهر، وقال "إننا تحت تصرف الدولة متى ما احتاجتنا، ونحن رهن إشارتها بأرواحنا وبكل شيء، ولكن الدولة غنية بما لديها ونسأل الله لها المزيد والمزيد". وفي تلخيص مقتضب لمشكلة الإزالة التي تمت على أرضه الزراعية، يقول إنه امتلك هذه المساحة من الأرض بالشراء من صاحبها قبل 31 عاماً، والتي آلت إليه بموجب الشراء في عام 1375، من مواطن كان قد اشتراها من مالكها الأساسي بموجب "حجة" نحو عام 1365، -تحتفظ "الوطن" بصور منها- وقال إنه يقوم بزراعتها منذ أن اشتراها، وقد حصل على قرض زراعي عليها سدد منه خمس سنوات، ويقول إنه تقدم بطلب حصول على صك شرعي لمحكمة بيش العامة في عام 1425، ولأن الصك لم يخرج من المحكمة إلى الآن، فقد صدر على أرضه أمر بالإزالة بحجة أنها "تعدٍ" على الأملاك العامة للدولة. وعن سبب صدور هذا الأمر، يقول: إن مشروع المدينة الاقتصادية في جازان أتى ملاصقاً لمزرعته، ثم أتى الطريق الدولي ليعبر من مزرعتي، ذلك الأمر الذي جعل موقعها هاماً، فهي على مدخل المدينة الاقتصادية من زاويتها الشماليةالشرقية، ويعبرها الطريق الدولي. أما بالنسبة لما فعله منذ صدور هذا الأمر، فيقول: لقد توجهت بعدة خطابات، ففي خطاب موجه لولي العهد، آن ذاك، الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-، تم تشكيل لجنة خلصت إلى التريث في إزالة مزرعتي لأنني حاصل على قرض من صندوق التنمية الزراعية، وهذا ما تضمنه الخطاب الصادر بشأن ذلك، وتقدمت أيضاً بطلب لإيقاف الإزالة إلى أمير منطقة جازان، وقد وجه بتشكيل لجنة، وشكلت اللجنة وشخصت على أرض الواقع وانتهت إلى أن يتم إيقاف الإزالة الصادرة على مزرعتي إلى حين انتهاء القضاء من نظرها، ثم كتب القاضي في محكمة بيش خطاباً إلى المحافظ يطلب منه التريث في موضوع الإزالة إلى حين انتهاء الأمر من وجهه الشرعي لأن لي مطالبة متقدمة للحصول على صك، وكتب خطاباً آخر إلى إمارة المنطقة يطلب فيه التريث في موضوع الإزالة، وبرغم ما خلصت له اللجان والأوامر الصادرة بالتوقف عن الإزالة إلا أن القرار صدر من إمارة المنطقة بإزالة مزرعتي. وتساءل محمد عن طريقة تلك الإزالة والتي اُستخدمَ فيها -حسب كلامه- عدد يفوق العشر من المعدات ما بين "شيول" و"تراكتور"، وعن سبب إزالة مزرعته بالكامل، ولماذا لم تتم إزالة الجزء الذي يحتاجه الطريق وترك البقية، إذ يرى بأنه امتلك تلك الأرض الزراعية حينما اشتراها من ماله، ويقول: لم أتعد كما يقولون، على أحد، فقد اشتريتها بحُرِّ مالي، ويستدل على ذلك بما قاله محامي أملاك الدولة في ضبط المحكمة حين طُلبت منه الشهادة، من أن تلك الأرض ليست حكومية، وإنما هي أملاك خاصة. وعلى خلفية عدم عمل الإمارة بمقتضى خطاب القاضي، يقول إن مسؤولاً بارزاً في المنطقة هو من يقف خلف الأمر، فقد تعنت في قبول أي رأي اللجنة أو خطاب من جهة قضائية، كما أكد بأنه التقى الأمير محمد بن ناصر ووعده بأن يعطيه تعويضاً عن مزرعته في حال صدور صك ملكية له عليها، ويضيف: منذ 31 عاماً عملت مع إخوتي على زراعة هذه الأرض واستصلاحها، وغرست فيها آلافاً من أشجار الفاكهة والأشجار المثمرة كالنخل والتين، وأربي فيها الأغنام والإبل، على أمل أن أسهم في تنمية الوطن، وحين بلغت المشيب قاموا بمصادرتها ومصادرة عمري الذي أمضيته في زراعتها. ويؤكد المواطن محمد صالح بأن الأمير محمد كان متفاهماً معه ومقدراً لموقفه، لولا أن هنالك من يستغل الصلاحيات الممنوحة له لأجل الأذية وعدم اعتبار حقوق الناس. وفيما تحتفظ "الوطن" بعشرات الصور والوثائق حول القضية، فضلا عن إفادة المواطن الموثقة، فإن الصحيفة اتصلت بالناطق الإعلامي في إمارة المنطقة علي زعلة، وأفاد بأنه بعد التواصل والتنسيق مع الجهات وضح أن الموقع الذي يدعي المواطن المذكور تملكه هو ضمن الأراضي الحكومية غرب مدينة بيش والتى تدخل ضمن محتويات صك فصل النزاع رقم 264 وتاريخ 10 / 5 / 1399 حسب إفادة بلدية محافظة بيش والتى تعمل على الاستفادة منها لتوزيعها كمنح للمواطنين. وأوضح أنه سبق وأن صدرت توجيهات أمير منطقة جازان بمنع المواطن من مواصلة العمل في الأرض وأخذ التعهدات اللازمة عليه بالتوقف أكثر من مرة لحين البت في شكواه بالوجه الشرعي، مشيرا إلى أن المواطن لم يلتزم بما سبق أن تعهد به واستمر في العمل مستغلاً إجازة الأعياد وقيامه باعتراض لجنة مراقبة الأراضي بمحافظة بيش وتم تحرير محضر بذلك بتاريخ 23 / 12 / 1428. وبين أن لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات في محافظة بيش بتاريخ 10 / 12 / 1429 أزالت ما أحدثه المواطن من زراعة وبئر وغرفة وبركة ماء، إنفاذاً لتوجيهات أمير المنطقة بهذا الخصوص، لافتا إلى أنه أمام استمراره في الإحداث في الأرض الحكومية واعتراضها لمسار الخط الدولي وتنفيذ الكباري المقترحة مما يستوجب إزالة كل العوائق، فقد أصدر أمير المنطقة تعليماته بتكليف اللجنة الرئيسة لمراقبة الأراضي وإزالة التعديات بالشخوص للموقع الأربعاء 10 / 1 / 1435، حيث شرعت اللجنة في إزالة الإحداثات، تماشياً مع التوجيهات المبلغة لها بهذا الشأن. وأشار زعلة إلى أنه لدى المواطن صك يثبت الأنقاض فقط، وقد تم حصر جميع ما على الأرض من مبان وأشجار من قبل إدارة الطرق بمنطقة جازان ورفع معاملته لوزارة النقل تمهيداً لتعويضه عن الأنقاض كالمتبع.