فرضت تساؤلات العلاقة بين "الهوية" و"الوطن" نفسها على محاضرة الكاتب في "الوطن" الدكتور علي سعد الموسى (مفاهيم في الهوية الوطنية) التي ألقاها مساء أول من أمس ضمن فعاليات مجلس ألمع الثقافي بمحافظة ألمع، وقدمها الكاتب محمد البريدي حيث قال الموسى: على المستوى الشخصي لا أرى أنّ النظام السياسي مفهوم هويّة لأنّ فرض الأنموذج السياسي بمثابة أول مسمار تضعه في عمود الجسد السياسي، ولدينا الاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا نموذجان لهذا السقوط، فعلى الرغم من محاولة دمج هذه الهويات القاتلة فقد فشل النظام السياسي أن يكون أداة هويّة. وأشار الموسى إلى أنّ لديه "شعوراً خاصاً" بأننا نضيّع جهودنا في البحث عن الهوية، مستشهدًا في حديثه عن الهويّة بالكاتبين إدوارد سعيد وأمين معلوف، باعتبارهما أفضل من كتب عن الهوية بحسب تعبيره حيث يمثلان ثقافتنا وربما يمثلان ثقة القارئ بهما. وقال: بدأت قصة إدوارد سعيد مع الهوية حين كان يلعن الطفولة التي عاشها لأنّه لم يشعر أن لديه انتماء في كتابه "خارج المكان"، أمّا "أمين معلوف" فتمنى في مقدمة كتابه (الهويات القاتلة) ألاّ يقرأ حفيده هذا الكتاب والذي كان يرى عكس ما يراه إدوارد سعيد، إذ يرى تشتّت الهويات ومن الخطأ أن تتحول الهوية إلى وسيلة صراع في الوقت الذي كان يجب أن تكون وسيلة سلام. وأضاف الموسى: أنّه لا يؤمن بأنّ اللغة أداة هوية لأنّ اللغة وسيلة استعمارية كما قال بها (جاك دريدا) من أجل فرض الهوية على الشعوب، والواجب يقتضي إذا كنا نؤمن بأن اللغة العربية هويتنا أن نؤمن بهويات الآخرين كلّ حسب لغته، وفي هذه الحالة علينا أن نؤمن بعولمة اللغة الإنجليزية التي أصبحت لغة العالم، مبينًا "بأننا نظلم هذا الدين أيضاً كما نظلم كلّ الأديان إذا كنّا نراه أداة هويّة، لأنّ الدين يختلف في هذا العالم ولم يأت ليغيّر هويات الناس الداخلية. وتابع الموسى: علينا ألاّ نسأل في حالة انتفاء الهوية الجمعيّة لأنّ السؤال غير جدير بالبحث. وأكد المحاضر أن لديه "إيمانا على المستوى الشخصي" ومن خلال الرحلات التي مرّ بها في حياته بأنّه لا يشعر بأي حبّ ولا استقرار لأيّ الأماكن التي ذهب إليها. فقريته على وجه التحديد لم يعد يربطه بها غير قبور أجداده!. وانتهى الموسى إلى نتيجة مفادها أنّ الفرد هو الهويّة وأنّ أيّ محاولة لإلغاء المجموعات الصغيرة داخل التركيب الذهني في أيّ مكان أو إلغاء الفلكلور المحلّي وتوحيده في فلكلور واحد أو إلغاء المناهج الدراسيّة المتنوعة وإعادتها وقولبتها في مكان واحد وإلغاء المذاهب المتعدّدة داخل المكان ومحاولة تسويق أنموذج مذهبي واحد هو تهميش لحرية الفرد. وفي نهاية المحاضرة أجاب الموسى عن مداخلات الحاضرين، بعد ذلك انتقل ضيوف المجلس إلى لوحات من الفنون الشعبيّة لفرقة ألمع للثقافة والتراث، حيث شاركهم الدكتور علي الموسى في هذه الفنون.