استغرب عدد من أعضاء مجلس الشورى، أن تواجه الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، تعقيدات في عملها وسط الوزارات والدوائر الحكومية، على الرغم من أن قرار إنشائها نص على عدم استثناء أي جهة من اختصاصاتها. وأفصح تقرير "نزاهة" الذي ناقشه المجلس على نحو سري، عن تلكؤ وزراء في إجراء التحقيقات اللازمة في المخالفات التي يرصدها مندوبوها. جلسة الأمس، لم تستثن "الدبلوماسية السعودية" خلال نقاش تقرير أداء وزارة الخارجية، فيما طالب عضو المجلس الدكتور عبد الله الظفيري بحضور كل من وزيرها الأمير سعود الفيصل، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير بندر بن سلطان تحت القبة. ومما كان لافتا في آخر جلسة بالعام الميلادي الحالي، تحميل مستشفى الملك خالد للعيون وحرب الخليج الثانية وأحداث 11 سبتمبر، مسؤولية تراكم المواعيد وطول فترات الانتظار، وهو ما كان محل تندر من أكثر من عضو. استياء عارم، حملته مداخلات أعضاء مجلس الشورى في جلسة الأمس، لإحاطة المجلس مناقشات تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ب"السرية"، ذلك الاستياء وصل إلى رئيس لجنة حقوق الإنسان والعرائض الدكتور عبدالله الظفيري، إذ قال في نهاية تلاوته للرأي والتوصيات، إن لجنته لم تطلب السرية في النقاشات لكون أن الموضوع لم يصل إليها ب"صفة سرية". لكن رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله آل الشيخ، أوضح للأعضاء أنه ورقة قد تكون مرفقة بالملف الوارد في معاملة تقرير "نزاهة" كانت تشير إلى كونه "تقريرا سريا". ومع تجاوز الأعضاء، لهذه النقطة الخلافية على هذه المسألة، سجل أكثر من عضو استغرابه من شكوى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من عدم تعاون الأجهزة الحكومية معها، رغم أن القاعدة التي تسير عليها في أعمالها تنص على عدم استثنائها "أحدا"، مشددين على أهمية تقوية موقف الهيئة المرتبط أساسا بخادم الحرمين الشريفين، وعدم إتاحة الفرصة أمام بعض الجهات الحكومية لعرقلة أعمالها. تقرير هيئة مكافحة الفساد، والذي عرض على مجلس "الشورى" أمس، واطلعت "الوطن" على بعض تفاصيله، شكا من وجود وزراء يتلكؤون بالتحقيق في المخالفات المرصودة بأجهزتهم. وتضمن التقرير 6 معوقات تعترض عمل هيئة مكافحة الفساد، منها "عدم رد بعض الجهات الحكومية على استفسارات "نزاهة" وملحوظاتها وتزويدها بالمعلومات والوثائق التي تطلبها خلال مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ إبلاغها بها"، إضافة إلى "عدم تمكين بعض الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة منسوبيها من تأدية المهام التي يكلفون بها وفقا لاختصاصات الهيئة، وعرقلة ذلك بمختلف الوسائل مثل المطالبة بخطابات مباشرة للجهة أو الانتظار حتى الاستئذان من الجهة الرئيسية مما يفوت على الهيئة الاستفادة من عنصر المفاجأة لضبط ما يلزم من وثائق وأدلة في بعض القضايا". ولعل واحدة من أهم المعوقات التي ضمنتها "نزاهة" في تقريرها المعروض على "الشورى"، "امتناع بعض الجهات نهائيا من تمكين ممثلين الهيئة من القيام بأعمالهم التي تكلفهم بها لتتبع حالات الفساد وجمع الأدلة والوثائق حولها بحجة السرية وعدم كشف المعلومات للهيئة"، و"قيام بعض الجهات بإحالة ملاحظات الهيئة للمسؤول أو الفرع الذي وقعت فيه المخالفة للرد عليها ثم إحالة الرد إلى الهيئة دون إيضاح رأي الجهة الرئيسية والوزير المختص". وتضمنت ملاحظات "نزاهة"، "عدم قيام بعض الوزراء والمسؤولين بتنفيذ ما تطلبه الهيئة من إجراءات تحقيق في مخالفات وأوجه فساد التي تحيلها إليهم وتطلب منهم التحقيق وتحديد المسؤوليات وتطبيق العقوبات النظامية بما يدخل ضمن صلاحياتهم"، يضاف إلى ذلك "تأخر البت في قضايا الفساد لدى الجهات التحقيقية والقضائية بالمخالفة لما قضت به الفقرة 2/م من "ثالثا" من وسائل تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد"، وهو ما عدته باعثا لتذمر المواطنين وتداول إشاعات بالمجتمع حول عدم جدية الدولة في مكافحة الفساد وملاحقة المفسدين.