اعتبر ناقد أن المعارك الأدبية التي نشبت بين الرافعي وشعراء عصره تجاوزت مفهوم الخلاف (العلمي) الأدبي إلى الفجور في الخصومة نتجت عنها حالة التصادم بين عمالقة الأدب و أضر بالساحة الأدبية في الوطن العربي. وأضاف محمد علي كاتبي وهو يتحدث مساء أول من أمس محاضرة نظمها صالون الوادي المبارك بنادي المدينةالمنورة الأدبي بعنوان "الرافعي وشعراء عصره": أن الصراعات المفرغة من أبعادها الإبداعية أساءت للمشهد الأدبي العربي وازدهاره، لا سيما في سياق التحولات السياسية والفكرية الذي شهده ذلك العصر، مبيناً أن الأدب العربي يتأرجح تارة ويضطرب أحيانا وتعصف به أمواج الاختلاف، غير أن ما نشب من معركة أدبية بين "الرافعي" وشعراء جيله تجاوز عرف الخلاف، وأن الخصومات التي وصلت للتجريح الشخصي والإتهام بالدين والقومية (الانتمائية للوطن) كانت على حساب إبداعهم (اقتطعت جزء من جهودهم التي صرفوها في الرد غير المنهجي على المخالف والنيل منه). واستعرض كاتبي قصاصات ومقاطع من السجالات التي تقاذف بها أدباء جيل الأدباء الأول (الرواد) "الرافعي" و"طه حسين" و"العقاد" التهم بالدين والعرق والانتمائية، مبيناً أن مسرح تلك المساجلات كانت الصحف اليومية والمجلات، كونها الأسرع في الرد ووصولاً للجمهور، وهو ما شغلهم عن مواصلة مسيرهم في التأليف، موضحاً أن الغيرة والتنافس غير الحميم لعمادة (لزعامة –لإمارة) الأدب كان سبب ذلك التنافس، لافتاً إلى أن أصول الرافعي غير المصرية وانحداره من أسرة شامية قطنت مصر وتولى أفرادها مناصب ولاية القضاء كانت أبرز دوافع الهجوم غير المبرر على الأديب الرافعي. وشهدت المحاضرة مداخلات أيدت الكاتبي في أن اجتهاد الرافعي وأدباء عصره في الرد على المخالف كان عثرة أدباء التجديد في مصر، وخالفهم الباحث في تاريخ المدينةالمنورة عدنان العمري الذي أكد أن الصراع خلق نوعاً من الحراك الأدبي وأن خلاف أدباء الشعراء المجددين في مصر عاد بالنفع على الحركة الثقافية في المنطفة.