في الوقت الذي عد فيه نائب الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور فهد السلطان، أن ما مرت به "دول الربيع العربي" أثبت أن الحوار الوطني خيار استراتيجي للمجتمع، حيث يمثل قناة موثوقة للتعبير ويمثل من خلال المركز جسراً بين المواطن والمسؤول، أكد أن تمثيل المرأة في جميع لقاءات المركز الوطنية ومشاركتها تمثل تقريباً 50% من العدد الإجمالي للمشاركين في اللقاءات الوطنية. وفي حوار مع "الوطن" أكد السلطان أن المركز يركز دائما على الأفكار لا الشخصيات، مشيراً إلى أن المركز درب نحو مليون مواطن ومواطنة وأهل نحو 3000 مدرب ومدربة معتمدين في 42 محافظة ومنطقة من مناطق المملكة. فإلى الحوار: ماذا حقق مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني حتى الآن؟ وكيف تقيمون مستوى تحقيق أهدافه؟ المركز لديه رسالة سامية سخر لها جميع أنشطته وبرامجه، وهي نشر ثقافة الحوار بين جميع أطياف المجتمع، وترسيخ قبول الرأي والرأي الآخر، لتكون ثقافة للمجتمع، بما يُكسب الاختلاف جانباً إيجابياً، من خلال التعرف على الرأي والرأي الآخر، ومن خلال تعزيز قنوات التواصل، لتوثيق عرى الوحدة الوطنية، ونعتقد أن أهم إنجاز تحقق للمركز هو قبول المجتمع وتقبله لثقافة الحوار، وقد نفّذ المركز طيلة مسيرته تسعة لقاءات للحوار الفكري، والعشرات من اللقاءات التحضيرية والفعاليات الحوارية الأخرى في أغلب مدن المملكة، ناقش خلالها، عددا من القضايا المهمة والشائكة، وطرحها على طاولة الحوار ومراجعتها ونقد الخلل فيها بما يتواءم مع التطور الحضاري الذي تشهده المملكة، الحفاظ على الثوابت الشرعية والهوية الوطنية للمجتمع. كما عقد ستة لقاءات في عدد من مناطق المملكة للحوار حول الخطاب الثقافي السعودي، وتدريب نحو مليون مواطن ومواطنة وتأهيل نحو 3000 مدرب ومدربة معتمدين في 42 محافظة ومنطقة من مناطق المملكة، كما دشن أكاديمية الحوار للتدريب واستطلاعات الرأي العام، كأول أكاديمية في المنطقة متخصصة لتعميق ثقافة الحوار في المجتمع السعودي، وإصدار عدد من الدراسات والمطبوعات التي لها علاقة بثقافة الحوار. التقيتم بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في رمضان الماضي فما هي أبرز توجيهاته؟ تشرّفت اللجنة الرئاسية لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بلقاء خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، في رمضان الماضي، وقدمت التقرير السنوي لأنشطة المركز، للعام "1433 – 1434ه"، واستمعت اللجنة إلى التوجيهات الكريمة التي يستمد منها المركز والقائمون عليه رؤيتهم لبرامج وأنشطة المركز، وتجسيدها من خلال اللقاءات الوطنية والبرامج والمشاريع التي ينفذها المركز، وقد كانت توجيهات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - تؤكد على أهمية مشاركة المؤسسات الحكومية والأهلية في تعزيز مسيرة الحوار الوطني ونشر الوسطية والاعتدال والاستفادة من النجاحات التي تحققت في السابق والبناء عليها في المستقبل ومعالجة أوجه القصور إن وجدت. البعض يقول إن حضور النساء في المركز شكلي فقط ؟ لا أعتقد أن من يتابع لقاءات المركز منذ تأسيسه يقرّ مثل هذا الرأي، حيث إن تمثيل المرأة في جميع لقاءات المركز الوطنية ومشاركتها بنسبة تمثل تقريباً 50% من العدد الإجمالي للمشاركين في اللقاءات الوطنية، وفي بعض اللقاءات يزيد عدد المشاركات على عدد المشاركين من الرجال، وكذلك الحال في لقاءات الخطاب الثقافي، ومن خلال البرامج الموجهة للشباب في المركز، وفي مجال برامج التدريب المجتمعي، فالمركز لديه قناعة تامة بأن الأسرة هي أحد الأركان الثلاثة الرئيسة لمؤسسات المجتمع، وهي "الأسرة، المسجد، المدرسة"، ويعول عليها كثيراً في نشر ثقافة الحوار، والمرأة شريك للرجل في المجتمع، وبقدر مساهمة المرأة وقناعتها بالحوار ينعكس ذلك على مكونات المجتمع وأفراده وقد أثبتت المرأة السعودية من خلال مشاركتها على عمقها الفكري وعلى حسها الوطني المتميز. لديكم إدارة استطلاع الرأي العام هل أجريتم مدى رضا المواطن عنكم، حيث يتم تداول معلومة أن ما يطرح في الحوار الوطني من توصيات لا ينفذ؟ لم يقم المركز بدراسة استطلاعية بهذا المفهوم، ولكن عقد عدة ورش عمل مع عدد من الكتاب، حول تقييم أداء المركز، كما نفذ دراسة تقويمية شاملة للمركز أعدها فريق علمي من جامعة القصيم استغرقت نحو عامين، استطلعت آراء نحو 5000 شخص من جميع مناطق المملكة، وقد أعلنت نتائجها في حينه لوسائل الإعلام، كما توجد نسخة منها مطبوعة، وأنا أدعوكم للاطلاع عليها والاطلاع على نتائجها، كما توجد دراسات لبعض الباحثين من خارج المركز حول النتائج التي حققها المركز وتأثيره في المجتمع، وهي دراسات مستقلة من قبل باحثين وباحثات من مؤسسات أكاديمية مختلفة. وسوف يقوم المركز خلال الفترة المقبلة بتنظيم عدد من الورش في مناطق المملكة تتوافق مع إكمال المركز لعامه العاشر، وتهدف إلى تقويم مسيرة المركز ورؤية المجتمع لدوره وبرامجه، إضافة إلى أن وحدة استطلاعات الرأي في أكاديمية الحوار للتدريب واستطلاعات الرأي وبالتزامن سوف تستطلع رأي المجتمع حول هذا الموضوع. بماذا تردون على من يرى أن مركز الحوار الوطني يتجاهل فئات دون الأخرى؟ يحرص مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في كل لقاء وطني على دعوة عدد من المشاركين والمشاركات الذين يمثلون مختلف الأطياف الفكرية في المملكة، وفي نهاية كل لقاء يضع المركز على موقعه الرسمي محاور اللقاء ونتائج اللقاء، وكذلك أسماء المشاركين والمشاركات، وهي موجودة حالياً على الموقع ويمكنكم ويمكن للقراء أيضاً الرجوع إليها، والحكم بأنفسكم، ونعدّ أن من أهم نجاحات المركز قدرته على تحقيق تمثيل متوازن لكل شرائح المجتمع وفئاته ومناطقه في جميع لقاءاته ومناشطه. البعض يرى أن تنظيمكم للملتقيات والحوارات ما هو إلا جرعة تخديرية لطبقة المثقفين الذين يعانون مشاكل مالية كجمعية الثقافة والفنون والنوادي الأدبية؟ مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مظلة وطنية للحوار، ودوره يتمثل في إتاحة المناخ والمكان المناسب للحوار بين أطياف المجتمع حول قضية أو موضوع يهم شريحة كبيرة من المجتمع، للوصول إلى رؤية وطنية يتفق عليها جميع المشاركين والمشاركات، والجميع يعرف أن المركز لا يتدخل في آراء المشاركين والمشاركات ولا يحاول التأثير عليهم في ما يرونه، ومشاركة القائمين عليه في اللقاءات الوطنية هو لإدارة الحوار فقط بين المشاركين والمشاركات، والمتابع المنصف لتلك اللقاءات يجد أن كثيرا من الرؤى والتوصيات قد تم تحويلها إلى واقع ملموس على أرض الواقع، إضافة إلى أن اجتماع أطياف المجتمع وشرائحه على طاولة وطنية للحوار والتواصي على الخير والنماء للوطن هو أنجاز بحد ذاته، ولعل ذلك يعود إلى الرؤية الحكيمة بعيدة المدى لراعي الحوار ومؤسسه، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظه الله. أحداث الربيع العربي هل تشكل محورا مهما في لقاءاتكم المقبلة للمركز؟ المملكة لديها قيادة حكيمة استطاعت، بفضل الله، تجنيب المجتمع الكثير من الأزمات والمشاكل التي مرت بها بعض الدول الأخرى، ولا يخفى عليكم أن الحوار الوطني يناقش الشأن الداخلي ولا يتعرض لقضايا أو أزمات في مجتمعات أخرى، ولكن يمكن القول إن ما مرت به دول الربيع العربي، كما يسمى في الإعلام، أثبت أن الحوار الوطني خيار استراتيجي للمجتمع، حيث يمثل قناة موثوقة للتعبير ويمثل من خلال المركز جسراً بين المواطن والمسؤول، ويعزز من مسيرة الوحدة الوطنية وفي استقرار ونماء الوطن. هل تواجهون مشكلة في وفرة الأسماء الثقافية للمشاركة في اللقاءات؟ لا أعتقد أن هناك مشكلة في وفرة الأسماء فالمملكة، ولله الحمد، غنية بالعلماء والأدباء والمثقفين والأكاديميين، من رجال ونساء، ومن مختلف الأطياف والمناطق، ولكن أحياناً يكون هناك تضارب في أوقات بعض المدعوين والمدعوات مع الفعاليات التي يقيمها المركز، وهي لقاءات وفعالية تكون مبرمجة مسبقاً ويصعب تعديلها، مما يؤدي إلى اعتذار البعض عن المشاركة، ولكن المشجع والمفرح في نفس الوقت هو حماس وتفاعل مختلف الأسماء الثقافية للمشاركة في لقاءات ومناشط المركز وفي تقديم المشورة والمقترحات للمركز. كيف تمتصون الخلافات التي تحدث أثناء اللقاءات والحوارات بين الأطراف المختلفة؟ من أساسيات لقاءات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أن تكون مشاركة المتحدث مركزة على الأفكار وليس على الأشخاص، لكن قد تكون هناك أطروحات أو آراء متناقضة بين المشاركين، وهذا من الطبيعي في أي حوار، والمركز في مثل هذا الوضع لا يتدخل فيه، فكما أشرت سابقاً أن دور المركز يقتصر في تهيئة المناخ والمكان للحوار بين الأطياف المختلفة، ليبدي كل طرف رأيه في الموضوع المطروح للحوار، ويسعدني أن أقول إنه رغم العدد الكبير من اللقاءات إلا أننا لم نشهد إلا لغة حوار راقية ومتزنة تنم والحمد لله على أصالة الإنسان السعودي وقدرته الفكرية على الحوار.