استيقظ مشعر منى أمس على كلمة "وداعا منى"، التي رددها حجاج بيت الله الحرام كثيرا وهم يغادرونها، بعد أن أتموا مناسك الحج بكل يسر وسهولة، وتمكنوا في هدوء من رمي الجمرات في آخر أيام التشريق، فبعد 120 ساعة عاشتها المدينة العصرية، أو كما يحلو للبعض تسميتها مدينة الأيام الخمسة، عاد الهدوء والسكينة إلى شوارعها وخيامها. وفي جولة ميدانية ل"الوطن"، بدا مشعر منى خاليا إلا من عمال النظافة الذين انمهكوا في جمع أكوام المخلفات التي تركها الحجاج بعد رحيلهم، وكذلك عمال وموظفي مؤسسات الطوافة وشركات حجاج الداخل، الذين كانوا يجمعون بقايا متاعهم من مخيماتهم، إذ إنه بعد بضعه أيام ستطفأ أنوار المدينة الزاهية التي ملأت سماء مكةالمكرمة بالضوء طيلة الأيام الخمسة المنصرمة، إذ ستخلد في نوم عميق بعد أيام من الضجيج والحركة الدؤوبة على مدار الساعة وملئت سماؤها بالضوء والنور؛ انتظارا لعودة الحياة إليها في الموسم المقبل. شوارع منى وأزقتها المتفرقة وخيامها البيضاء، لم تعد تلك الخيام التي التحف تحت ظلالها حجاج بيت الله الحرام، وعاشوا فيها بعد أن جمعتهم روحانية المكان وتآلف المسلم للمسلم من شتى الأطياف في مكان لم يفرق بين أبيض وأسود ولا عربي ولا عجمي وطئت أقدامه أرضها، فيما ردد "المكيون" كثيرا على جنبات الطرق المؤدية إلى مشعر منى المقدس جملتهم الشهيرة في مثل هذه الأيام "يا غريب بلادك"، واقفين على الأطلال متذكرين كيف كانت شوارع مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة بالأمس مكتظة بالحجاج والمركبات، فيما هدل حمام الحرم حزنا على فراق ضيوف الرحمن، مرفرفا في ساحات المسجد الحرام ملوحا بجناحيه وداعا.. وداعا حجاج بيت الله الحرام. من جهته، أوضح وكيل أمين العاصمة المقدسة للخدمات عبدالسلام بن سليمان مشاط، أنه سيتم تفريغ جميع الأعمال لمشعر منى اليوم، إذ قامت الأمانة بتوزيع عدد كبير من حاويات النفايات ذات الأحجام الصغيرة، التي لا تحتاج إلى سيارات لتفريغها، وتم توزيعها جغرافيا حسب الكثافة العددية في كل منطقة مع تقليل المسافات البينية لها. وأفاد أنه تم تخصيص عدد من فرق رش ومكافحة الحشرات واستخدام المبيدات؛ لتغطية كامل المنطقة عقب مغادرة الحجاج لها، وبإشراف مشترك من المختصين بتلك المناطق والمشرفين المركزيين، في حين ستتم عملية تفريغ الصناديق الضاغطة والمخازن الأرضية التي تم استخدامها خلال أيام التشريق والبالغ عددها 131 مخزنا أرضيا، و1025 صندوقا كهربائيا ضاغطا للنفايات.