أكد رئيس الحكومة الليبية علي زيدان اليوم الخميس أن عملية اختطافه فشلت في دفعه إلى الاستقالة. وقال في أول تدوينه له على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "أنا بخير والحمد لله وإن كانت عملية اختطافي لهدف تقديم استقالتي فلن أستقيل"، عادًا أن حكومته تسير بخطى بطيئة لكن في الاتجاه الصحيح. وأوضح أنه يتواجد في مبنى الأمن الدبلوماسي وسيتجه إلى مقر رئاسة الوزراء لعقد مؤتمر صحفي بعد ساعات يوضح من خلاله ملابسات اختطافه. من جانبه، أكد رئيس البرلمان الليبي نوري أبوسهمين في مؤتمر صحفي الإفراج عن زيدان، واصفًا خاطفيه بأنهم لا يقدّرون الشرعية والقانون. وقال: "أي شخص ومهما كانت علاقته بثورة 17 فبراير ومهما كان انتماءه العقائدي أو السياسي يرتكب عملاً غير قانوني سيحاسب محاسبة عسيرة وفق القوانين المعمول بها في ليبيا". ولفت أبوسمهين الانتباه إلى أنه تابع عملية اختطاف زيدان منذ فجر اليوم وقام بزيارته في مقر احتجازه، وقال: "لقد أبديت استعدادي للمجموعة المسلّحة التي تحتجز زيدان للانضمام إليه في هذا الاعتقال كتضامن معه". وبعد مرور عامين على الثورة التي أطاحت بحكم معمر القذافي الذي استمر 42 عاما، تعاني ليبيا من الاضطرابات وتكافح الحكومة المركزية والقوات المسلحة الناشئة للسيطرة على الميليشيات القبلية المتنافسة والمتشددين الإسلاميين الذين يسيطرون على أجزاء من البلاد. وقال متحدث باسم الميليشيا التي تستعين بها الحكومة الليبية لتوفير الأمن في طرابلس والتي تعرف باسم غرفة عمليات ثوار ليبيا إنها "ألقت القبض" على زيدان بعد تصريح لوزير الخارجية الأمريكية جون كيري عن عملية اعتقال أبو انس الليبي قال فيه إن الحكومة الليبية كانت على علم بالعملية. وقبل إطلاق سراح رئيس الوزراء قال المتحدث الرسمي باسم إدارة مكافحة الجريمة في ليبيا لوكالة الأنباء الليبية الرسمية إن زيدان وهو دبلوماسي سابق ومعارض عاش في المنفى خلال حكم القذافي "بصحة جيدة وسيعامل معاملة حسنة كونه مواطنا ليبيا". وأكدت الحكومة الليبية في بيان إن رجالا مسلحين اقتادوا رئيس الوزراء من فندق في العاصمة الليبية طرابلس إلى جهة غير معلومة لأسباب غير معروفة. واقتيد زيدان من فندق كورينثيا حيث يعيش الكثير من الدبلوماسيين وكبار مسؤولي الحكومة. ويعتبر الفندق أحد أكثر الأماكن أمنا في طرابلس. وزادت عملية الخطف على قصرها اضطراب الأوضاع في ليبيا عضو منظمة "اوبك" حيث تحاول الفصائل المتناحرة السيطرة على الثروات النفطية التي توفر الجزء الأكبر من عائدات الحكومة، وارتفعت أسعار خام برنت بفعل الأنباء. وقال مدير مبيعات السلع الأولية في نيو-إدج اليابان كين هاسيجاوا "الكل يتابع الأمر... لكن لم يحدث بعد أي تعطل للإمدادات من ليبيا لذا لا نتوقع ارتفاع الأسعار." وقال وزير النفط الليبي عبد الباري العروسي إن إضرابات العمال وتعطيل المسلحين للموانئ وحقول النفط لأكثر من شهرين تسببت في خسائر تزيد عن خمسة مليارات دولار. وذكر العروسي في الثاني من أكتوبر أن صادرات النفط قد تعود لكامل طاقتها في غضون أيام بمجرد توقف الإضرابات. واعتقلت القوات الأمريكية الخاصة في عملية نفذتها في طرابلس يوم السبت نزيه الرقيعي المعروف بأبو أنس الليبي. وهو متهم بضلوعه في تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998 الذي قتل فيه 224 مدنيا. ويحتجز الليبي على متن سفينة تابعة للبحرية الأمريكية في البحر المتوسط. وبعد اختطاف زيدان قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها "على اتصال وثيق مع كبار المسؤولين الأمريكيين والليبيين على الأرض." وترتبط غرفة عمليات ثوار ليبيا بوزارة الداخلية التي تكلفها ببسط الأمن في العاصمة ضمن برنامج لدمج المقاتلين السابقين. وقال حراس أمن في الفندق إنه لم تطلق أي رصاصة أو تقع اشتباكات خلال العملية. ونقلت قناة تلفزيونية عن وزير العدل الليبي قوله أن زيدان "خطف" وعرضت ما قالت إنها لقطات فيديو ثابتة لزيدان وهو متجهم الوجه يرتدي قميصا رمادي اللون وقد أحاط به عدة رجال في ملابس مدنية. وذكر رئيس الوزراء الليبي يوم الثلاثاء إن العلاقات مع الولاياتالمتحدة لن تتأثر بقيام القوات الأمريكية باعتقال الليبي لكنه قال إن الليبيين يجب أن يحاكموا في بلادهم. لكن التصريحات أغضبت جماعات مسلحة من بينها واحدة ألقى عليها باللوم في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012 والتي دعت لهجمات انتقامية ضد أهداف إستراتيجية من بينها خطوط أنابيب لتصدير الغاز وطائرات وسفن فضلا عن اختطاف أمريكيين في طرابلس. وكان زيدان لعب دورا كبيرا في كسب دعم العواصم الغربية للثوار الليبيين ضد معمر القذافي في 2011. وولد سنة 1950 في مدينة الودان وسط ليبيا حيث نشأ في عائلة تجار. وبعد إنهاء دراسة الأداب في ليبيا سنة 1975، انضم إلى السلك الدبلوماسي الليبي. وفي نهاية السبعينيات عين سفيرا لليبيا في الهند لكنه استقال بداية الثمانينيات وانضم إلى المعارضة في المنفى ضد نظام معمر القذافي تحت راية الجبهة الوطنية للإنقاذ الليبية التي كانت تجمع المعارضين الليبيين في الخارج. وخلال سنوات المنفى عاش خصوصا في ألمانيا قبل أن ينفصل عن الجبهة ويركز من جنيف على حقوق الإنسان في ليبيا. وبعد اندلاع الثورة الليبية مطلع 2011 لعب زيدان دورا كبيرا إلى جانب الليبرالي محمود جبريل للترويج للمجلس الوطني الانتقالي، الجناح السياسي للثورة لدى العواصم الغربية وخصوصا باريس. وبعد تعيينه مندوب المجلس الوطني الانتقالي في فرنسا وأوروبا، ساهم زيدان في مساعي الثوار الدبلوماسية من اجل إقناع المجتمع الدولي بالتدخل عسكريا لحماية المدنيين من القمع الدامي الذي مارسه نظام القذافي على الثورة. وانتخب في أول انتخابات حرة في تاريخ البلاد في 7 يوليو 2012، عضوا في المؤتمر العام الوطني، وهي أعلى هيئة سياسية في ليبيا. وعين علي زيدان القريب من تحالف القوى الوطنية "ليبراليون" لمحمد جبريل، رئيسا للوزراء في 14 أكتوبر 2012.