يجد ناصر العبدالله في كراسي المساج المتوفرة في الأسواق المركزية بالمدينة المنورة حلا يخفف عنه صداع التسوق برفقة زوجته التي لا تكل ولا تمل -بحسب وصفه - من التنقل بين المحال التجارية المتباعدة. ويصف العبدالله معاناته بقوله: في حين تهبط همم الأزواج الذين يصطحبون زوجاتهم للتسوق في كبح نشاطهن الذي يتزايد داخل الأسواق أمام إعلانات التخفيضات الزائفة التي تبرزها المحال التجارية يجد الأزواج ضالتهم في تلك الكراسي للاسترخاء والراحة. وأضاف متضجراً: الرجل يذهب وهو يحدد تماما ما يريد شراؤه ويرحل أما المرأة فالتسوق بحد ذاته هواية عندها.. بل أجزم أن كثيرا منهن يحضرن للمتعة والتسلية والدليل أنهن مثل أسراب الجراد يدخلن المحال التجارية ويخرجن منها بأيد خالية، مفيدا أن كراسي المساج التي تتوافر بكثرة في معظم الأسواق المركزية يتسابق عليها الأزواج والسائقين من الجنسيات الشرق آسيوية الذين يقطعون بها الوقت حتى وقت الخلاص وهي ما تكون غالباً عند إغلاق المحال ليلاً. أما محمد الأحمدي فيقول: التسوق بصحبة الزوجة مشروع فاشل بالنسبة إلي ودائما ما ينتهي بخلاف، لذلك أفضل شراء راحتي وترك أسرتي داخل السوق بصحبة ولدي الأكبر الذي أصبح لا يخفى تضجره وانزعاجه هو الآخر من مرافقة والدته للتسوق، ويتابع: النساء يعشقن الأسواق وهن يتمتعن بذلك على عكس الرجال، فتتنقل الزوجة من محل لآخر ويفقد الزوج السيطرة على هدوئه وتماسكه من كثرة التجوال، وعن رأيه في كراسي المساج المنتشرة في الأسواق قال الأحمدي وضعت تلك الكراسي لامتصاص توتر الأزواج الذين لا يطيقون قضاء الوقت في صخب الأسواق، مستدلاً على ذلك بأن العديد من مراكز التسوق توفر هذه الخدمة لمرتاديها مقابل مبالغ زهيدة، ولا تهدف من توفيرها للكسب المادي بقدر ما هو رفع مساحة قبول الرجال للوجود داخل المركز. وفي ذات السياق وصف (محمد الميمني) وهو مستثمر بأحد الأسواق المركزية بالمدينة (المولات الحديثة) تجربته في توفير كراسي المساج في أماكن متفرقة في السوق المركزي بالناجحة وذلك للإقبال الكبير الذي تشهده من قبل الأزواج المتسوقين، وقال في حديثه ل"الوطن": بحسب تجربتي فهي المكان المفضل للرجال المتسوقين، ولم يخف الميمني رغبة أصحاب المحال التجارية ومطالباتهم بتوفير المزيد من تلك الكراسي بالقرب من محالهم التجارية كونها مصدر جذب للعائلات اللتي تفضل التسوق دون الابتعاد عن رب الأسرة الذي يقضى أكثر وقته مسترخي على كراسي المساج، وأضاف أن المحال التجارية المجاورة لتلك الكراسي تعتبر الأوفر حظاً خاصة في نهاية العطلة الأسبوعية التي تشهد ازدحاماً كبيراً، ويرى ميمنى أن كراسي الاسترخاء تخفف من حدة توتر الأزواج وتجعلهم متسامحين أمام فواتير المشتريات الملتهبة. يذكر أن دراسات عديدة تطرقت لعادة التسوق عند المرأة منها دراسة على 839 سيدة كشفت أن حوالي 33% من النساء في السعودية يتسوقن أكثر من 5 مرات في الشهر الواحد، كما أظهرت دراسة أخرى أن غالبية الرجال لا يحبون التسوق مع زوجاتهم ويفضلون الجلوس في أحد المقاهي، انتظاراً لانتهاء الزوجة من متعة الشراء. وأيد تلك الدراسة الدكتور عدنان جعفر آل حسن بقوله: معظم النساء السعوديات يتسوقن منفردات وبدون أزواجهن في الأسواق التقليدية وهو ما يفعلنه أيضاً في الأسواق النسائية حيث تشعر المرأة بالخصوصية وبالسهولة في التعامل مع البائعات من النساء مما يؤدي إلى زيادة مشترواتهن. وتوفر أجواء الترفيه ووسائله مثل (كافي شوب) والمطاعم ومسرح الأطفال وحضانة الأطفال الصغار للأمهات حرية التحرك والتسوق دون أي إزعاج، وكذلك تتمتع زائرات المجمّع بأجواء إبداعية بفضل التصاميم الجميلة والنوافير والألوان المنتقاة التي تجعل من التسوق راحة نفسية ممتعة. وردد آل حسن كلاما لمتخصص في علم النفس عن التسوق الذي وصفه ب"الحمى": أجل إنها "حمى التسوق"، حيث يقول "إن التهافت على المتاجر ليس مجرد تسلية، إنه استجابة لحاجة ملحة، استجابة تحقق لها الراحة". وأضاف: أعجبني اعتراف لإحدى النساء بأنها ضحية سهلة لأحابيل إعلانات التخفيض، وبريق واجهات المحلات، تقول هذه السيدة: عندما أكون قلقة ومتوترة فأول شيء أفكر فيه هو التجوال في المتاجر، حتى صار الأمر عندي مثل الإدمان.