يبدو أن التطورات التي حصلت في قاموس "المعايدة" احتفاءً بعيد الفطر المبارك، قد أخذت في السنوات الأربع الماضية، أشكالاً مختلفة من التهنئة بالعيد، فرسائل بعد أن ظلت رسائل ال"SMS"، هي المسيطرة في العيد السعيد، خلال تلك السنين الماضية، لتجد نفسها اليوم من بابي "الاضطرار والتجديد"، في ذيل القائمة، بعد أن دخل كأسلوب غير تقليدي ما يمكن أن يطلق عليه ب"المعايدة الصوتية". لا تتفاجأ حينما يصلك على برنامج الدردشة الهاتفية المجاني "الواتس أب"، مقطعاً صوتياً، يتراوح ما بين 20 إلى 60 ثانية كأقصى تقدير، من زميل أو صديق أو قريب، يهنئك بصوته ويذكر فيه اسمك بعيد الفطر المبارك. هشام الغامدي أحد الذين لجؤوا إلى فكرة "المعايدة الصوتية"، والاستغناء عن رسائل "SMS" بحد أقل ولكن ليس نهائياَ، ويشير في تعليقه إلى "الوطن" من أنه قبل حلول عيد الفطر بثلاثة أيام، كان قدم بتجهيز 30 رسالة صوتية لمجموعة من دائرة المقربين الذين تنوع ما بين "الأهل والأصدقاء". ردود الفعل أو انعكاس ما قام بإرساله الغامدي للمقربين منه، كانت "مدهشة" بحد وصفه، ويقول : "لم أكن أتوقع أن تكون ردة فعلهم بالشكل الذي أظهروه"، ويضيف: "البعض منهم قام بمهاتفتي فورياً وشكري على التهنئة الخاصة التي أرسلتها له، فيما آخرون قاموا برد التهنئة بالمثل، عبر تسجيل مقطع صوتي، ليعاد إرساله إليّ". الغامدي كنموذج برر استخدامه "المقاطع الصوتية"، لغرض رئيسي واحد يرتبط بانتدابه للعمل في وظيفته الرسمية خلال أيام العيد في أحد القطاعات الخاصة، والتي لن يستطيع مع دوامه بمعايدة كل دائرة المقربين أو حتى الأصدقاء. أما المتخصص في شبكات التواصل الاجتماعي بندر المتعب، فأكد أن وسائط التواصل الحديثة سمحت للكثيرين من أطياف المجتمع وخاصة الشباب دون السن ال35 عاماً بالابتكار والتجديد، نظير الإمكانات التقنية الهائلة التي وفرتها شركات صناعة الهواتف المحمولة أو ما تعرف ب"الهواتف الذكية"، وقال المتعب في سياق تعليقه: "إن المعايدة الصوتية، في طريق الإحلال للاستغناء عن الرسائل خلال السنوات القادمة". كما ركز المتعب على تطبيقات الدردشة الهاتفية، وخاصة "الواتس أب"، باعتباره أكثر وسائل التواصل بين السعوديين، التي كان لها الفضل التقني في رواج فكرة "المعايدة الصوتية"، كبادرة إلكترونية، تدخل ضمن قوائم "التهنئة بالعيد". إلا أن الباحث في علم الاجتماع سعد المحمدي، كان له رأي مختلف نوعاً ما ليس فقط من أصل فكرة "المعايدة الصوتية"، بل بالفجوة الاجتماعية من حيث التواصل فيما بينهم، موضحاً أن وسائط التواصل التي وفرتها التكنولوجيا الحديثة، لم تقرب بل باعدت في الناس من خلال مسيرة بناء العلاقات الاجتماعية القائمة في الأساس على "الاتصال المباشرة". وحذر المحمدي في تصريحه إلى "الوطن" من سيطرة تلك الوسائط على تغييب مفهوم مهم وهو ما يعرف ب"التفاعل الاجتماعي"، الذي يعد وفقاً له من أكثر المفاهيم انتشاراً في علم الاجتماع وعلم النفس على السواء، وهو الأساس في دراسة علم النفس الاجتماعي، الذي يتناول دراسة كيفية تفاعل الفرد في البيئة وما ينتج عن هذا التفاعل من قيم وعادات واتجاهات. ويمضي قائلاً: "تعددت وتباينت استخدامات التفاعل الاجتماعي، فهو مثل يستخدم كعملية (process) لأنه يتضمن نوعاً من النشاط الذي تستثيره حاجات معينة عند الإنسان، ومنها الحاجة إلى الانتماء والحاجة إلى الحب والحاجة إلى التقدير والنجاح". ويضيف في معرض تعليقه: "إن التفاعل الاجتماعي سلوك ظاهر لأنه يحوي التعبير اللفظي والحركات والإيماءات. وهو سلوك باطن لأنه يتضمن العمليات العقلية الأساسية كالإدراك والتذكر والتفكير والتخيل وجميع العمليات النفسية الأخرى".