يقول المفكر الأميركي فوكوياما في كتابه (نهاية التاريخ والإنسان الأخير) ليس المهم أن تفكر في كيفية توزيع الثروة ولكن المهم أن تفكر في إنتاجها. تشهد بعض الدول العربية ثورات واضطرابات ومشاكل سياسية، وإذا بحثنا عن السبب في حدوث تلك المشاكل السياسية لوجدنا أن العامل الاقتصادي هو السبب، فالكثير من الدول العربية تعيش في أزمات اقتصادية طاحنة متمثلة في فقر وبطالة وديون وتراجع نمو الدخل إلى غير ذلك. وإذا عدنا إلى عبارة فوكوياما لوجدناها تعطي صورة واضحة عما يمكن أن ينطبق على بعض الدول العربية التي تشهد أزمات اقتصادية والتي دخلت في اضطراب سياسي طويل أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وتداعياتها على نحو كبير بعدما كانت تعيش في وضع أفضل مما نشهده حاليا، ولقد ضرب فوكوياما مثالا مشابها لبعض حال الدول العربية الآن، فقال: لقد كان الاقتصاد الأرجنتيني عام 1913 في أوج قوته وأن دخل الفرد يعادل دخل الفرد السويسري اليوم، ولكن الوضع تبدل الآن بشكل جذري وذلك بسبب دخول النقابات والهيئات والجمعيات المختلفة في سلسلة من الإضرابات المتكررة والمتعاقبة التي تطالب برفع الأجور وزيادة الدعم مما عطل عجلة التطور والتقدم وارتفعت نسبة البطالة في البلد وزاد وضعه الاقتصادي سوءا بعدما دخل في تراكم الديون الناتج عن الاقتراض الخارجي وأصبح رهينة لمصالح المقرضين الذين ساهموا في نشر الفساد المالي داخل البلد. في واقعنا العربي انصب التركيز على توزيع الدخل أو الثروة بشكل عادل داخل البلد ومحاربة الفساد وهذا يعد مطلبا شرعيا، وهو سائد في الكثير من البلدان المتطورة والمتقدمة التي تمتلك قاعدة صناعية ثابتة ومسيطرة على السوق العالمي منذ زمن والتي تتعامل مع المشاكل السياسية بشكل مغاير لواقعنا، فهي تحلها بطريقة منظمة بعيدا عن الفوضى المستمرة التي تعطل كافة نواحي الإنتاج في البلد، فتخرج من المشكلة بأسلوب حضاري والذي يغيب عن حال بعض الدول العربية، والذي يرجع إلى الارتقاء بمستوى ثقافة الفرد التي تفتقد إلى العزيمة والإصرار والحماس والاعتماد على الذات والذي يقتله ويدمره في الوقت الحاضر الجو الإعلامي وحضوره ومدى تأثيره وتوجيهه لفكرنا ونمط وحياتنا وطريقة استهلاكنا مع التداعي الخطير في رسم الخطاب وتنوع الطرح المفتوح الذي سارع إليه الكثير من أجل الوصول إلى غاية تتركز في الشخصية التي ساهمت بدورها في تخدير المشهد بعبارات وكلمات تظل في تفسير مختلف بين طبقات المجتمع إلى زمن بدون أن تغير الواقع الاقتصادي المزري الذي تعيشه بعض الدول العربية الآن، فنلاحق على الأقل من سبقنا من النمور الآسيوية أو التنين الصيني القادم الذين يعتمدون على ما تنتجه أيديهم.