في كل عام، مع اقتراب شهر رمضان تتزايد أعداد المتسللين الذين يحاولون عبور الحدود جنوب المملكة، بل وتتغير في هذه الفترة نوعية المتسللين وفئاتهم العمرية. فمع اقتراب شهر رمضان، يرتفع عدد المتسللين من فئات الأطفال والنساء، خصوصاً الحوامل وكبار السن، لأن الهدف من عبور الحدود في هذه الفترة هو ممارسة التسول، لا سيما وأن شهر رمضان تكثر فيه التبرعات والصدقات. وتمكنت "الوطن" من كشف أهم الطرق التي يستخدمها المتسولون المتسللون، في غسيل أموال التسول، إذ يقومون نهاية كل يوم بتبديل العملات من فئة الريال وال5 ريالات بفئة ال 500 وال100 من المحال التجارية. كما رصدت "الوطن" الزيادة في عدد المتسللين بهدف التسول على الحدود وداخل عدد من مدن ومحافظات جازان، وكيف يعيشون حياتهم خلال شهر رمضان المبارك. تبديل "الغلة" في إحدى الصيدليات في محافظة أبوعريش، وبينما كانت "الوطن" موجودة فيها، دخل شخص رث الثياب حاملا كيسين من البلاستك ممتلئين بعملات سعودية من فئة الريال وال 5 ريالات، وقام بتبديلها من الصيدلية بعملة من فئة ال 500 ريال وال 100 ريال، ثم غادر الصيدلية في صمت. وبعد خروجه سألت "الوطن" عامل الصيدلية عن وضع هذا الشخص، فأجاب: إنه متسول ويأتي يوميا منذ بداية شهر رمضان إلى هنا لاستبدال العملة، ويستبدل في اليوم ما بين 2500 ريال و3000. وماذا يستفيد المتسول من تغيير فئة العملة؟ فأجاب العامل ضاحكا: "هو يستبدلها لكي لا تعرف بأنها أموال تسول إذا قبض عليه". عندها تتبعت "الوطن" المتسول فإذا به يدخل أحد المطاعم الفاخرة ويشتري عدة وجبات، ويحملها ويسير في شارع يؤدي إلى أطراف المدينة، ثم يسلك طريقاً رملياً تحيط به أشجار، وراح ينادي فخرجت 3 نسوة و5 أطفال يحملن كراتين فارغة. عشاء الطفلين وبالقرب من أحد المطاعم، التقت "الوطن" طفلاً يدعى "أحمد" في ال8 من عمره، يطلب نقوداً لكي يتناول وجبة العشاء. اقترحنا عليه بأن يتناول العشاء معنا داخل المطعم، فرد قائلاً إن "عمال المطعم لن يدعوني أدخل". فقلنا له: سندخلك نحن. فقال: إذن لن أدخل إلا بصحبة أخي الموجود قريبا منا بجانب أحد المحلات. وافقنا ونادى أخاه الذي يكبره بعامين ودخلنا المطعم، وكانا متعجبين من تصرفنا. وسألناهما عن وضعهما وكيف عبرا الحدود وكيف يعيشان هنا فقالا: نحن من قرية في محافظة حجة باليمن، وبعدما انتهى العام الدراسي، اتفق والدنا مع أحد أقاربنا على أن نسافر خلال الإجازة ورمضان إلى السعودية لممارسة التسول، وذلك مقابل مبلغ مادي وأن يتكفل قريبنا بنقلنا إلى الأراضى السعودية. وأضافا: نحن هنا منذ بداية شهر شعبان وسنغادر ليلة عيد الفطر. ولفت الطفلان إلى أن قريبهما شديد الرقابة عليهما، وفي آخر النهار يأخذ منهما ما جمعاه من التسول عندما يعود لأخذنا بعد ال10 ليلاً، ثم نذهب وننام في بناية تحت الإنشاء في أطراف المدينة. وبعد أن انتهينا من العشاء، سألنا الطفلين من نكون وماذا نريد، خصوصاً بعدما لاحظا الكاميرا مع المصور، فقلنا لهما إننا صحفيان، فأخذا يتوسلان لنا بأن لا ننشر صورهما. ولادة على الحدود والتقت "الوطن" بعدد من المتسللات اللاتي خاطرن بحياتهن، وصارعن ألم المخاض على الحدود، ومواجهة صعوبة الموقف وخطورته من أجل ممارسة حرفة التسول. وقالت المتسللة عيشة منصور عند سؤالها عن مخاطرتها بحياتها وحياة الطفل الذي كانت تحمله حديث الولادة، إنها سمعت من أفواه النساء اللاتي تسللن من بلادها للمملكة عن طريق جبل رازح، أنهن استفدن من التسول بأطفالهن الذين استخدمنهم كأداة في استعطاف السعوديين واستنزاف جيوبهم. وأكدت أنها تعمدت أن تتسلل بطفلها عبر عدة جبال يمنية وسعودية، لا مبالية بأن ذلك يهدد حياة طفلها. وتروي المتسللة فاطم عباس التي وضعت طفلها عمر على الحدود السعودية قصتها ل"الوطن"، وتقول: تسللت في الشهر التاسع من حملي وتنقلت مع مجموعات للتسلل عبر الحدود سيراً على الأقدام فيما كان بعضهم يركب حميراً. كنت أصارع أوجاع المخاض، وبعد دخولنا للحدود السعودية حان وقت ولادتي حيث تسبب صراخي في الولادة بوقوعنا أنا ومن معي من المتسللين رجالا ونساء، في قبضة دوريات حرس الحدود. وتابعت فاطم، قائلة: لن أنسى الدور الإنساني لحرس الحدود الذين أحاطوننا بغطاء واستعانوا بإحدى النساء المتسللات مثيلاتنا لتوليدنا وإنقاذنا من موت محقق، مقدمين لنا الضمادات والمشارط حرصا على سلامتنا وعندما استقرت حالتنا أعادونا إلى بلادنا. من جهة أخرى أشارت المتسللة شوعية حميدين إلى أن تسللها بمفردها أصبح إحدى الطرق التقليدية وأن المتصدقين السعوديين لا يعيرونها اهتماما وأنهم طالما نصحوها بالعمل في المنازل والرزق الكريم، معللة ذلك بأنها أجبرت على جلب أولاد أخيها الأربعة للتسلل برفقتها بعدما أغلقت مدارسهم بحلول الإجازة الصيفية. إحصاءات حرس الحدود وأوضح الناطق الإعلامي لحرس الحدود العميد عبدالله بن محفوظ أن حرس الحدود يقوم بجهد جبار على الحدود السعودية، وأن عملهم على مدار الساعة في جميع المراكز والقطاعات. وقال: تمكنت دوريات حرس الحدود من القبض على 210 آلاف و47 متسللاً العام الماضي ابتداء من تاريخ 1/1/1433ه إلى تاريخ 30/8/1434ه. كما تمكنت هذا العام من القبض على 125 ألفا و651 متسللا من تاريخ 1/1/1434 ه إلى تاريخ 30/6/1434ه.