"الأحمد"، "الطيب" شخصية تجلَّت أبعادها من خلال مواقفه، ودعواته المتكررة لنبذ الفرقة، والاحتكام إلى العقل، والحفاظ على هوية المجتمع وتماسكه.. جاء لمشيخة الأزهر تقديرا لدوره المعرفي والعلمي في نبذ التطرف والطائفية، إذ اعتبر مثالاً للوسطية وثقافة التسامح ولغة الحوار.. استطاع أن يكون امتداداً معرفياً حقيقياً لدور الأزهر الشريف. برؤيته المعتدلة للإسلام، وبثقافته المتعددة المشارب، ونبذه ثقافة العنف والترهيب، ومحاربته للتشدد الديني، منح أحمد الطيب جائزة الشيخ زايد للكتاب. الدور الريادي الذي تزعمه الأزهر متمثلاً في شخص الإمام الأكبر في المشهد الثقافي والسياسي والاجتماعي والديني والعلمي الذي قام به طوال السنة الماضية، بل منذ قيام ثورة 25 يناير كان له أثر بالغ في نفوس المصريين. لم يكن الدكتور الطيب شخصية سهلة التطويع رغم أنه عمل مع أكثر من نظام، وذلك لتميز أسلوبه الخاص في رؤية المسائل الحادثة.. امتلك نوعا من الخطاب الصادم للمغالين والمتطرفين الذين يقرؤون الإسلام من زوايا ضيقة لا تتيح لهم برؤية سماحة الدين واتساع أفقه. كان مفتي جمهورية مصر، ثم رئيسا لجامعة الأزهر، وهو عضو بمجمع البحوث الإسلامية، وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية وشيخ الطريقة الأحمدية خلفا لوالده مؤسس الطريقة بمحافظة بأسوان، كما يرأس لجنة حوار الأديان بالأزهر.. تنويري بطبعه، له العديد من الدراسات والأبحاث والمؤلفات في العقيدة والفلسفة الإسلامية، وكذلك ترجمات وتحقيقات لعدد من المؤلفات الفرنسية عن الفلسفة الإسلامية، حيث يتحدث اللغة الفرنسية والإنجليزية بطلاقة. منذ أن تقلد الإخوان حكم مصر سعوا إلى السيطرة على كل مفاصل الدولة، وبقيت العديد من المؤسسات عصية عليهم، ومن بينها "الأزهر" التي حاولوا بسط أيديهم عليها، لكنهم وجدوا شيخا يعرف كيف يدافع عن مواقفه التي تدعو إلى بقاء مؤسسته بمنأى عن سيطرة الجماعات وتجاذباتهم السياسية. حاول خصومه التخلص منه، فكانت حادثة تسمم بعض طلاب الأزهر التي وظفها أعداؤه، وخروج الطلاب في مظاهرة تطالب بإقالة الشيخ الطيب.. جاء الرفض من العلماء وجميع الحركات الوطنية.. ما حدث لطلاب المدينة الجامعية بالأزهر هو مخطط للإطاحة بالشيخ لرفضه تمرير مشروع الصكوك. هذا الدعم الشعبي يبرز المكانة التي يحظى بها الرجل، ويكشف تهاوي مؤامرات "الإخوان" التي تسعى إلى ضرب كل الخصوم وبكل الطرق من أجل السيطرة والتمكين. العديد من المواقف وسمت حياة الرجل "الطيب" وجعلته يلقى الاحترام الكبير.. شخصيته القوية تراعي دائما خصوصية المرحلة والدور الحقيقي المنوط بعلماء الأمة ومثقفيها. أشهر مواقفه في الفترة الماضية هو ما أسمعه للرئيس الإيراني أحمدي نجاد.. طالبه بعدم التدخل في شؤون دول الخليج.. وباحترام البحرين كدولة عربية شقيقة.. ورفض المد الشيعي في بلاد أهل السنة.. وشدد على رأيه العاقل بأن أوقفوا النزيف الدموي في سورية، لتخرج إلى بر الأمان. وأعطوا أهل السنة والجماعة في إيران حقوقهم الكاملة كمواطنين.. يبدو أن أحمد الطيب قد فتح بمواقفه الجريئة معارك متعددة.. في الداخل بسبب دفاعه عن رؤيته المعتدلة للإسلام، والفهم الوسطي له.. وفي الخارج بسبب وقوفه الصريح ضد هجمة دولة الملالي على البلدان العربية وخاصة الخليجية، وما يمثله ذلك من خطر على دول المنطقة.