ملامحه الجادة لا تشي أبدا بشخصيته المتواضعة، دائما ما يسقط قصص الماضي لمعالجة قضايا الحاضر، يتمتع بسرعة البديهة، ولا يتوانى عن الرد على أي سؤال مهما أحاط به من حرج. يفقه الناس بقضايا دينهم ب"الطرفة"، ويرفع من شعار "البشاشة نصف الضيافة" كأسلوب حياة. قد يعتقد البعض أن الحديث هنا عن شخصية تعتمد الأساليب الحديثة لمعالجة هموم الناس ومشاكلهم، ولكن الحقيقة هي لرمز من كبار علماء المملكة.. هو الشيخ الدكتور عبدالله المطلق، والذي يتحدر من قبيلة الدواسر، وخرج على الدنيا في قرية تدعى "الخرفة" تتبع لمحافظة الأفلاج (جنوب العاصمة الرياض). الشيخ المطلق، الذي يكمل هذه السنة عامه الستين، يعد من الشخصيات الدينية المنشغلة بهموم الناس، وبخاصة في "برامج الهواء" التي يظهر فيها إن سواء كان في الإعلام الرسمي أم بعض القنوات الدينية الممولة محليا. عُرف الشيخ المطلق في الأوساط السعودية بروحه الفكاهية العالية، وتحديدا في إجابات الأسئلة التي تتطلب ذلك، وهو دائما ما يسعى لمخاطبة الجمهور في برامجه التي يحل ضيفا عليها ب"يا أخواني.. ويا أخواتي"، منطلقا من إجابات الحالات الخاصة لإعطاء نصائح عامة زيادة في الفائدة ونشرا لمفاهيم "فقه الواقع". قاعدة عريضة من السعوديين، انشغلت في الآونة الأخيرة بتناقل الكثير من الفتاوى التي نسبت للشيخ المطلق، ويظهر في طابعها الطرفة، حتى بدأ البعض بإخراج فتاوى طريفة منسوبة للعالم الستيني لم تجر على لسانه، وهو ما قابله المطلق ب"الإنكار" على من يقوم بهذا الفعل. دائما ما يدخل مقدمو برامج الإفتاء التي يظهر فيها الشيخ المطلق وهو من مواليد عام 1374ه، وحصل في عمر الثلاثين على شهادة الدكتوراه من كلية الشريعة من قسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، في موجات من الضحك، حينما يبدأ الشيخ بإضفاء الطرفة على أجواء البرنامج من خلال إجاباته على المستفتين، وتحظى مقاطع الشيخ المطلق على اليوتيوب بمشاهدات عالية، وصل في أحدها لنصف مليون مشاهدة. مسيرة الشيخ المطلق العملية مليئة بالمحطات المهمة، وقد اختير مؤخرا إلى جانب عضويتيه في "هيئة كبار العلماء" و"اللجنة الدائمة للإفتاء"، للعمل كمستشار في الديوان الملكي، وقد بدأ حياته المهنية باحثاً بوزارة العدل ثم محاضراً في المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالرياض ثم وكيلاً للمعهد العالي للقضاء ثم رئيساً لقسم الدعوة والاحتساب بكلية الدعوة والإعلام ثم رئيساً للفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء. في إحدى المرات، حاول أحد المتصلين استصدار فتوى من الشيخ المطلق في أحد البرامج الجماهيرية تمنع العمالة من دخول المساجد في أوقات الظهيرة لوجود بعض الروائح الكريهة الصادرة منهم نتيجة عملهم تحت أشعة الشمس لساعات طويلة، فما كان من الشيخ المطلق إلا أن نهره على طرحه، مستعيدا ما كان عليه المجتمع السعودي قبل 50 عاما حيث لم يكن يعرف "الصابون" و"الشامبو"، على حد قوله، وكان الناس يسرحون خلف أغنامهم ومواشيهم، داعيا إلى أخذ العبرة والعظة من هذه المفارقة. للمطلق، نحو 9 مؤلفات، ركز فيها على "التحقيق في جرائم الأعراض"، "شهادة المرأة في القضاء"، "بيع المزاد"، "عقد التوريد"، "حسن الخاتمة"، "فقه السنة الميسر"، "المنح الشافيات في مفردات الإمام أحمد"، "زاد المريض"، و"الصكوك"، وغيرها. ولا يكاد يمر موسم حج، دون أن يكون الشيخ المطلق بإزاره وردائه بين حجاج البيت العتيق، يستوقفونه تارة، ويحيطون به تارة أخرى، وتبقى ابتسامة الشيخ المطلق "فتوى حاضرة" فوق أي أرض، وتحت كل سماء.