ساكنات الأربطة الخيرية منسيات من الأهل والأقارب، يجدن ضالتهن في صحبتهن، يعوضن نكران الأبناء وهجر الأصدقاء خلال هذا الشهر الفضيل باسترجاع الذكريات والعادات اللاتي كن يمارسنها في صباهن، خاصة الالتفاف حول سفرة إفطار رمضان. فالزائر للأربطة الخيرية في رمضان يلحظ تمسك الساكنات بالعادات والتقاليد التي تربين عليها، حيث تشير أم فيصل البالغة من العمر 80 عاما، والساكنة في رباط الولاية بحارة المظلوم بجدة، في حديث ل"الوطن" إلى أنها تتعاون مع زميلاتها في تجهيز وجبة الإفطار قبل أذان المغرب. وأضافت أنه يتم الاتفاق المسبق كل عام بين الساكنات على أن يكون الإفطار في ساحة الرباط عن طريق وضع سفرة تتسع للجميع. وأكدت أن تلك الخطوة تشعرهن بالسعادة والألفة فيما بينهن والشغف لحنين الماضي، حينما كن يقمن مع أبنائهن، لافتة إلى أنهن يجدن في بعضهن البعض السلوى. فيما تفيد المسنة فاطمة عبدالمجيد، البالغة من العمر 70 عاما، والمقيمة في رباط الولاية منذ ما يزيد على 15 عاما، بأن شهر رمضان في الأربطة يتسم بالبساطة وله نكهة أخرى عن كافة الشهور. ولفتت إلى أن بعض المحسنين يحرصون على إحضار وجبات الإفطار لهن خلال رمضان، متذكرة شهر رمضان قبل 60 عاما، حيث كان الأهالي يحملون القدور "الحلل" إلى النحاسين لتبييضها قبل قدوم رمضان. وذكرت أن الأسواق كانت تستعد بعرض السلع الرمضانية قبل رمضان بفترة، وكذلك المقاهي في منطقة البلد، التي كانت ملتقى للسمر. وأضافت أننا كنا نسمع صوت المدافع قبل الإفطار، مؤكدة أنهن يحرصن على إيجاد تلك الأجواء التي كن يعشنها مع ذويهن خلال رمضان، خاصة تجهيز بعض الأطباق الرمضانية كشوربة الحب والسمبوسة والفول والخبز الأسمر وبعض الأكلات الشعبية المقدمة من أهل الخير. ولفتت إلى أنه يتم تجميع وترتيب الأطباق قبل الإفطار على السفرة، ومن ثم نجلس بعد الإفطار لشرب الشاي والقهوة العربي ونتبادل أطراف الحديث حول الذكريات الرمضانية وقصص قديمة تختزنها الذاكرة أغلبها تبعث في نفوس الساكنات الدعابة والنكتة. وفي رباط المغربي تقيم المسنة عائشة محمد البالغة من العمر 80 عاما، حيث تشير إلى أن رباطها يختلف عن كافة الأربطة في جدة، حيث يتوفر لساكنته جميع الاحتياجات لإعداد وجبة الفطور والسحور. وأفادت بأن صاحب الرباط يبذل قصارى جهده لتوفير الاحتياجات والمستلزمات الرمضانية للساكنات، مؤكدة أنهن يتقربن من بعضهن البعض خلال رمضان ليشعرن بالدفء الأسري. من جهتها، أكدت مسؤولة العلاقات العامة والإعلام بجمعية الإحسان بمنطقة مكةالمكرمة حصة الغامدي أن الجمعية أنهت المسح الميداني لرباط الصالحين بجدة الواقع بحي العمارية. وبينت أن الجمعية تهدف من خلال هذا المسح استكمال مشروعها في حصر عدد الدور الإيوائية "الأربطة" الموجودة في مدينة جدة لعمل قاعدة بيانات متكاملة للساكنين والساكنات بها. ولفتت إلى أن هذا المسح يهدف تقديم الخدمات الطبية والاجتماعية وذلك من أجل الارتقاء بالخدمات المقدمة لهن والعمل على سد احتياجاتهن. وأضافت أن القسم النسائي بالجمعية نفذ المسح على رباط الصالحين مع فريق من المتطوعين الذين تم تأهليهم لهذا العمل من قبل الجمعية، حيث شمل المسح كل الجوانب الطبية منها والاجتماعية كما تم توزيع سلال غذائية للساكنين بمناسبة شهر رمضان المبارك. وأكدت أن الجمعية تهتم بكبار السن من الجنسين في أماكن وجودهم، وتسعى لتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية والترفيهية والتثقيفية لهم كما تعمل على تحسين حال الدور الإيوائية ورفع مستوى المعيشة فيها مع تقديم الخدمات للساكنين المحتاجين فيها، مشيرة إلى أن منطقة مكةالمكرمة تضم نحو 62 رباطا خيريا.