تمكن فريق بحثي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض من تحديد جينَين جديدين "مورثتين" يقفان خلف حالات قِصر النظر الشديد، وذلك عبر دراسة استغرقت سنتين باتباع أسلوب متطور في بحث مسببات الأمراض الشائعة. وقال كبير علماء الجينات ورئيس مختبر الوراثيات التطورية بالمستشفى التخصصي البروفيسور فوزان الكريع إن الفريق البحثي قام باستخدام أسلوب (النسخ المندلية) الذي يعتمد على دراسة حالات نادرة لعائلات ظهر لديها المرض نتيجة حدوث طفرة في جين واحد فقط، وهو مغاير للحالات الأخرى التي يظهر لديها المرض نتيجة مجموعة من الطفرات الجينية المختلفة التي تصعب دراستها. وأوضح أنه بعد بحث طويل تم العثور على 3 عائلات سعودية تعاني من قصر النظر نتيجة طفرة في جين واحد، وثبت بعد الدراسة أن المرض ناتج عن فقدان وظيفة جين (LRPAP1) الذي لم يكن معروفاً سابقاً إلا في مجال استقلاب الدهون، بينما أثبت الفريق البحثي لأول مرة، أن فقدان وظيفة هذا الجين يؤدي إلى حدوث قصر شديد في النظر. وأشار الكريع إلى أن الجين الثاني المسمى (CTSH)، والذي تم تحديد علاقته بقصر النظر الشديد، قد جرت دراسته على فئران التجارب من قبل باحثين في ألمانيا دون التوصل إلى نتائج محددة، بينما قام الفريق البحثي في المستشفى التخصصي بطلب عينات من عيون تلك الفئران التي فقدت وظيفة هذا الجين، وثبت بعد إجراء بعض الفحوصات على العينات أن لدى تلك الفئران قصر نظر شديدا، فتم ربط ذلك بحالة تمت دراستها مسبقاً لطفل سعودي يعاني من المرض ولديه نفس الخلل الجيني، وبالتالي تم علمياً تأكيد ارتباط فقدان وظيفة هذا الجين بقصر النظر. وأكد الكريع على الفائدة الكبيرة لمثل هذه الأبحاث، حيث تستطيع العائلات المصابة أن تستفيد من تقنيات تشخيص ما قبل الحمل أو التشخيص المبكر أثناء الحمل لتجنب ولادة أطفال مصابين بتلك الطفرة المرضية، وهو أمر مهم من الناحية الوقائية، أما من ناحية العلاج فالعمل مستمر للاستفادة من نتائج هذه الدراسة لابتكار أساليب علاجية جديدة لهذه الحالات. وأشار إلى أنه من الناحية العلمية فإن استخدام أسلوب (النسخ المندلية) لهذه الدراسة يعطي الباحثين حول العالم فرصة لدراسة الجانب الجيني لهذه الأمراض الشائعة باستخدام أساليب مختلفة عن تلك التقليدية. يذكر أن الفريق البحثي الذي يرأسه الدكتور فوزان الكريع مكون من الدكتور محمد الدهمش وعدد من أطباء العيون المتعاونين كالدكتور عارف خان والدكتور هشام الكريع، وقد تم نشر الدراسة في المجلة الأميركية للوراثة البشرية مؤخراً.