لم تعد الدقائق البسيطة كافية لكي تقطع بمركبتك 18 كلم تفصل قمة السودة عن مدينة أبها, فما شهده الطريق السياحي الرابط بين المتنزه الأول الأكثر جذبا للسياح والمدينة مساء أول من أمس حول الوقت القصير إلى ثلاث ساعات متواصلة, نظير الزحام الكبير الذي شهده الطريق للمركبات التي تحمل في متنها الآف العائلات والشباب الذين استمتعوا بأقل درجة حرارة على مستوى المملكة. ورغم الأجواء العليلة التي شهدتها سودة عسير طوال الأيام الماضية وزينتها موجة الأمطار والبرد التي غطت كامل مساحات حدودها وأضفت عليها مناظر خلابة إلا أن ضيق الطريق كان أبرز عوائق المتنزهين الذين يرون أن وضعه الحالي لا يخدم السياحة في المنطقة ولا يكفي لاستيعاب القادمين والمغادرين من وإلى السودة. يقول المصطاف أحمد عبدالرحمن الساعدي من دولة الكويت: "أزور منطقة عسير منذ قرابة 14 عاما, فهي المصيف الأول والأخير لي ولأسرتي، خاصة السودة التي نعتبرها جميعا مصيف الخليج الأول، وأجزم لو أنها منحت قليلاً من العناية الخاصة لأصبحت سويسرا الشرق الأوسط بكل امتياز". وأضاف الساعدي "ما يعيب السودة ويشوه جمالها طريقها الوحيد, فمن غير المعقول أن أبقى وأسرتي متوقفين في الطريق عدة ساعات من أجل الوصول لها أو العودة منها, أين التنظيم المروري للحد من قيادة البعض الارتجالية التي حولت الطريق إلى مسار واحد, وتسببت في مخالفة الأنظمة المرورية وضاعفت تكدس المركبات في الطريق". ويضيف السائح سعود عبدالله: "لأول مرة في حياتي أزور منطقة عسير, فقد كنت أسمع عن السودة كثيراً وكنت أشاهد في التلفزيون بعضا من اللقطات عنها، ولكن بعد مشاهدتي لها على أرض الواقع كان الأمر مختلفاً, وندمت على ضياع الكثير من رحلات السفر لمدن عالمية رغم أن ما نبحث عنه من أجواء عليلة موجود في السودة التي وهبها الله جمالا ساحراً, إلا أن أكثر ما يؤلمني أني من يومين أبحث عن شقة مفروشة أو منزل للإيجار بالسودة, ولم أجد واضطررت للسكن وعائلتي بأحد الفنادق بأبها, إضافة إلى سوء الطريق الذي يعاني التكدس والزحام ونوعا من الفوضى التي تنتظر التنظيم". أحد رجال الأعمال "طلب عدم ذكر اسمه" قال: إن سودة عسير تفتقر لعنصر هام من عناصر التنمية وهو الطرق, مضيفا لك أن تتخيل حالة طارئة تتطلب نقلها لمستشفى يستغرق ثلاث ساعات بسبب الزحام. إلى ذلك أكد الناطق الإعلامي لشرطة منطقة عسير العقيد عبدالله القرني أن الأعداد الكبيرة من السياح سبب هذا الازدحام، بالإضافة لعدم الالتزام باتجاهات الطريق المرورية, وبين بأنه تم إعداد خطة أمنية بمتابعة من أمير منطقة عسير نتج عنها انتشار قوة أمنية من رجال الأمن بمواقع المصطافين لتسهيل حركتهم. ويرى القرني بأن الحل الوحيد لفك الاختناقات والزحام هو ازدواجية طريق السودة، مبينا أن الخط الحالي لا يفي بالغرض, مشددا على أن موقع القرى السياحية التي تتواجد على جنبات الطريق غير مناسب لعدم وجود مواقف للسيارات وهذا ما خلق مشكلة إضافية يعاني منها المتنزهون ورواد متنزه السودة. من جهته أوضح العقاري يحيى شطوان أن نسبة الإسكان في السودة لهذا العام بلغ 100%, حيث تعد المرة الأولى التي يتضاعف عدد زوار السودة والباحثين عن سكن فيها وهو ما أجبر بعض الأهالي على استغلال الموسم وتأجير أجزاء من منازلهم لتحقيق عائد مجز من السياحة, ودعا شطوان إلى تنظيم حركة السير بما يتواكب مع وضع الطريق الحالي والعمل على المزيد من التوسعة مع نهاية موسم الصيف وحتى لا يحدث في الأعوام المقبلة كما حدث في صيف هذا العام.