تجدد التوتر الامني في جنوب لبنان أمس وتحديدا في مدينة صيدا، وقتل ستة عناصر من الجيش اللبناني في اشتباكات مع مسلحين من انصار رجل دين سني متشدد مناهض لحزب الله الشيعي، ما دفع الجيش الى التأكيد انه لن يسكت عما تعرض له. ونعت قيادة الجيش في بيان صادر عنها ضابطين واربعة عناصر قالت انهم «استشهدوا في عبرا»، ضاحية صيدا حيث تستمر المعارك العنيفة منذ بعد الظهر. وذكر مراسل وكالة فرانس برس وبعض السكان في المنطقة ان اصوات الانفجارات والنيران الرشاشة تسمع بغزارة، فيما تشاهد آليات الجيش تتنقل في ارجاء المدينة. وكان الجيش اللبناني اتهم «مجموعة مسلحة تابعة للشيخ أحمد الأسير ومن دون أي سبب بمهاجمة حاجز تابع للجيش اللبناني في بلدة عبرا - صيدا، ما أدى الى استشهاد ضابطين وأحد العسكريين واصابة عدد آخر بجروح بالاضافة الى تضرر عدد من الآليات العسكرية». واوضح مصدر امني محلي في جنوب لبنان لوكالة فرانس برس ان اشتباكات اندلعت بعد اشكال بين الجيش ومسلحين من جماعة الاسير نتيجة توقيف حاجز للجيش سيارة تقل اشخاصا من جماعة الاسير. وقال امجد الاسير، شقيق احمد الاسير، في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس مساء الاحد ان شقيقه «لم يغادر مقره في عبرا، وانه موجود في ارض المعركة الى جانب انصاره». واضاف، بينما كانت تسمع اصوات الانفجارات الى جانبه عبر الهاتف، «هناك قصف عشوائي علينا. الجيش يقف الى جانب حزب الله. سنقاوم الى آخر لحظة، وحتى آخر قطرة دم». ونزح العديد من الاهالي من المنطقة، بينما اختبأ آخرون في الطبقات السفلية من الابنية. واقفلت المحال التجارية في عبرا وفي صيدا، وشلت الحركة في الشوارع. ووقع الحادث في محيط مسجد بلال بن رباح الذي يؤم فيه الاسير الصلاة، والمحاط منذ اشهر بتدابير امنية مشددة على خلفية حوادث عدة تورط فيها الاسير وانصاره مع الجيش اللبناني، ومع انصار حزب الله الشيعي. واكد الجيش انه لن يسكت عن «التعرض له سياسيا وعسكريا»، وانه «سيضرب بيد من حديد من تسول له نفسه سفك دم الجيش». وقالت قيادة الجيش في بيان انها حاولت «منذ أشهر ابعاد لبنان عن الحوادث السورية»، و»عدم قمع المجموعة التابعة للشيخ أحمد الأسير في صيدا، حرصاً على احتواء الفتنة والرغبة بالسماح لأي طرف سياسي بالتحرك والعمل تحت سقف القانون»، لكن «ما حصل في صيدا اليوم فاق كل التوقعات»، معتبرة ان «الجيش استهدف بدم بارد وبنية مقصودة لإشعال فتيل التفجير في صيدا». وطلبت القيادة من «قيادات صيدا السياسية والروحية ومرجعياتها ونوابها» التعبير «عن موقفها علنا بصراحة تامة، فإما ان تكون الى جانب الجيش اللبناني لحماية المدينة وأهلها وسحب فتيل التفجير، واما ان تكون الى جانب مروجي الفتنة وقاتلي العسكريين». ولم يكن الاسير معروفا قبل نحو سنتين، لكنه برز الى الواجهة نتيجة مواقفه المعارضة للنظام السوري ولحزب الله الشيعي المتحالف معه. وقد اثار الاسير الاسبوع الماضي ضجة عندما بادر انصاره الى اطلاق نار على شقق قريبة من المسجد يقول الاسير ان سكانها هم مسلحون من حزب الله يقومون بمراقبته. وحصل تبادل اطلاق نار مع مسلحين من انصار حزب الله تسبب بمقتل رجل واصابة آخرين. ويتهم الاسير الجيش اللبناني بالتساهل مع حزب الله والتشدد مع انصاره. وتندرج هذه الاحداث ضمن سلسلة توترات امنية متنقلة بين المناطق اللبنانية منذ اشهر على خلفية النزاع السوري. وقد تصاعدت حدتها منذ الكشف عن مشاركة حزب الله في المعارك السورية الى جانب قوات النظام. وتتألف صيدا من غالبية سنية. وان كانت الشريحة الاكبر من سكانها مؤيدة اجمالا للزعيم السني سعد الحريري، فان سنة آخرين فيها يؤيدون حزب الله، ويتهمون تيار المستقبل برئاسة الحريري بالتعاطف مع الاسير. الا ان النائبة بهية الحريري من تيار المستقبل اعلنت بعد دقائق على صدور بيان الجيش تنديدها بالاعتداء الذي تعرض له الجيش، مؤكدة ان «ما حصل في صيدا تدمير للمدينة واهلها». ودعت الحريري سكان صيدا الى «رفع الصوت عاليا بوجه لعبة السلاح كل السلاح»، في اشارة الى سلاح الاسير اسوة بسلاح حزب الله الذي يطالب تيار المستقبل منذ سنوات بوضعه في تصرف الدولة. وقالت ان صيدا اختارت ان «تكون حرة ومساحة تلاق»، كما انها اختارت «الدولة ومؤسساتها الامنية والقضائية، وفي مقدمتها الجيش الوطني اللبناني». وبدا هذا التصريح اشارة واضحة الى التبرؤ من الاسير. في طرابلس، افاد مراسل فرانس برس ان مسلحين اشعلوا اطارات في عدد من الطرق وقطعوها تضامنا مع الاسير، في حين يجوب غيرهم الطرق بالسيارات مطلقين النار. واعلن وزير التربية اللبناني حسان دياب في اتصال هاتفي مع تلفزيون «ال بي سي» ان الامتحانات الرسمية التي كان يفترض ان تبدأ اليوم الاثنين في الجنوب للمرحلة المتوسطة، «ستؤجل في منطقة صيدا بسبب الاحداث الامنية».