كشفت تقارير أميركية وتحقيقات أجرتها كل من واشنطن وأنقرة وعواصم إقليمية عن تطبيق إيران لخطة معقدة للتدخل في الشؤون الداخلية اليمنية، بدأت منذ أكثر من عامين وتهدف لإرسال شحنات أسلحة لمتمردين يمنيين باستخدام سفن تركية وشركات تنتحل هوية تركية فيما هي في الواقع إيرانية. وقضت الخطة بإرسال شحنة كبيرة من مسدسات الصوت، لا قيمة لها عسكريا، عبر شركة تركية إلى اليمن وتسريب أنباء عن الشحنة ما استدعى اعتراضها. وبعد أن تبين أن المسدسات هي مجرد مسدسات صوت خففت حدة مراقبة الشحنات التي تخرج من تركيا. وكانت تلك العملية التي استخدمت كطريقة لخديعة الأجهزة التي تتعقب أية شحنات عسكرية لها صلة بإيران من قريب أو بعيد بمثابة ستار الدخان لإخفاء شحنة أكبر كثيرا من الأسلحة الحقيقية لليمن بعد ذلك. وتكررت العملية الخداعية عدة مرات عبر إخفاء مسدسات الصوت في علب مخصصة للحلوى مصدرة من تركيا كما لو كان الأمر يهدف إلى إخفاء تلك المسدسات رغم أن تصديرها من تركيا لا يحتاج لأي تصريح خاص إذ إنه قانوني تماما. وتكرر ضبط شحنات مسدسات الصوت عدة مرات بعد ذلك وهي شحنات كانت تذهب إلى اليمن عبر ميناء إقليمي. وبلغ مجموع "شحنات الخداع" أربع شحنات. وتم ضبطها جميعا إلا أن ما رافق ضبط تلك الشحنات لم يكن مفيدا في تضليل شحنات حقيقية شحنتها بعد ذلك شركات إيرانية تختفي خلف هوية تركية، بل تجاوزه لمحاولة تعكير العلاقات بين عدد من الدول الإقليمية وصنعاء عبر إثارة الشبهات في أنها تسلح المتمردين باليمن. إلا أن عددا من المحققين أشاروا إلى أن من المحتمل أن يكون المتمردون أعدوا لتعديل مسدسات الصوت بحيث يمكنها أن تطلق ذخائر حقيقية، واستثمروا سماح السلطات التركية بتصديرها لإمداد المتمردين بكمية كبيرة من الأسلحة الصغيرة. وكان الهدف الإيراني من توسعة رقعة التسلل لليمن هو تهديد استقرار دول الجزيرة العربية بصفة عامة فضلا عن مواجهة السلطات في اليمن. إلا أن الخديعة الإيرانية لم تسفر عن نتائج تذكر. ففي مطلع العام الماضي تم ضبط شحنة أسلحة حقيقية تحملها سفينة تركية تحمل اسم "جيهان 2" وهي في طريقها لليمن. ويعتقد المحققون الأميركيون أن عمليات تهريب مسدسات الصوت السابقة كانت تهدف للتغطية على تلك الشحنة الكبيرة بالذات. وكانت تلك الشحنة التي أحيطت الأممالمتحدة علما بها لتسجيل محاولات الحرس الثوري التدخل في دول المنطقة تكفي لقتل آلاف المواطنين اليمنيين. من جهة أخرى، شهد مؤتمر الحوار الوطني أمس خلافات جديدة على وقع نقاش تقرير فريق القضية الجنوبية، بعدما اشتبك ممثل عن حزب المؤتمر الشعبي العام وآخر ينتمي إلى مكون الحراك الجنوبي، مما دفع رئيس الجلسة إلى رفعها بعد فترة قليلة من بدئها. وكان ممثل حزب المؤتمر عادل الشجاع انتقد المطالبات بالانفصال من قبل بعض الأطراف المحسوبة على الحراك الجنوبي ودخل في اشتباك بالأيادي مع عضو الحراك فضل الجعدي. وحول التسوية السياسية، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يدعم التسوية في اليمن، وجدد التزامه بالوقوف إلى جانب السلطات السياسية في مساعيها لخلق مستقبل أفضل ومستدام لكافة المواطنين. وأوضح بيان صدر في ختام اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي حول اليمن عقد أمس في لوكسمبورج، أن الاتحاد الأوروبي مستعد لدعم انتخابات شاملة وموثوقة وشفافة في اليمن خلال المرحلة المقبلة، مؤكداً أهمية احترام الجداول الزمنية المتفق عليها لمؤتمر الحوار الوطني، والمنصوص عليها في المبادرة الخليجية للسماح بإجراء الاستفتاء متبوعاً بالانتخابات العامة. وجدد الاتحاد الأوروبي دعوته لجميع الأطراف اليمنية للمشاركة بشكل بناء في مؤتمر الحوار الوطني، الذي قال الاتحاد: "إنه يعتبر المنبر الوحيد والجامع لمعالجة المطالب المشروعة لجميع فئات الشعب اليمني بما في ذلك النساء والشباب"، معبراً عن قلقه البالغ من جميع الأعمال التي تهدف إلى تقويض وعرقلة وحرف مسار العملية الانتقالية، والتي تستغل العملية الانتقالية لمآرب حزبية، بما في ذلك مقاطعة مؤتمر الحوار الوطني والتدخلات من داخل وخارج اليمن وعدم الالتزام بالقرارات الرئاسية ذات الصلة وجميع أعمال العنف أو التحريض أو الاستفزاز بالعنف، كما دعا جميع الأطراف لدعم عملية انتقالية منظمة وسلمية في اليمن تحت قيادة الرئيس عبدربه منصور هادي. وأعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه جراء التوترات المتزايدة في الجنوب التي قال: "إنها تمثل تهديدا كبيرا لعملية الانتقال في اليمن واستقراره وسلامة أراضيه.. وحث بهذا الصدد كافة ممثلي الجنوب ذوي الصلة بالإسهام في إيجاد حل سلمي للصراع في إطار الحوار الوطني"، مطالباً ب"الحاجة لمزيد من الجهود نحو خلق بيئة مواتية للتسوية السياسية"، كما دعا السلطات لتنفيذ معايير بناء الثقة التي أشار إليها الرئيس هادي دون أي تأخير، بما في ذلك إطلاق المعتقلين السياسيين الجنوبيين والتأهيل الفوري للموظفين العسكريين والمدنيين في الجنوب.