سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تركيا .. غضب "متصاعد" يعم عشرات المدن الحكومة تعتذر عن سقوط جرحى * واشنطن تحث أنقرة على احترام حقوق المتظاهرين* متسللون يخترقون البريد الإلكتروني لمكتب إردوغان
دخلت موجة الاحتجاجات في تركيا أمس يومها السادس على التوالي، بعدما استخدمت الشرطة الغازات المسيلة للدموع لتفريق متظاهري الجمعة الماضي، الذين كانوا يحتجون سلميا على مخطط لإزالة حديقة عامة في إسطنبول، وتحولت فيما بعد إلى حركة احتجاج واسعة ضد سياسات الحكومة التركية، عمت عشرات المدن. وسقط قتيلان في المواجهات حسبما أعلن مسؤولون والفرق الطبية فيما أفادت مجموعات حقوقية عن إصابة الآلاف، بينما قدرت الحكومة عدد المصابين بنحو 300، وتجددت أعمال العنف في وقت باكر صباح أمس في عدد من المدن، إذ لم يمتثل المتظاهرون لدعوة الحكومة إلى وقف تحركهم فيما يشكل أكبر تحد يواجهه رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان منذ وصوله إلى السلطة قبل نحو 10 سنوات، واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع، وخراطيم المياه لتفريق مئات المتظاهرين، الذين تجاهلوا التحذيرات، ونزلوا إلى الشارع فجر أمس في كل من إسطنبولوأنقرة ومدينة هاتاي الجنوبية، حيث قتل متظاهر الاثنين الماضي. وفي أزمير "غرب" أوقفت الشرطة ما لا يقل عن 25 شخصا أمس، بتهمة بث تغريدات على موقع تويتر تتضمن "معلومات مضللة وكاذبة"، على ما ذكرت وكالة أنباء الأناضول الرسمية. شرعية التظاهر وكان نائب رئيس الحكومة بولند أرينج، اعترف الثلاثاء الماضي ب"شرعية" مطالب المتظاهرين، وقدم اعتذاره لسقوط جرحى، مبديا أسفه للاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة، وهي تصريحات تتناقض بشدة مع رفض إردوغان للمحتجين بوصفهم "لصوصا"، وتعليقات ربطت البعض "بالإرهاب". غير أن الاعتذار لم يخمد غضب المحتجين، الذين تجمعوا بالآلاف في ساحة تقسيم في إسطنبول لليوم السادس على التوالي أمس، متحدين إردوغان الذي وصفهم في وقت سابق بأنهم "متطرفون" و"مثيرو شغب". وهتفت الحشود "مثيرو الشغب هنا! أين طيب؟" وهم يتهمون إردوغان الذي فاز في ثلاثة انتخابات وطنية متتالية، بالسعي لأسلمة النظام في هذا البلد الذي تدين الغالبية العظمى من سكانه بالإسلام، غير أنه يعتمد نظاما علمانيا. وتجمع آلاف الأشخاص بدعوة من نقابتين كبيرتين بعد ظهر أمس في ساحة تقسيم بإسطنبول. وانضمت نقابتان بارزتان إلى المتظاهرين المطالبين باستقالة إردوغان في كل أنحاء تركيا، إذ لا يزال عشرات آلاف الأشخاص يتظاهرون. وغداة ليلة جديدة من التظاهرات وأعمال العنف، أعلن اتحاد نقابات القطاع العام واتحاد نقابات العمال الثوريين، اليساريان عن مسيرات احتجاج ظهر أمس واضرابات في كبرى مدن البلاد. مطالب المحتجين واجتاح المتظاهرون الذين انطلقوا من مكانين مختلفين، وهم يلوحون بأعلام حمراء أو بيضاء، ساحة تقسيم التي تشكل مركز الحركة الاحتجاجية التي تهز تركيا مطالبين باستقالة رئيس الحكومة. وردد المتظاهرون "تقسيم تقاوم والعمال وصلوا" و"طيب وصل المخربون!". كما تظاهر عشرة آلاف شخص، وضع بعضهم صورا لمصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة، في العاصمة أنقرة، رافعين أعلام تركيا. وقال المحتجون متوجهين إلى رئيس الحكومة إن "هذه الأمة لن تركع أمامك!". وطالبت جماعة تركية الحكومة أمس، بالتخلي عن تطوير حديقة جيزي بساحة تقسيم في إسطنبول، وأن تفصل مسؤولي الحكومة وقادة الشرطة الذين تحملهم الجماعة التي تنظم الاحتجاجات مسؤولية العنف الذي حدث خلال أيام من الاشتباكات في شتى أنحاء البلاد. وأبلغ أعضاء جماعة التضامن مع تقسيم الصحفيين بأنهم قدموا طلباتهم إلى نائب رئيس الوزراء بولنت أرينج، خلال اجتماع عقد في أنقرة. وتتضمن الطلبات أيضا الإفراج عن المحتجين المعتقلين، ووقف استخدام الشرطة للقنابل المسيلة للدموع ورفع القيود على حرية التعبير. اختراق بريد إردوغان وفي انتظار عودة إردوغان اليوم من زيارة رسمية إلى دول المغرب العربي، يبقى المحتجون مصممين أكثر من أي وقت مضى على إظهار قوتهم رغم "الاعتذارات" التي قدمها أرينج للمصابين ضحايا العنف الذي مارسته الشرطة في الأيام الماضية. وقال متسللون أمس، إنهم هاجموا أنظمة الحكومة التركية، وحصلوا على تفاصيل سرية عن موظفين في مكتب إردوغان تضامنا مع احتجاجات ضد الحكومة. وأكد مصدر في مكتب إردوغان أن حسابات البريد الإلكتروني الخاصة بموظفين اخترقت، وأضاف أنه تم فصل المتأثرين بهذا الاختراق عن الشبكة. وقال النشطاء الذين أطلقوا على أنفسهم اسم "انونيموس تركيا" في بيان عبر تويتر إنهم لم ينشروا أرقاما هاتفية، ولن ينشروا إلا كلمات السر المرتبطة بحسابات لا توجد بها معلومات سرية. الإفراج عن الموقوفين وقال الطالب المتظاهر كرم اليجيل "نريد اعتذارات من إردوغان. ونريد الإفراج عن كل الأشخاص الذين أوقفوا. ونريد استقالة حاكم إسطنبول وقائد الشرطة ورئيس الوزراء". وأضاف "نريد كل هذه الأمور، وبعد ذلك فقط سنفكر في وقف التظاهر". وكانت أعمال العنف تجددت في وقت باكر صباح أمس في تركيا، إذ لم يمتثل المتظاهرون لدعوة الحكومة إلى وقف تحركهم. واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع، وخراطيم المياه لتفريق مئات المتظاهرين الذين تجاهلوا التحذيرات ونزلوا إلى الشارع فجر أمس، في كل من إسطنبولوأنقرة ومدينة هاتاي الجنوبية، حيث قتل متظاهر شاب الاثنين الماضي. وكان أرينج قال الثلاثاء الماضي "أقدم اعتذاري للذين تعرضوا للعنف بسبب تعاطفهم مع البيئة" مستثنيا من اعتذاراته "مثيري الشغب الذين ألحقوا أضرارا في الشوارع وحاولوا إعاقة حرية الناس". وألقى اتحاد نقابات القطاع العام، إحدى أكبر النقابات المركزية في البلاد، بثقله أول من أمس في التحركات الاحتجاجية، معلنا عن إضراب ليومين تضامنا مع المتظاهرين. غير أن المتحدث باسم الاتحاد، باكي شينار، لم يأخذ بتصريحات أرينج المهادنة وقال: "هذه الاعتذارات ليست سوى محاولة للحد من الأضرار وفقط؛ لأنهم يعلمون أنهم في مأزق". قلق غربي وانضمت الأممالمتحدة إلى الولاياتالمتحدة وشركائها الغربيين الآخرين للتعبير عن قلقها للمعلومات الواردة بشأن أعمال عنف ترتكبها الشرطة، ودعت إلى تحقيق مستقل في هذه المسألة. وحث نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الحكومة التركية على احترام حقوق المعارضين السياسيين، مما يعكس المخاوف بشأن الاستقرار في تركيا عضو حلف شمال الأطلسي التي تقع بالشرق الأوسط. وقال بايدن: "لدى تركيا اليوم فرصة لإظهار أنه لا حاجة إلى الاختيار بين التقدم الاقتصادي والديموقراطية، النظام الذي يعطي السلطة للفائزين في الانتخابات ومع هذا فإنه يحمي أولئك الذين في المعارضة". وتعتبر تركيا التي يبلغ تعدادها 75 مليون نسمة حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة في المنطقة. وتتطلع تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الذي يفرض على الدول المرشحة لعضويته الالتزام بمعايير صارمة فيما يتعلق بحقوق الإنسان.