لم يتوقع المواطن نوح الحكمي ذو ال20 ربيعا ذات يوم أن استخراجه لرخصة القيادة سيكشف له عن منتحل ما لشخصيته على مدى ست سنوات بسبب فقدانه لهويته الوطنية. "الوطن" التقت ب"الحكمي" الذي روى المعاناة التي تعرض لها بسبب فقدان هويته عندما كان طالبا في المرحلة الثانوية مما دفعه إلى إبلاغ الجهات المعنية بفقدانها وإصدار نسخة أخرى منها من أحوال جازان وذلك في 1426 - تحتفظ "الوطن" بصورة من البلاغ -، ومرت الأيام وتعددت معها مطالب الحياة مما دفعه إلى التقديم لطلب إصدار رخصة قيادة لمرور جازان ولكنه تفاجأ أن عليه مخالفات مرورية بمبلغ يصل إلى أكثر من عشرة آلاف ريال سجلت في عدد من مناطق المملكة التي لم يسبق له زيارتها، وقدم حينها خطاب تظلم عن كل تلك المخالفات. لم يهنأ ل"نوح" البال بين تلك المخالفات ومن تسبب فيها مما دفعه إلى التقدم بشكوى لوزارة الداخلية وإمارة المنطقة، ومن ثم قامت الجهات المعنية بالتحري عن الشكوى والمتسبب، إذ تم القبض على منتحل لهويته وبحوزته البطاقة المفقودة وتم تحويله إلى فرع هيئة الرقابة والتحقيق بجازان، والتي أحالت المعاملة إلى المحكمة الإدارية بمنطقة عسير لحين استكمال الفصل في القضية للحق الخاص والعام من قبل المحكمة برقم 502 / 8 في 2 / 1 / 1431 وقد قامت باستدعاء المتهم عن طريق سجن جازان بأكثر من 3 خطابات استدعاء دون جدوى، وورد خطاب سجن جازان العام للمحكمة بأنه أطلق مشمولا بالعفو وحكمت المحكمة بانقضاء الدعوى. وعلم نوح من خلال متابعته لها بأن المنتحل اعترف بأنه قام بانتحال شخصيته مستخدما البطاقة المفقودة وأنه المتسبب في ارتكاب عدد من القضايا والمخالفات وقد قبض عليه في "قضية مخدرات" وتمت إحالته إلى إدارة مكافحة المخدرات بعسير ومن ثم أرسل إلى الأدلة الجنائية للتحقق من هويته ومطابقة بياناته الشخصية وأخذ بصماته لعرضه على القضاء وأودع في سجن عسير لقضاء المحكومية وأطلق بعدها وسلم الهوية المفقوده. وبين الحكمي بأنه من المؤسف خلال كل تلك الرحلة الطويلة، أنه لم يكتشف أي مسؤول في تلك الإدارات الحكومية والخاصة نسبة فارق الشبه بينه وبين المنتحل رغم أنه لم يقم بأي تعديل في الهوية، وقال: إدارة الأدلة الجنائية بمنطقة جازان قامت بتسجيل صحيفة سوابق أخرى عليه بأنه هو من قام بانتحال شخصية المتهم - تحتفظ "الوطن" باسمه -، وبأنني شملني العفو الملكي وتم إبعادي إلى بلادي وأنا سعودي الجنسية وتم تعديل ذلك الخطأ الذي وقعت فيه بعد اكتشافه، واكبها تفاعل وزارة الداخلية التي وجهت برفع جميع المخالفات التي سببها المنتحل ورفعي من قائمة الممنوعين من السفر والسوابق الجنائية وإسقاط اسمي من قائمة بيانات التأمينات الاجتماعية ومطالبة شركة الاتصالات بإسقاط رسوم الفواتير. ويصف الحكمي، بأنه لم يعلم حتى الآن إلى أين تتجه القضية وما هو التعويض الذي سيقدم له، مشيرا إلى أنه ونظرا لظروفه الخاصة أوكل محاميا لمتابعة القضية، إلا أنه لم يستطع تأمين أتعابه، مبينا أنه قبل ثلاثة أشهر زارت المنطقة لجنة مشكلة من وزارة الداخلية للتحقيق في مجريات القضية وتم استدعاؤه لمعرفة ما ترتب عليه من أضرار حيال القضية التي دمرت مستقبله وتشويه سمعته وصورته بأنه سجين مخدرات والتعميم باسمه على كافة الأجهزة التي كانت تستوقفه في كل مرة وحرمانه من الحصول على وظيفة ومنعه من الحصول على جواز سفر ورخصة قيادة والسفر خارج المملكة لإكمال دراسته وتسجيل تلك المخالفات المرورية باسمه، والمنع من تسجيل أي مركبة خاصة باسمه والمنع من استخراج هواتف اتصال طوال تلك السنوات، مطالبا بتعويض عن الأضرار النفسية والمادية التي واجهته طوال تلك الفترة. من جهته، أوضح المشرف على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بجازان الدكتور أحمد البهكلي ل"الوطن" أمس، أن المواطن نوح الحكمي تقدم بشكوى للفرع قبل عدة سنوات ولذلك نأخذ ونعتب على الجهات الحكومية التي قبلت استخدام هويته الشخصية من قبل المنتحل بدون التدقيق والبحث والتحري عنها رغم أن المواطن قد أبلغ عن فقدانها للجهات المعنية. وأكد البهكلي أنه إذا ثبت أن هناك سوء استخدام من الجهات الحكومية التي قبلت هذه الهوية فللمواطن الحق أن يتقدم بشكوى للمحكمة الإدارية ضد تلك الجهات ومقاضاتها ويجب أن يعوض لما لحقه من ضرر وكذلك أن يزال الضرر عنه على الفور. وطالب البهكلي المواطن نوح بمراجعة فرع الجمعية بالمنطقة لتجديد إجراءات الشكوى حتى تقوم الجمعية بدورها في متابعة القضية.