عيد الظفيري نحن في المملكة خلال السنوات الثلاث الماضية تحديدا، لم نعتد على الحديث عن الظواهر الإيجابية في مجتمعنا. والسبب فيما يبدو لي أن ثمة لبسا في العلاقة بين الوطنية والسلبيات، فالوطنية، بوصفها الوعاء الأكبر الذي تصب فيه قيم الولاء والانتماء، أصبحت من دون قصد محرضا على الغوص في أعماق السلبيات! البعض يعتقد أن واجبه الوطني يحتم عليه التركيز على مواطن الفساد والبؤر الملوثة، متناسيا في الوقت ذاته أن من حق وطنه عليه ألا يلتزم الحياد في أي تقدم يحرزه الوطن أو يحاول السعي إليه؛ لأن تعزيز المكتسبات الوطنية مهمة يشترك في أدائها الجميع بلا استثناء. خذ على سبيل المثال حينما يود المرء أن يصنع مستقبلا باهرا لأبنائه الصغار فهو بالتأكيد لن يكرس في أذهانهم ما سيواجهون من عقبات وعثرات، وإلا لجعل منهم وقودا لعوالم اليأس والإحباط ! فالإشارة إلى النهاية السعيدة هي ما تدفع المرء على البذل والعطاء وتجاوز العقبات الأخرى تلو الأخرى. إذاً لماذا يصر البعض على تجاهل كل تلك الحقائق والدوافع المعنوية في مسيرة البناء والتنمية؟ لماذا يظلمون وطنيتهم بعلاقة ملتبسة مع كل سلبية طارئة أو حتى مزمنة؟ لست من تلك الفئة المفرطة في التفاؤل، ولكنيّ على الأقل أؤمن تماما بأن المستقبل لا يصنعه المتشائمون. باختصار: الوطنية هي أن تشارك الوطن الإنجاز والإخفاق، لا أن تستميت في كشف العثرات والسلبيات وتتجاهل المنجزات والإيجابيات بذريعة البحث عن وطن لن تجده إلا في متون الكتب الأفلاطونية.