يسجل كتاب (ذاكرة الفواجع المنسية)، الحكايات الشعبية التي كان يرويها الأجداد والجدات المولعون بترديد الحكاية الواحدة عدة مرات، طبقا لمؤلفه محمد بن ربيع الغامدي، الذي أضاف: ربما يتخصص الواحد منهم في حكاية بعينها فتزين أسمارنا حين نسمعها بشغف، فهي مهيبة ولرواتها ذات الهيبة التي تجلل حكاياتهم، وتسجيلي لهذا الحكايات هو جزء من مشروع كبير، يشتمل على بقية فنون القول من شعر وسرد، إضافة إلى الموروث الشعبي في جوانبه التطبيقية وهو الموروث، الذي كان متداولا حتى أربعين سنة خلت في منطقة الباحة، التي كانت ريفا حقيقيا، فالأمثال العامية والحكايات والأشعار الشعبية كانت تمشي مع الناس جنبا إلى جنب، في المساريب والمجالس والحقول المسقوية والعثرية، وحتى في العمل وفي كل مكان، والقرى أيضا كانت حافلة برجالها الذين تقدمت بهم السن فزادتهم حكمة، كانوا جلساء المؤلف معظم الوقت، ورفاقه كل خميس، عندما يحملهم معه في الوانيت فيأخذهم إلى سوق خميس الباحة الأسبوعي يتبضعون منه حاجاتهم. في تلك الفترة – يقول المؤلف - نظم تعليم منطقة الباحة محاضرة حول الموروث الشعبي وطرائق مسرحته، ضمن محاضرات الدورة التي كانت تقيمها لصقل المشرفين على المسرح المدرسي، مما منحني فرصة للاقتراب الحميم من الناس البسطاء ومن موروثاتهم، فتكونت عندي تبعا لذلك مكتبتان: الأولى تضم الكتب التي تبحث في تاريخ المنطقة وموروثاتها الشعبية، ومناهج دراسته ووسائل توثيقه، والثانية تضم أوعية فيها كل ما يصلني من نصوص الموروث الشعبي، من مدونات أو تسجيلات أو تصاوير، وما هذه الحكايات إلا بعض ما حفظته أوعيتي تلك اخترت منها أربع عشرة حكاية منها (جبل قاف الجبل الذي كان هو الدنيا بأسرها، جبل نسران الذي كانت صغار النسور تضل طريق عودتها إليه، جبال الثور الممتدة من بلاد الترك حتى اليمن، اللومة الذهبية التي كانت تحرث بلاد زهران وغامد في ساعات، البنت السعلية التي صدم بها أهلها ثم لجأت إلى حيث السعالى في الغابة)، ثم ألحقت بها سيرتان شعبيتان هما: سيرة رأس الغول، الذي كان في جبل البلس بخثعم، وسيرة فتوح وادي السيسبان، وأفردت حيزا للنصوص مفرغة من أشرطة تسجيل بلهجات رواتها الأصليين. الكتاب نشرته خميسية الموكلي وطبعته دار أروقة للدراسات والنشر وجاء في200 صفحة من القطع المتوسط.