منذ فجر التاريخ والتواصل بين البشر يتخذ أشكالاً عدة تؤثر في الناس وتربط بعضهم ببعض، ومع مرور الوقت تطورت وسائل التواصل وازدادت قوةً وتأثيراً، وبدأ الناس يعتمدون على الإعلام بأشكاله المختلفة في معرفة الأخبار وتقصيها مع البحث في مصداقيتها من عدمه، وبرزت على السطح كثير من الوسائل الإعلامية التي يُعتمد عليها في كل صغيرةٍ وكبيرة، كما برزت أسماء كبيرة لصحفيين نذروا أنفسهم لمهنة الصحافة الشريفة؛ فبذلوا في سبيلها كثيراً من الوقت والجهد في تضحيةٍ بوقت العائلة والأعمال الخاصة الأخرى ليتفرغوا لعملهم بكل جد وإخلاص، فكلفوا أنفسهم عناءً كبيراً ليحصلوا على معلومة واحدة رغم مصاعب السفر والتنقل لتغطية الأخبار والتأكد من صحتها؛ فبرزت أسماء كتاب ومراسلين ومحرري صفحات في سماء الإعلام الحديث، ولا شك أن هذا العمل المضني المحفوف بكثير من الأخطار يبرز دور الإعلامي الصادق لاسيما حين يصطدم الصحفي بأنظمة بيروقراطية تهدد انتشار عمله، أو أشخاص متنفذين يقفون في وجه تقدمه بمعلومة صحيحة عن فساد جهاز أو مؤسسة ما، أو حتى أشخاص بأسمائهم مما قد يكلف الصحفي منصبه إن كان ذا منصب أو وظيفته، أو يحد من حريته في الكلمة. ولا شك أن الكلمة أمانة يأبى الصحفي الحر النزيه أن يتنازل عنها أو أن يتراجع في وجه من لا يرون فيه إلا مصدر ضجر وإزعاج لهم؛ فيسعون بكل وسيلة إلى تحييده أو الحد من سلطته، ويظهر جليا في عالمنا العربي أن مساحة حرية الكلمة لم تعد بالمستوى المطلوب، وتختلف من بلد إلى بلد، ومن هنا تبدأ معاناة الصحفي مما قد يكلفه كثيراً ويظل محاصراً بكثير من الصعوبات والعقبات. ومن هنا كان عمل الصحفي بين تلك الأخطار جهاداً بالكلمة قد يكلفه حريته أو حياته، ولا يخفى ما في عمل مراسلي الصحف اليوم من تعرض لأخطار كثيرة في أغلب بقاع العالم المتوترة أو المتفجرة؛ من عناء تغطية أحداثها، وهي في أغلبها فوهة بركان، ولا يخفى عدد المراسلين الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل نقل صورة واقعية عن معاناة المسلمين والعرب التي لا تنتهي، ولا شك أن تضحية مراسل صحيفة ما بحياته هي بحد ذاتها شهادة في سبيل الكلمة، وهي أجمل ما سطره المراسل بقلمه في الحياة أن وهبَ الكلمة َحياة ًأخرى.