دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وزراء الداخلية العرب الذي أنهوا اجتماعاتهم أمس في الرياض، إلى صياغة رؤية أمنية عربية شاملة في أفق مواجهة تتسم بالحكمة السياسية، فيما شدد على أن مواجهة التحديات المحيطة ب"الأمن العربي" تتطلب تشخيصا دقيقا لها، للوصول إلى تلك الرؤية القائمة على أساس متين من التعاطف بين أبناء الشعب الواحد، وشعورهم بالانتماء الوجداني والإنساني لأمتهم العربية، وتعاونهم مع أجهزة الأمن التي تعمل بكفاءة عالية من أجل سلامتهم، وتصديهم لمن يزرع الشكوك في أذهانهم تجاه مقومات أوطانهم ومرتكزات وحدتهم وتضامنهم. وأكد الملك عبدالله في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، والذي تم تنصيبه بإجماع عربي رئيسا فخريا لمجلس وزراء الداخلية العرب، على ضرورة أن تدرك الأجهزة الإعلامية العربية خطورة بث روح الفرقة والانقسام في الصف العربي، وأن "الفتنة" جريمة أشد من جريمة "القتل"، لافتا إلى أن المملكة تعمل لتعزيز مسيرة التعاون والتنسيق الأمني العربي المشترك في كافة المجالات، انطلاقا من ثوابتها الإسلامية والعربية، إذ تبنت العديد من المبادرات الأمنية، وأقرت عدداً من الاتفاقيات والاستراتيجيات، وأسهمت في تبادل المعلومات والخبرات الأمنية المتاحة، وساندت كل جهد عربي، أو إقليمي، أو دولي يهدف إلى مكافحة الجريمة بأشكالها المتعددة وفي مقدمتها جريمة "الإرهاب". وانعقد اجتماع وزراء الداخلية العرب، وسط تحذيرات من تنامي الدور الإيراني في بعض دول الإقليم، وتحديدا في اليمن والبحرين، في وقت وصف فيه الأمير محمد بن نايف الأمن في الخليج بأنه "أمن حذر"، مؤكدا أن تنظيم "القاعدة" في المملكة إلى "زوال". وأكدت الأردن أن حدودها مع سورية ستبقى "مفتوحة" رغم تزايد أعداد اللاجئين، في وقت أوضحت فيه صنعاء أن عمليات البحث عن الدبلوماسي المختطف عبدالله الخالدي لا تزال مستمرة. وقال وزير الداخلية اليمني اللواء عبد القادر محمد قحطان "لم نتوصل حتى الآن إلى نتائج جديدة حول الخالدي". ورأى أن المهاجرين غير الشرعيين من القرن الأفريقي "يشكلون مشكلة كبيرة"، مشيراً إلى أن "هدفهم هو الوصول إلى المملكة ودول مجاورة"، وأكد أن بلاده ترحل 100 مهاجر غير شرعي كل يومين. وفي شأن متصل أعلن مسؤول عراقي ل"الوطن" أمس، عن وجود زيارة مرتقبة لوكيل وزارة الداخلية السعودي للعراق لوضع نهاية لملف المعتقلين السعوديين في سجون بغداد. وقال الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية العراقية عدنان الأسدي، إنهم يترقبون زيارة ينتظر أن يقوم بها وكيل وزارة الداخلية السعودي للعراق لوضع اللمسات الأخيرة لتبادل النزلاء.
طرح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على طاولة وزراء الداخلية العرب، رؤيته لمستقبل الأمن العربي، والذي شدد على أهمية أن يكون شموليا في مواجهة التحديات، وأن يتحلى ب"الحكمة السياسية"، وذلك في الكلمة التي ألقاها وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف. وبالإجماع، نصب وزراء الداخلية العرب، الأمير محمد بن نايف، رئيسا فخريا لمجلسهم، وذلك بعد أن تقدمت المغرب بمبادرة في هذا الاتجاه، حظيت بإجماع كافة الدول المشاركة. وعقد وزراء الداخلية العرب أمس، أول اجتماعاتهم، عقب عاصفة الربيع العربي التي أطاحت بعدد من الحكومات. وسيطرت التهديدات الإيرانية في كل من اليمن والبحرين على المجتمعين. وافتتحت أعمال اجتماعات وزراء الداخلية العرب، بكلمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ألقاها الأمير محمد بن نايف في بداية الاجتماع، رحب بها بجميع وزراء الداخلية العرب في بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية، راجيا أن تكلل أعمال الدورة ال30 بالتوفيق والنجاح لما فيه خدمة الشعوب العربية وأمنها واستقرارها. ووصف خادم الحرمين الشريفين، التحديات التي تواجه الأمة العربية ب"الكثيرة والخطيرة"، والتي قال إنها تهدد أمنها ومسيرتها التنموية، والحضارية، والإنسانية". غير أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أكد ثقته بالله ثم بوعي الشعوب وإخلاص القائمين على أمن الأوطان العربية، من أنها سوف تحافظ على الأمن العربي، وهو الأمن الذي يقوم على أساس متين من التعاطف بين أبناء الشعب الواحد، وشعورهم بالانتماء الوجداني والإنساني لأمتهم العربية، وتعاونهم مع أجهزة الأمن التي تعمل بكفاءة عالية من أجل سلامتهم وتصديهم لمن يزرع الشكوك في أذهانهم تجاه مقومات أوطانهم ومرتكزات وحدتهم وتضامنهم". ووجه خادم الحرمين خطابه لوزراء الداخلية العرب، بالقول "إن مواجهة التحديات المحيطة بأمننا العربي تتطلب منا تشخيصاً دقيقاً لهذه التحديات وصولاً إلى صياغة رؤية أمنية عربية شاملة في أفق مواجهة تتسم بالحكمة السياسية، والالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية والقدرة على درء المخاطر، وإقرار النظام، وتقوية التماسك الاجتماعي، وتعزيز مسيرة التنمية، ودعم قدرات أجهزة الأمن وتضافر الجهود، وتطوير التنسيق الأمني المشترك، وتفعيل دور مؤسساتنا الدينية، والاجتماعية، والتعليمية، والتوجيهية.. وإدراك أجهزتنا الإعلامية العربية لخطورة بث روح الفرقة والانقسام في صفوفنا.. وأن الفتنة جريمة أشد من جريمة القتل .. وأن لهذه الوسائل دورا مهما في توحدنا في ظل ما يجمع بيننا من قيم خالدة، وتاريخ مشترك ومصير واحد". وأضاف "إن المملكة العربية السعودية من منطلق ثوابتها الإسلامية والعربية تعمل جاهدة من أجل تعزيز مسيرة التعاون والتنسيق الأمني العربي المشترك في كافة المجالات.. وتبنت في سبيل تحقيق ذلك العديد من المبادرات الأمنية، وأقرت عدداً من الاتفاقيات والاستراتيجيات بهذا الشأن.. وأسهمت في تبادل المعلومات والخبرات الأمنية المتاحة.. وساندت كل جهد عربي، أو إقليمي ، أو دولي يهدف إلى مكافحة الجريمة بأشكالها المتعددة وفي مقدمتها جريمة الإرهاب - آفة هذا العصر - وتحملت بكل عزيمة واقتدار مسؤوليتها في هذا الخصوص ودعمت كل ما يسهم في حفظ الأمن والسلم الدوليين". وختم خادم الحرمين كلمته بالقول "إننا نشكر ونقدر لمجلسكم جهوده المخلصة في خدمة أمننا العربي والذي كان لرئيسه الفخري أخي الأمير نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - إسهاماته الموفقة فيما تحقق لهذا المجلس من إنجازات أمنية متميزة داعين الله العلي القدير أن يجزل له الأجر والمثوبة فيما قدمه خدمة لدينه ووطنه وأمته". وشاركت غالبية الدول العربية بفاعلية في اجتماعات الرياض التي عقدت بالأمس، فيما لم تغب سوى سورية، نظرا لتعليق عضويتها في الجامعة العربية، فيما وصف الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد كومان اجتماعات الأمس بأنها الأولى من حيث زخم المشاركة منذ بدء أول اجتماع لمجلس وزراء الداخلية العرب. وشاركت في اجتماعات الرياض، وفود أمنية رفيعة، إضافة إلى ممثلين عن الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية واتحاد المغرب العربي وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والاتحاد الرياضي العربي للشرطة. وترأس الأمير محمد بن نايف اجتماعات الدورة ال30، بعد أن تسلم الرئاسة من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، رئيس الدورة ال29. وقال الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز في بداية الاجتماعات "أسأل الله عز وجل أن يوفقني في إدارة أعمال الدورة الحالية". المنامة، وفي كلمة وزير داخليتها الفريق الركن راشد بن عبدالله آل خليفة، دعت الدول العربية إلى المشاركة في اجتماعات وزراء الداخلية ل"موقف" يتجاوز الإدانة والاستنكار للتجاوزات الإيرانية على السيادة البحرينية، وخصوصا بعد أن ثبت تورط الحرس الثوري الإيراني في الخلية الإرهابية التي ضبطت أخيرا. وقال "لقد شهدت مملكة البحرين خلال الفترة الماضية أعمالا خطيرة منافية للقانون تمثلت في تخريب الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرق إلى استهداف رجال الأمن بمختلف الأسلحة مثل القنابل الحارقة والمتفجرات ورماية السهام والأسلحة الخفيفة، وهي أعمال تعدت مظاهر الشغب والعنف إلى أعمال توفرت فيها أركان الجريمة". وأشار وزير الداخلية البحريني إلى أن الأجهزة الأمنية تمكنت من ضبط خلية إرهابية بعد أن قامت بالتحري عن أعضائها وتنقلاتهم وأماكن تدريبهم على الأسلحة والمتفجرات، ومن خلال اعتراف أعضاء الخلية والأدلة المادية، فإنه يظهر بجلاء ضلوع الحرس الثوري الإيراني، وهو ما يعكس علاقة إيران بالتدخل في شأن الأمن الداخلي البحريني بهدف زعزعة الأمن والاستقرار، داعياً إلى موقف عربي يتجاوز الإدانة والاستنكار إلى اتخاذ التدابير الفعالة لحماية الأمن العربي والمتمثل في أمن الدول الأعضاء. وحذر وزير الداخلية البحريني من انشغال الدول العربية عن التنسيق الأمني فيما بينها، لافتا أن هذا الانشغال يعد سببا في تصدع الشبكة الأمنية العربية، مشيرا إلى أن من يفكر في زعزعة الأمن في البلدان العربية لا يأخذ بالاعتبار ردة فعل الدول العربية. من جهته، أطلع وزير الداخلية اليمني اللواء الدكتور عبدالقادر قحطان نظراءه العرب على التجاوزات الإيرانية والمحاولات المستمرة لطهران لتهريب الأسلحة إلى داخل اليمن. وقال "إن شحنة السلاح المضبوطة في المياه الإقليمية اليمنية كانت تخفي بداخلها 40 طنا من الأسلحة والمتفجرات من ضمنها صواريخ مضادة للطائرات".