على وقع المثل الشهير "ما حدني على المر إلا اللي أمر منه"، يجد المستهلكون ضالتهم في محلات "أبو ريالين"، والتي ازداد الإقبال عليها حتى أصبحت أسواقاً كبيرة تضم في جنباتها أنواعا كثيرة من المنتجات الاستهلاكية المقلدة وبأسعار مخفضة، بسبب ارتفاع الأسعار في المحلات الأخرى، فيما لا تخلو تلك المنتجات من الخطورة وسط غياب للرقابة التي تضمن صلاحية منتجاتها وسلامتها. وعلى الرغم من محدودية جودة منتجات محلات "أبو ريالين" وانعدام الثقة بمصادرها وخطورة بعضها، وارتفاع أسعارها عن الأسعار الحقيقية لها، إلا أنها دخلت في منافسة قوية مع المحلات الأخرى التي تضم ماركات عالمية بأسعار عالية الثمن أثقلت كاهل بعض الأسر، وذلك من خلال توفيرها كل ما تتطلبه الأسرة السعودية من مستلزمات بعد موجة الارتفاع التي افتعلها بعض أصحاب المحلات الأخرى، بسبب غياب الرقيب على التلاعب في عملية الأسعار، مما دفع كثيرين إلى الاتجاه إلى محلات أبو ريالين التي انتشرت بشكل كبير في كافة مدن ومحافظات المملكة، باعتبارها أقل أسعاراً وتفي بالغرض. وباتت المحلات التي تعرف وسط العائلات ب"أبو ريالين" ملاذاً لذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون توفير بعض المتطلبات الأسرية، وأصبحت متنفساً للكثير من الأسر لما تحتويه من معروضات وسلع بأسعار رخيصة، فيما لم يقف قصر العمر الزمني لهذه السلع وأنها مقلدة لماركات عالمية حاجزاً أمام العديد من الأسر للإقبال عليها وشراء احتياجاتها المنزلية منها بمبالغ بسيطة بعد أن أجبرتها المحلات الأخرى على هجرها بسبب أسعارها المرتفعة. بديل مناسب ورصدت "الوطن" خلال جولة استطلاعية على بعض محلات أبو ريالين إقبالاً كثيفاً، والتقت ببعض الزبائن الذين اعتادوا على التسوّق لأسرهم في تلك المحلات التي تنتشر في أنحاء المدينة.. يقول المواطن عبدالرحن الوائل "معلم" إنه يقوم بشراء بعض المستلزمات الأسرية لمنزله، والتي لا تحتوي على مواد حافظة كالكريمات والمعاجين ونحوها، وإن أكثر ما يحرص على شرائه بعض الأدوات المتعلقة بالدراسة كالدفاتر والأقلام والشنط وبعض الأقمشة التي تستخدم للتنظيف، وكذلك بعض ألعاب الأطفال. وأشار الوائل إلى أن ما يدفعه للتسوق في محلات أبو ريالين هروبه من جحيم الأسعار في المحلات الأخرى التي أدت بالكثير من الأسر إلى اللجوء إلى هذه المحلات، مضيفاً أن ما يميز محلات أبو ريالين هو أسعارها الثابتة التي تجعل إقبال جميع أفراد المجتمع عليها يتزايد، إضافة إلى انتشارها، رغم أن بعض السلع مقلدة ولا تستمر مدة طويلة، لكن هناك أشياء قد تكون ذات قيمة وتتوفر في محلات أخرى ولكنها بأسعار عالية، على خلاف محلات أبو ريالين. وشاطرت أم خالد "ربة منزل" الوائل رأيه حول محلات أبو ريالين، وما توفره من مستلزمات وأدوات استهلاكية بأسعار معقولة، مقارنة بالمحلات الأخرى التي يتلاعب أصحابها في عمليات الأسعار، وقالت إنها تحرص على شراء بعض المنظفات المتعلقة بالمنزل كأدوات النظافة مثل الصابون ومساحيق غسيل الملابس وغيرها، مؤكدةً أن هذه المنظفات لا تثير قلقها من ناحية المصدر، رغم أن سعرها يتجاوز الريالين إلا أنها تعتبر بقيمة مالية بسيطة مقارنة بالمحلات الأخرى. وتضيف أم خالد أنها تقوم بشراء بعض الزهور الصناعية وبعض اللوحات الجمالية واقتنائها في منزلها، وكذلك شراء بعض الهدايا كالتحف وغيرها لإهدائها لصديقاتها، مشيرة إلى أن الكثير من صديقاتها ممن تعرفهن أصبح حديثهن عن كل ما يتم عرضه في محلات أبو ريالين، بينما في السابق كان الحديث عن بعض المحلات التي تجلب الماركات من دول وأماكن بعيدة. إقبال متزايد ويقول محمد علي "مقيم آسيوي يعمل في محل أبو ريالين" إن المحل يشهد إقبالا متزايدا من قبل المتسوقين، وهو يحتوي على كل ما تتطلبه الأسرة، كأدوات التجميل والملابس والأدوات الكهربائية، وإن أسعارها لا تتغير، مؤكداً أن هناك بعض الأدوات المنزلية تتجاوز الريالين، ولكنها أقل سعراً من بعض محلات بيع الأجهزة الكهربائية الأخرى، وأنه يقوم أيضاً ببيع بعض ألعاب الأطفال والأدوات المدرسية. وأكد أن هناك أولياء أمور يقومون بشراء كل ما يتعلق بالمستلزمات المدرسية لأبنائهم وبناتهم من محله، نظراً لأسعاره التي تعتبر الأقل، إلا أنه قال إن اسم المحل الذي تتوشح به اللوحة الخارجية كثيرا ما يوقعهم في حرج مع بعض الزبائن الذين يظنون أن جميع ما يحتويه متجره من معروضات لا يتجاز سعرها الريالين، وهذا مفهوم خاطئ، فهناك سلع تتجاز الأربعين ريالاً، ولكن مع ذلك تعتبر أقل سعراً من المحلات الأخرى. مدارس تهتم مديرة إحدى المدارس - رفضت الإفصاح عن اسمها - أكدت أنها تتعامل مع محلات أبو ريالين في إقامة بعض الأنشطة المدرسية لتوفيرها عددا من أدوات الزينة وبعض الأقمشة مختلفة الألوان التي تستخدم في النشاط الطلابي للطالبات أو في المناسبات الوطنية، باعتبارها غير مكلفة وتستطيع أي طالبة أن تشتري منها، ولو كانت من ذوي الدخل المحدود. "الغذاء" والتجارة في المقابل، حمّل رئيس صحة البيئة بأمانة القصيم، الدكتور منصور المشيطي، المسؤولية على بعض الجهات المعنية، مثل هيئة الغذاء والدواء ووزارة التجارة، باعتبارهما تملكان صلاحيات أكثر من الأمانة في تتبع ما يتم عرضه في محلات أبو ريالين، مشيراً إلى أن دور الأمانة ممثلة في صحة البيئة ينحصر في تطبيق الاشتراطات الصحية على الوافد الذي يعمل في تلك المحلات، ومراقبة السلع ومدى صلاحيتها، وأن إدارته تقوم بتطبيق غرامات مالية على من يقومون ببيع منتجات مجهولة المصدر، باعتبارها ضارة بصحة الإنسان. وحذر المشيطي المواطنين من شراء بعض المعروضات التي تعتبر مجهولة المصدر، داعياً إياهم لتبليغ إدارته في حال قامت بعض المحلات ببيع هذه المنتجات، مشيراً إلى أن المواطن شريك وعين رقابية للأمانة في حال شاهد بعض التجاوزات في محلات أبو ريالين. القصيم تؤيد من جانبه، أوضح نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة القصيم، فهد العييري، في تصريح خاص إلى "الوطن" أنه يؤيد انتشار محلات أبو ريالين التي لا يكاد يخلو منها شارع في مدينة أو قرية في المملكة، وأصبحت تبيع سلعا متنوعة وكثيرة يدخل ضمنها ما هو متعلق بالسلامة كالأدوات الكهربائية مثل التوصيلات والأفياش والمصابيح المضيئة، ومنها ما هو متعلق بالصحة كالمعاجين والشامبوهات والكريمات بأنواعها المختلفة، وتابع "وهذه إذا لم تخضع لرقابة من قبل الجهات المعنية لمعرفة مصادرها قد تكون ضارة بالمستهلك، سواء بصحته، كتلك التي يستخدمها كالشامبوهات وغيرها، أو بممتلكاته كالأجهزة الكهربائية مجهولة الصنع". وأضاف العييري أن هذه المحلات أصبح يرتادها العديد من الناس، وأن انتشارها دليل على نجاحها، وقال "المؤسف أن أغلب ما يسيطر عليها العمالة الوافدة من جنسية معينة"، مشيراً إلى أن محلات أبو ريالين تسببت في العديد من الكوارث والحرائق من خلال استخدام توصيلات كهربائية غير آمنة وغير خاضعة للمواصفات، وتابع "ثبت أن الكثير من الذين استخدموا بعض أدوات التجميل والشامبوهات التي تباع في محلات أبو ريالين أصيبوا بتقرحات جلدية وسقوط لشعر الرأس". واستدرك العييري في ثنايا حديثه أن هناك معروضات آمنة في تلك المحلات كألعاب الأطفال التي ليس لها علاقة مباشرة بصحة الإنسان، داعيا إلى ضرورة تدخل وزارتي التجارة والصناعة والصحة بالمراقبة المباشرة على تلك المحلات وما يباع فيها، وحماية المواطن المستهلك مما قد يلحق به الضرر من وجود بعض المغريات في سعر المعروض، وقال إن السعر الرخيص في بعض السلع والمنتجات يجعل المستهلك يسقط التفكير في الصحة والسلامة تلقائياً.