انقسم المشهد المصري أمس على ذاته، إذ شهدت الميادين نمطين من المظاهرات، الأول مليونية للجماعة الإسلامية بميدان "النهضة" بالقرب من جامعة القاهرة، تحت عنوان "معا ضد العنف"، والثاني نظمته القوى الثورية في ميدان التحرير ومحيط القصر الرئاسي بالقبة، بعد أن نقل الرئيس محمد مرسي عمله إليه، إثر احتجاجات دموية أمام قصر الاتحادية خلال الأسابيع الماضية. وشارك في المظاهرات المعارضة عشرات الآلاف من أعضاء 38 حركة وائتلافا شبابيا، تحت شعار "كش ملك"، في إشارة إلى اعتقادهم بأن مظاهراتهم السابقة أمام الاتحادية أجبرته على نقل عمله لقصر القبة. في المقابل، أكد المتظاهرون الإسلاميون ضرورة أن يكون الصندوق الانتخابي هو السبيل إلى التغيير ونبذ العنف بصوره كافة، والتأكيد على حق الشهداء ومطالبة الشرطة بأداء واجبها دون أن يخل ذلك باحترام القانون، والتأكيد على أن الشريعة الإسلامية خط أحمر ومطالبة الرئيس محمد مرسي بالاهتمام بالفقراء وشباب الثورة، واستخدام القوة في تطبيق القانون للدفاع عن حقوق الإنسان. واتهم نائب رئيس حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، صفوت عبد الغني، أثناء مشاركته في مليونية "معا ضد العنف" أمس، جبهة الإنقاذ الوطني بأنها جبهة انقلاب. وهدد بأنه "لو تم الانقلاب على الشرعية سيحترق وأولهم جبهة الإنقاذ". وبدوره وصف القيادي بالجماعة الإسلامية، عبود الزمر جبهة الإنقاذ "بأنها فريق يرغب في تشكيل مجلس رئاسي، ولا يرغب في وجود مرسي، لذلك لجأت لصنع ارتباك في المشهد السياسي، يؤدي لاستقالة الرئيس أو الحكومة، ويشكلون بعده مجلسا رئاسيا لتغيير الدستور ثم إجراء انتخابات، وهذا لا تتحمله مصر". وتصعيد الجماعة الإسلامية لهجومها ضد جبهة الإنقاذ جاء على خلفية الدعوة التي يتبناها التيار الشعبي، الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي وعضو الجبهة، بتشكيل حكومة ظل برئاسة صباحي. من جانبه، قال المتحدث الرسمي لحزب التجمع نبيل زكي، إن الاتجاه العام داخل الحزب يدعو لمقاطعة انتخابات مجلس النواب المقبلة، بسبب رفضه قانون الانتخابات الذي أقره مجلس الشورى، مشيرا إلى أن القوى السياسية سبق ورفضت هذا القانون بعدما صيغ ليخدم مصالح جماعة الإخوان المسلمين، سواء في تقسيم الدوائر أو باقي أجزاء عملية الاقتراع، حسب قوله. وأشار زكي إلى أن دخول الانتخابات في ظل هذا القانون يعني أن القوى السياسية تعطي شرعية للنظام الباطل، باعتبار أنها تشاركه أفعاله ومن هنا كان خيار المقاطعة هو الأفضل. في سياق منفصل، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي مكرم محمد أحمد، إنه "لا يوجد داع لتدويل قضية قتل المتظاهرين ضد الرئيس مرسي ونظامه"، مضيفا أن "مصر يوجد لديها معارضة قوية ومطالب واضحة، والتدويل سيكون خطوة متعجلة، كما أن التدويل يعد إهانة للقضاء المصري، وهناك دلائل كثيرة تدل على أن القوى الوطنية قادرة على معالجة المشكلات، وآخرها موقف أمناء الشرطة الذين وقفوا في وجه النظام رافضين إطلاق النيران على المتظاهرين".