د. ناصر عبدالله الخرعان مدير عام العلاقات العامة بأمانة مجلس الوزراء منذ أيام قليلة مضت كان لي لقاء مطول مع الأميرة سميرة بنت عبدالله الفيصل الفرحان آل سعود رئيس مجلس إدارة جمعية أسر التوحد الخيرية، وعدد من أولياء الأمور لديهم أطفال يعانون من التوحد، وقد بثوا معاناتهم ومشاكلهم التي يعانون منها، وتذمروا من المبالغ التي أرهقت كواهلهم في الصرف على مثل هذه الحالات التي ابتلاهم الله بها، ولا ألومهم كآباء حينما يتكلمون في شفافية عالية، فقد قال أحدهم في سياق حديثه (إنني أشقى وأتعب وأبذل كل ما أملك من أجل علاج ابني كي لا يكبر وينظر إلي بنظرة ازدراء ويلقي اللوم علي فيقول إنني قصرت في علاجه!). ولا ألوم كثيرا الأسر التي تعاني من التعامل مع هذه الفئة من الأطفال التوحديين، فالقصور حاصل من الإعلام، ومن الجهات الخاصة التي تعنى بهذه الفئة كوزارات الصحة، والشؤون الاجتماعية، والتربية والتعليم، والثقافة والإعلام، كل حسب اختصاصه. والتوحد لا يقل شأنا عن أية فئة من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة التي يجب على الدولة والمجتمع بكافة أطيافه أن يقدموا له كل رعاية ودعم وبذل لانتشال فئة غالية على قلوبنا من الضياع. والتوحد في أبسط صوره كما عرفته جمعية أسر التوحد: (هو اضطراب نمائي ناتج عن خلل عصبي وظيفي في الدماغ يحدث في السنوات الأولى من العمر، ويظهر فيه الأطفال صعوبات في التواصل مع الآخرين، والتفاعل الاجتماعي، واللعب التخيلي، إضافة إلى بروز أنماط من السلوك غير المناسب). وكما عرفه منتدى أطفال الخليج لذوي الاحتياجات الخاصة بأن (التوحد) أو الاجترار أو الذاتية هي مصطلحات تستخدم في وصف حالة إعاقة من إعاقات النمو الشاملة. والتوحد نوع من الإعاقات التطورية سببها خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي (المخ) يتميز في توقف أو قصور في نمو الإدراك الحسي واللغوي وبالتالي القدرة على التواصل والتخاطب والتعلم والتفاعل الاجتماعي تصاحب هذه الأعراض نزعة انطوائية تعزل الطفل الذي يعاني منها عن وسطه المحيط بحيث يعيش منغلقا على نفسه لا يكاد يحس بما حوله وما يحيط به من أفراد أو أحداث أو ظواهر. ويصاحبه أيضا اندماج في حركات نمطية أو ثورات غضب كرد فعل لأي تغير في الروتين. ويمكن أن يحدث التوحد في مرحلة النمو بدءا من تكوين الجنين في رحم الأم وتبدأ ملامح ظهوره في الأشهر الثلاثين الأولى من عمر الطفل يصيب الذكور أكثر من الإناث بنسبة 4 -1. وتعتبر إعاقة التوحد من أكثر الإعاقات العقلية صعوبة وشدة من حيث تأثيرها على سلوك الفرد الذي يعاني منها وقابليته للتعلم أو التطبيع مع المجتمع أو التدريب أو الإعداد المهني أو تحقيق درجة ولو بسيطة من الاستقلال الاجتماعي والاقتصادي والقدرة على حماية الذات إلا بدرجة محدودة وبالنسبة لعدد محدود من الأطفال. هناك دارسة أجرتها جامعة الملك سعود عام 2010 تقول إن مجموع عدد الأبناء الذين يعانون من التوحد في المملكة 250 ألفا وأن الذين يعالجون في مراكز خارج المملكة 8400 وهؤلاء يعالجون في عدد من الدول العربية كمصر، والكويت، والأردن والإمارات، وذلك لعدم وجود مراكز متخصصة لإيواء مثلم هذه الفئة في المملكة. لذا فإنني أدعو وبصفة عاجلة إلى النظر في إنشاء أكثر من مركز متخصص لإيواء أطفال التوحد، فالمملكة لن تعجز بإذن الله عن إنشاء مراكز متخصصة تخدم هذه الفئة، لكي تنتهي معاناة هذه الأسر، وانتشالهم مما هم فيه من إعاقة. فأبناؤنا وللأسف يغردون خارج السرب بين عدد من الدول العربية، فهم أمانة في أعناقنا، وعلينا جميعا التكاتف لتأمين كل ما يحتاجون إليه.