يمضي اليوم ال11 على بدء قرار منع بيع الحطب والفحم المحلي وتسويقهما، محملاً بالمزيد من الصور المتباينة حول تطبيق القرار على أرض الواقع، إضافة إلى الجدل الذي أفرزه توقيته وآلية ذلك. ففي حين يتحدث بعض بائعي الحطب باستياء عن آلية القرار الذي اكتنف على بعض الأخطاء، بحسب وصفهم، يؤكد عدد من المواطنين أن القرار لا وجود له على أرض الواقع في بعض المدن، حيث تشهد بعض الأسواق استمرارا في بيع الحطب. اتفاق واختلاف وفي جولة ل"الوطن" على عدد من الأماكن والتي عادة ما يتواجد بها تجار وبائعو الحطب في تبوك، بدت تلك الأماكن خالية إلا من نزر قليل من الباعة الذين يمكثون لساعات قليلة لبيع حصادهم قبل مرور جولات المراقبة المتكررة عليهم، وعند سؤالنا لعدد من المارة وأصحاب المحلات المجاورة ذكروا خلوها من الباعة خلال فترة المنع الماضية. فيما أكد عدد من المواطنين الذين يقومون ببيع وشراء الحطب على بعض الأخطاء التي اكتنفت قرار منع بيع الحطب الذي صدر مؤخرا, رغم اتفاقهم على ضرورة الحد من قطع الشجر الأخضر وفرض العقوبات الصارمة على من يقوم بتلك المخالفة. وبالتوجه لمكان آخر لأخذ آراء المواطنين والباعة حول تداعيات القرار وآثاره على عملية البيع والشراء، ذكر المواطن عيد العطوي أن القرار عاد بآثار سلبية على من يبيع الحطب، مؤكدا في الوقت ذاته أن القرار لم يميز بين من يقتطع الشجر الأخضر واليابس، حيث إن القرار ألقى بسلبياته على الجميع. وفي حديث للعطوي حول الحلول الممكنة لهذه المشكلة، ذكر أنه يمكن منع وتغريم من يبيع الشجر الأخضر عن طريق دوريات تفتيش على الطرق السريعة ومداخل المدن ومن ثم إيقاف المخالفين وإيقاع الغرامات بحقهم ومصادرة بضائعهم. تناقص المعروض يرفع السعر وأشار العطوي إلى أن كميات الحطب المحلي في تناقص مستمر، وقال "بتنا نعتمد على بيع الحطب القديم لسد حاجة السوق". وعن إقبال الناس على شراء الحطب، ذكر العطوي أن السوق يشهد إقبالا ضعيفا من الزبائن على شراء الحطب في ظل ارتفاع الأسعار بسبب قلة المعروض التي تعتمد اعتمادا كاملا على الحطب المحلي، مردفا أن كميات الحطب المعروض في تناقص ونعتمد على بيع الحطب القديم لسد حاجة السوق. وفي حديث لعدد من الباعة حول الحطب المستورد وهل سيكون له دور في حل المشكلة القائمة، أوضح خالد علي أن الحطب المستورد غير موجود ولم يصل إلى السوق أي شيء منه حتى الآن، مشيرا إلى أنه يشك في جودة الحطب المستورد، حيث يتوقع الكثير من بائعي الحطب أنه لن يكون بديلا ناجحا للحطب المحلي، مبينا أنه مع الوقت سينعدم الحطب المحلي الموجود في السوق. وأضاف المواطن مسلم العطوي أن عددا ممن يبيعون الحطب رزقهم على هذه المهنة، ويرى أن القرار سيئ وسيتسبب بالفقر لعدد من الباعة، خصوصا من ليس لهم دخل غير هذا العمل. وأردف العطوي "أن شراء كميات الحطب ممن يجلبونه إلى أماكن البيع بأسعار تصل إلى الضعف عن السنوات السابقة اضطرنا إلى بيعه بسعر مرتفع"، ويضيف أن القرار تسبب في ضرر عليهم، وفي استغلال من أسماهم "بالجلابة" قرار المنع برفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، ويقول إن ما كنا نشتريه في السابق ب 800 ريال أصبح ب 1500 ريال. غياب المستورد وعبر المواطن الحسن البنا، والذي حضر لشراء الحطب، عن زيادة ارتفاع الحطب بقوله "الغلاء أهلكنا"، وعند سؤاله عن الحطب المستورد قال: أين هو؟ لا يوجد في السوق إلا الحطب المحلي فقط، معقبا نتمنى أن يكون له دور في حل المشكلة القائمة. وتساءل المواطن عبدالرحيم البلوي عن حديث وزارة الزراعة عن إحلال الحطب البديل، مؤكداً بأنهم لم يشاهدوا أي حطب مستورد، وعند السؤال عنه يؤكد لهم الباعة عدم وجوده، وقال "كان الأولى توفير البديل قبل قرار المنع، ليكون تطبيق القرار بشكل صحيح". وأكد البلوي، أن القرار لم يراع ثقافة المجتمع وحرصهم على الحطب، خصوصاً في فصل الشتاء، حيث كان القرار سيئ التوقيت، بحسب وصفه، مفترضاً أنه كان الأجدر إصداره خلال فصل الصيف، وقبل حلول الشتاء بوقت كاف. استمرار البيع ورغم التحذيرات التي أطلقتها وزارة الزراعة بهذا الخصوص؛ كان المشهد مختلفاً في نجران، حيث إن باعة الحطب ما زالوا يمارسون مهنتهم بأريحية تامة في غياب إدارة الزراعة التي حملت جهات أخرى تشترك معها مسؤولية عدم تطبيق القرار. ولم ترصد "الوطن" في جولة لها خلال اليومين الماضيين، في نجران، أي تغير ملحوظ حول هذا النشاط، إذ ما زال الحطابون يمارسون البيع في الأماكن العامة وكأن شيئا لم يكن، الأمر الذي أبدى معه العديد من المواطنين المهتمين في هذا المجال استياءهم من الوضع، حيث أشار المواطن زيد آل قريشة إلى أن ظاهرة الاحتطاب كان يمارسها الآباء والأجداد قديما لغرض التدفئة والطبخ لعدم وجود بديل ولكن الآن اختلف الوضع مع توافر مصادر الوقود المختلفة ولم يعد للاحتطاب ما يبرره، مبينا أنه لو كانت هناك عقوبات رادعة للمخالفين لما كان هناك هذا التسيب والمبالغة. غياب تضافر الجهود وكانت وزارة الزراعة أصدرت قرارا بمنع بيع الحطب والفحم المحلي وتسويقهما بجميع مناطق المملكة، ومصادرة ما هو موجود بالأسواق، حيث أكدت أنه سيقتصر الاستخدام في المملكة على المستورد فقط، وكشفت في تعميمها الموجه لإمارات المناطق، أن ضعف إجراءات الجهات الحكومية أخر العمل على تنفيذ منع الاحتطاب لهذه المدة، لافتة إلى أن تحديد موعد منع الاحتطاب بتاريخ 29 صفر العام الجاري، لتزامنه مع دخول فصل الشتاء الذي تنشط فيه ظاهرة الاحتطاب بشكل كبير، مشددة على ضرورة مصادرة ما هو موجود من المعروض بعد هذا التاريخ. واستند وزير الزراعة في تعميمه على وجود قرار سابق أعلن عنه من وزارة الداخلية يقضي بالتأكيد على إمارات المناطق على عدم السماح للسيارات التي تحمل الحطب إلا بإذن رسمي من الجهة المختصة، بالإضافة إلى منع بيع الحطب المحلي وبخاصة بنوعيه (الأرطى والغضا). من جهته، أكد مدير العلاقات العامة بالشؤون الزراعية بنجران مسفر بن حسين آل حشيش ل"الوطن" أمس، أن هناك جهات عدة تشترك مع الزراعة في تطبيق القرار ومنها الأمانات والبلديات وهيئة الحياة الفطرية، إضافة إلى الجهات الأمنية، مبينا أن البلديات يقع على عاتقها منح التراخيص للمحلات ونقاط البيع، فيما تختص الجهات الأمنية بالقبض على المخالفين، أما الزراعة فدورها رقابي إلى جانب متابعة وحراسة الغابات وتطبيق الغرامات على المخالفين وفق الأنظمة والتعليمات الصادرة بهذا الخصوص.