تبقى مشكلة سرقة الرمال في حاضرة الدمام وما جاورها مشكلة تؤرق بال أمانة المنطقة والسكان على حد سواء على خلفية آثارها السلبية على أكثر من صعيد، وما زال المشهد يتمثل في ملاحقة مستمرة لدوريات الأمانة مقابل قدرة فائقة على التنقل من قبل ممارسي هذه السرقات من موقع إلى آخر، ورغم أن غالبية المخالفين يكونون من العمالة إلا أن بعض المواطنين لهم يد في الأمر بشكل أو بآخر، وبطرق متعددة وهو ما يصعب التخلص من السرقات بالشكل الأمثل. "إنهم يأتون ليلا ويختارون مناطق بعينها في الحي ليحمّلوا منها الرمال قبل أن يغادروا بهدوء" هكذا يصف فيصل عبدالله ما يحدث في حي ضاحية الملك فهد بالدمام حيث يسكن ويرى ما تفعله الشاحنات في الحي البعيد عن الدمام، قبل أن يضيف قائلا: جلهم من العمالة الآسيوية، والملاحظ أنهم يعملون بلا خوف وبثقة، حتى أنا لم أتخذ أي موقف إيجابي تجاههم لم أكلمهم ولم أتصل بالجهات المعنية مثل الأمانة لأن الحقيقة أني لا أعرف أرقامهم وهو خطأ، أشعر ببعض المسؤولية ولكن الخطأ الأكبر على كفلائهم من المواطنين الذين سمحوا لهم بالعمل بمثل هذه الأعمال المشبوهة دون أدنى مسؤولية حيث اقتصر اهتمامهم بحصة شهرية يرميها عليهم هؤلاء العمالة وعلى حساب البلد وبشكل فوضوي، هنا تكون لغة العقوبات هي اللغة المفهومة لديهم خاصة لمن يكرر المخالفات منهم. وفي شاطئ نصف القمر حيث المكان المفضل لأهل المنطقة الشرقية لقضاء أوقات التنزه على البحر نجد أن يد سارقي الرمال وصلت هناك وبشكل أكبر على خلفية ما يضمه الشاطئ من كثبان رملية وبنفس سيناريو السرقة المعتاد، الزيارة ليلا بعد رحيل جل المتنزهين وبعد أن تغفل عين الرقيب، فتنساب الشاحنات على كبر حجمها بعدتها وعتادها من العمالة المخالفة لتنقل ما شاءت من تلك الرمال بعمل مستمر لا توقفه إلا الحملات التفتيشية التي تبقى قاصرة على الإحاطة بكل أنشطة هؤلاء المخالفين وتمرسهم في التعامل مع أي مستجدات تعكر صفو سرقاتهم، يتحدث عمر السالم وهو أحد المتنزهين في الشاطئ عن ذلك: في البداية كنت أظنهم يتبعون لإحدى مؤسسات المقاولات أو الجهات الحكومية إلا أنني عرفت بعد حين أنهم لصوص الرمال، أتعجب من تجرؤ مثل هؤلاء على الأنظمة وهو ما يعني إما ضعف العقوبات الرادعة أو وجود حماية من أطراف أخرى لها مصلحة في ما يحدث، أعتقد أن الأمر يرتبط بوعي قبل أن يكون قوانين مكتوبة على الورق لأن الخاسر هو البلد ومقدراته ومنها الرمال التي هي ثروة من ثروات البلد في النهاية. من جهتهم يعمد سارقو الرمال إلى تلك الممارسات بسبب العائد المجزي الذي تدره عليهم عملية نقل الرمال، حيث تنقل الرمال المطلوبة في سوق المقاولات وأعمال البناء إلى المحلات أو حتى المستهلكين مباشرة، إضافة إلى تجار السوق من العمالة غير النظامية التي تستطيع تصريف الكميات في السوق بطريقتها، يقول محيي الدين علي، ويعمل بائعا في محل بيع أدوات صحية، إن الكثير من هؤلاء يتركون أرقامهم لدى المحلات للاتصال بهم في حال توفر زبائن وهو ما يحدث بسبب كثرة الزبائن والطلب الكبير على الرمال، ويكفي أن نعرف أن حمولة الشاحنة الواحدة تبلغ 200 ريال مع متوسط يبلغ 10 حمولات يومية على الأقل للشاحنة ويصل إلى 20 في بعض المواسم أي أننا نتكلم عن دخل يصل إلى 120 ألف ريال في الشهر. من جهته علق الناطق الإعلامي لأمانة المنطقة الشرقية محمد الصفيان على الظاهرة في تصريحه ل"الوطن" قائلا: نعي واقع المشكلة والظاهرة المنتشرة ونعمل من جهتنا على بذل كل ما نستطيع لمنعها عبر حزمة من الأنظمة الرادعة حيث تستمر الحملات الميدانية التي تقوم بها الأمانة من حين لآخر تجاه هذه المخالفات مع ضبط المخالفين وسحب إقاماتهم، واحتجاز آلياتهم التي كانوا يستخدمونها لحين مراجعة كفلائهم، ومن ثم تطبيق لائحة الجزاءات النظامية على المخالفين، علما أن حملات الأمانة تجرى حتى في أوقات متأخرة من الليل وساعات الصباح الأولى، وختم الصفيان تصريحه بدعوته المواطنين إلى مزيد من الوعي والاهتمام ومساعدة الجهات الحكومية في مكافحة ظاهرة سرقة الرمال وغيرها في ظل توفير الأمانة العديد من قنوات الاتصال لاستقبال ملاحظات المواطنين وشكاواهم وفي مقدمتها رقم الأمانة 940.