رغم اجتهاد "بدرية" لتعلم إعداد الأطباق المفضلة الشعبية والأخرى الحديثة لزوجها، إلا أنه ما زال يفضل الوجبات التي تقدمها والدته، الأمر الذي يشعرها بالتقصير، وتوضح بدرية قائلة: "حتى في حال تناول وجبته في المنزل ومع أبنائه، فهو لا يأكل إلا كمية قليلة، ونعلم جميعا السبب، وهو ذهابه لتناول الطعام المفضل لديه عند والدته". وتابعت بدرية: "أبدا لا يمكنني أن أطلب من زوجي عدم زيارة والدته، ولا ألا يحبها، فالأم لا تعوَّض، مهما كانت الزوجة مثالية، غير أن ما يسبب لي الحزن والإحراج، هو ذلك الشعور بأنني مقصرة، خاصة أمام أبنائي بسبب تصرفات زوجي، رغم أنني أقضي الساعات الطوال في المطبخ، وضحيت بالوظيفة، حتى أخدم زوجي وأسرتي على أكمل وجه". واستطردت قائلة: "ما أزعجني في الفترة الأخيرة هو الاعتراف الصريح والعلني أمام جميع أفراد عائلتي بأنني مهما فعلت لا يمكن لي أن أرقى لذات المستوى الذي كانت والدته عليه، خاصة في إعداد الطعام، قد يكون كلامه واقعيا، لكن الأمر الذي يحيرني هو عدم احترام مشاعري كزوجة وأم". من جانب آخر تقول رفعة الحبلاني، وهي أم ولديها خمسة من الأبناء جميعهم متزوجون "لطالما نصحت أبنائي بالابتعاد عن تلك المقارنات التي قد تعكر صفو الحياة الزوجية، فللأم مكانتها وللزوجة أيضا، ومقارنة الزوجة بالأم أو العكس من الأمور التي يجب الابتعاد عنها في الحياة الزوجية". وتروي الحبلاني موقفا حدث لها مع زوجة ابنها الأوسط أحمد، والتي لا تجيد فنون الطبخ، قائلة "اعتدت على أن يجتمع جميع أبنائي على مائدة واحدة كل يوم جمعة، فبعد خروجهم من الصلاة يتوجهون وأسرهم إلى منزلي، وذات يوم بعد الانتهاء من الغداء مباشرة وعلى مرأى ومسمع من الجميع قال ابني الأوسط أحمد: "أتمنى أن تتعلم زوجتي من أمي فنون الطبخ، فهي لا تجيد سوى صنع المعجنات والحلويات". وأضافت الحبلاني: أن "تصرف ولدي لم يعجبني، رغم أن فيه مدح لي، لذلك أخبرته على الفور بأن ما تصنعه زوجته من الفطائر والحلويات لا يمكنني صنعها، فهو يحتاج إلى مهارة عالية، بعدها همست بأذنه قائلة: "احترم مشاعر زوجتك، فعندما كنت في مثل عمرها كنت لا أجيد حتى صنع الشاي والقهوة". من جانبها أكدت أخصائية علم الاجتماع عنود السالمي أن "تلك المقارنات كثيرا ما تعكر صفو الحياة بين الزوج وزوجته، وتؤدي بهما إلى مواقف قد تؤثر سلبا على علاقاتهما الزوجية". وتابعت قائلة: "وربما تؤدي المقارنات إلى أسوا من ذلك إذا لم يحاول كل طرف من ناحيته السيطرة على مشاعره، وعدم وضع حد لميزان المقارنة الذي قد يؤثر سلبا على الزوجة". وأكدت السالمي أن "مقارنة الزوجة بالأم، أو العكس، من الأمور التي تسيء لهذه ولتلك، فللأم شخصيتها وخصوصياتها، وللزوجة كذلك شخصيتها وخصوصياتها، ولكل واحدة أهميتها ومكانتها". وتقول أخصائية التربية الأسرية مسفرة الغامدي إن "المقارنة تصرف طبيعي عند الإنسان، وهي جزء من تكوينه النفسي، ولكن في حالة المقارنة بين الأم والزوجة تحديدا، فإن المطلوب من الزوج بدلا من أن يجعل من المقارنة أداة لتوتير النفوس، أن يستخدمها في توطيد العلاقات الأسرية بين الأم والزوجة بشكل غير مباشر، فيكون الثناء للطرفين دونما تفضيل طرف على الآخر، خاصة فيما يتعلق بالأمور الأسرية وبتدبير المنزل". ونصحت الغامدي الزوجات قائلة: إن "الزوجة يجب ألا تتأثر بتلك المقارنات، فالأم لها مكانتها، ولا يمكن لأحد أن يحل محلها في نظر الزوج، مثلما، للأم بالطبع مكانة خاصة لدى الزوجة، وبالتالي فتلك المقارنات إن ذكرت بقصد أو دونما أية قصد، لا يجب أن تؤثر على الزوجة الحكيمة".