ربما هي الخطوة الأولى التي تنتجها تركيا، ولكن بعيداً عن المحورين الدائمين في بناء العلاقات مع العرب وهما "السياسة والاقتصاد"، بل عبر المنظمات الثقافية والمدنية التركية التي تعتزم تنظيم أول ملتقى ثقافي مغاربي – تركي في تونس ما بين 21 – 26 فبراير المقبل. وبحسب المنظمين وهي الجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون، فإن الملتقى يهدف إلى المساهمة في تعزيز الشراكة الثقافية والعلمية والمدنية والإعلامية والشبابية وتبادل الخبرات بين بلدان المغرب العربي وتركيا. المشرف على الملتقى ورئيس الجميعة التركية الدكتور محمد العادل، نفى في حديثه إلى "الوطن" خلو الملتقى من "الأجندة السياسية والإيدلوجية"، قائلاً :" إنه يحمل بعداً حضارياً وعلمياً وثقافياً،وسيؤسس لحوار ثقافي مدني وحضاري بين النخب في المغرب العربي و تركيا". أما لماذا تونس؟ فيجيب العادل أنها "جاءت من باب تكريم أول ثورة عربية، التي عرفت بثورة الياسمين، بالإضافة إلى وجود عوامل مساندة لعقد الملتقى الثقافي، يرتبط بوجود "تقارب تركي – عربي"، كبير من جانب الطرفين، وبخاصة بعد مجيء حكومة العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان في نوفمبر 2002. رؤية أخرى أضافها المنظمون، جاءت بصيغة "القلقل المعرفي"، حول معيار التقارب الحالي بين العرب والأتراك، التي ما زالت متواضعة في خانتي "السياسي والاقتصادي"، دون حصول مفهوم تنموي شامل في ذلك – مع أهمية الجانبين السابقين -، التي تعد الثقافة والفنون والنواحي العلمية والحضارية مكونات رئيسة من حصول التنمية الشاملة. يحمل الملتقى بعداً مهماً آخرً يتعلق بأن القطيعة ما بين الأتراك والعرب عموماً، بدأت مع مشروع "الجمهورية التركية"، الذي حصل بعد سقوط الخلافة الإسلامية في 1924، وحتى ما قبل 2002، أي في حدود 78 عاماً،على مستوى الأصعدة المختلفة. ومن زاوية جانبية يرى العادل على محور الاتجاه التركي للمغرب العربي بدلاً من الشرق، بتأكيده أن منطقة الشرق الأوسط والمشرق العربي تحديداً نال نصيبه من اجتماعات التقارب، لكن العلاقة مع المغرب العربي لم تكن بذات المستوى المتصاعد، إلا أنه أوضح في السياق ذاته أن الخطوة المقبلة – والتي لم يدل فيها بأية تفاصيل- ستكون ملتقى ثقافيا خليجيا – تركيا، لاستكمال عناصر التقارب الحالية وبشكل قوي بين أنقرة ودول مجلس التعاون الخليجي. الملتقى الثقافي يأتي بالتعاون مع المنظمة العالمية للتعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي بتركيا والمنتدى المغاربي التركي للثقافة والعلوم وعدد من المنظمات والهيئات الثقافية والمدنية في تونس وبقية بلدان المغرب العربي. وينتظر أن يشارك في هذا الملتقى أكثر من 300 شخصية مغاربية و تركية يمثلون العديد من الهيئات الثقافية والأكاديمية والإعلامية والمدنية بالإضافة الى عدد من منظمات رجال وسيدات الأعمال لاسيما المعنيين بتشجيع القطاعات الصغرى والمتوسطة بما يساهم في تشغيل الشباب و تشجيعهم. ويؤكد المنظمون للملتقى أن جميع مناشط الملتقى ستبقى في الإطار الثقافي والمدني بما يحترم حق الإختلاف ومبدأ التنوع، وبعيدا عن أية تجاذبات أو حسابات سياسية أو أيديولوجية. و ستشتمل الفعاليات مناشط مختلفة، من أبرزها: ندوة حوارية حول سبل تعزيز الشراكة الثقافية بين المغرب العربي وتركيا، وحفلات موسيقية مغاربية - تركية، ومساحة لعرض المنتجات الفنية والثقافية للمشاركين ، وورشات عمل متخصصة منها: ورشة للمجتمع المدني والتنمية البشرية، وأخرى للثقافة والآداب والإعلام، وورشة للهيئات الأكاديمية والبحثية، وورشة لرجال وسيدات الأعمال، بالاضافة إلى جولات ثقافية إلى أبرز معالم تونس.