"أم الحدج"، قرية صغيرة في قلب واد شرق جدة، استقبلت مساءها ذات يوم الشهر الماضي بهدوئه المعتاد، ولكنها ما لبثت أن بدأت تستقبل كل ليلة هدير المعدات، وإضاءات فوانيس العاملين الذين اقتحموها عنوة، وشيدوا بها نحو 131 حوشا، يختفون عن الأنظار نهارا، ثم يعودون إلى العمل ليلا. وسعيا لكبح جماح من باتوا يعرفون ب"لصوص الأراضي"، رصدت لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات بمحافظة جدة تحركات "اللصوص"، ووثقت بالصور نشوء مدينة جديدة بالتعدي في قلب هذه القرية المنزوية، تمددت على مساحة تجاوزت 131 ألف متر مربع، موزعة على نحو 131 حوشا ظهرت أسوارها فوق الأرض فجأة. رئيس لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات بمحافظة جدة المهندس سمير باصبرين كشف ل "الوطن"، انتهاء لجنته من إزالة 131 حوشا بمنطقة "أم الحدج" شرق جدة بعد إنهاء كافة الإجراءات النظامية المعمول بها في اللجنة، تساندها شرطة البلدية، على مدى أسبوع كامل، وواجهت خلال أعمالها اعتراضات من قبل أشخاص، وتم التحفظ عليهم من قبل شرطة البلدية، تمهيدا للرفع بأوراقهم للجهات المختصة التي تتولى إحالتهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، وفقا لما ينص عليه النظام، وإيقاع العقوبات ضدهم. وأكد أن نظام اللجنة يقوم على إزالة التعدي في المرة الأولى، وفي حال اعترض المتعدي على الإزالة يتم تحويله لجهات الاختصاص وتعود اللجنة لإزالة التعدي؛ حيث يتم احتساب تكاليف الإزالة كاملة عليه، وأن اللجنة لم تعد تعتمد على تأشير المواقع المزالة في وقت سابق، كون اللجنة تعمل على رصد المواقع ورفعها مساحيا، وأخذ مصورات جوية وتوثيقية لها في أمانة جدة على أنها مواقع تعد. وشدد باصبرين على عدم تهاون اللجنة في محاربة التعدي على الأراضي الحكومية، وأنها تعمل على مدار الساعة لمراقبة كافة المواقع، سواء بفرقها الأرضية أو عن طريق صور الأقمار الصناعية وتقنية المصورات الجوية لدى أمانة جدة، وتحذر في الوقت ذاته من التغرير بالمواطنين، وترويج المعتدين حججا وأوراقا يدعون من خلالها تملكهم لمثل هذه المواقع وهم يقصدون من ذلك التجارة وممارسة الغش والتدليس، وأن مثل هذه الوثائق لا تعتد بها اللجنة. وقال إن أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل ما زال يشدد على محاربة هذه الظاهرة، ودعم اللجنة بكوادر بشرية وآلية، واعتمد بناء 3 مقرات للجنة موزعة توزيعا جغرافيا من أقصى الحدود الإدارية للمحافظة شمالا حتى أقصى جنوبها، إضافة إلى بناء مقر رئيسي لها في شارع التحلية، لمساعدتها على إنجاز مهامها، ورغبته في عدم السماح بالتعدي على أراضي الدولة بشكل نهائي، لتفادي نشوء أحياء عشوائية جديدة تضاف إلى 55 حيا عشوائيا بمدينة جدة. وأكد باصبرين أن لجنته تتابع منذ أكثر من شهر نشوء هذه التعديات الكبيرة في منطقة "أم الحدج"، وأن معظم المتعدين يلجؤون للبناء ليلا، ويختفون نهارا، مشيرا إلى أن اللجنة بدأت بوضع علامات على المواقع التي طالها التعدي، وأنذرت المتعدين 3 مرات الشهر الماضي، وبعد انتهاء المدة المحددة، نفذت اللجنة قرار الإزالة الذي شمل نحو 131 حوشا أقيمت بالتعدي. وقال "ثبت للجنة عبر التقنيات الحديثة التي تملكها في تحديد المواقع وتعد أحد العوامل المساعدة لنجاح عمل وخطط اللجنة، والاستعانة بالمصورات الجوية القديمة والحديثة من قبل أمانة جدة، نشوء هذه المواقع بالتعدي، وعدم تملك أي متعد لما يثبت ملكيته شرعا، وعدم مراجعة أي منهم للجنة خلال المدة المحددة".