كشف أمين عام اللجنة الأولمبية السعودية، رئيس إدارة شؤون منتخبات كرة القدم محمد المسحل بشفافية تامة عن كثير من الإجابات التي تدور حولها الأسئلة في الساحة الرياضية، كاشفاً عن مشاكل الاتحادات الرياضية وأنه يعمل على حصرها على أن يعلنها بشكل رسمي عبر مؤتمر صحفي، مؤكداً أنه يحتاج إلى عام كامل لوضع الحلول المناسبة لحل هذه المشاكل. وكشف المسحل كثيراً مما يتعلق بكرة القدم السعودية، مؤكداً على عودتها إلى سابق عهدها شرط تنفيذ الخطة المتفق عليها دون تغيير أو تدخل في تفاصيلها، مبيناً خلال حديثه ل"الوطن" حاجته إلى 8 سنوات من الآن لإعداد أبطال أولمبيين، وذلك في الحوار التالي: * توليت العام الماضي قيادة المنتخبات السعودية، والكل يجزم أن هناك عملا لكن دون نتائج؟ الجمهور السعودي والإعلاميون والنقاد والمتخصصون يرددون أن المنتخبات السعودية ومنذ عام 2002 متراجعة نتائجياً ومتذبذبة أداء.. نحن بدأنا العمل منذ سنة فقط، فهل يعتقد أحد أننا خلال هذه الفترة القصيرة نستطيع إصلاح مشاكل 12سنة، خاصة على صعيد المنتخب الأول الذي يعد مقياس النجاح والفشل الأهم في نظر الجمهور العادي؟! فضلنا العمل بصمت بعيداً عن الأهواء والعاطفة. وأنا على يقين تام أن الجمهور لن يرضى حتى يشاهد منتخباً قوياً يقارع الكبار ويحقق البطولات. *إذن ما خطتكم لإصلاح الخلل؟ عملنا في خطين متوازيين، الأول التعاقد مع جهاز فني عالمي للإشراف على المنتخب الأول، والعمل وفق الإمكانات الفنية والمالية واللوجستية الموجودة، على أن يكون هذا الجهاز مطلعاً على خططنا التي نرسمها في القاعدة. وفي مسار آخر متواز عملنا على إصلاح القاعدة والفئات السنية من خلال تشكيل منتخبات متعددة ذات أهداف محددة ووضع برامج متكاملة لكل منتخب حتى وصولها للمنتخب الأول بغرض ضمان تدفق مستمر لعناصر مميزة للمنتخب الأول الذي سيكون دائماً حكراً على الأفضل. *نفهم من حديثك أن تركيزكم منصب على الفئات السنية؟ عندما بدأنا العمل في هذه الفئات خططنا أولاً للسيطرة كروياً في هذه الفئات على مستوى الخليج مع نهاية 2012 وفي وقت قصير حققنا ناشئين وشباب بطولات الخليج، وبعضها على مستوى العرب أيضاً، وأمامنا عمل كبير لوصول هؤلاء إلى المنتخب الأول، وهم في كامل جاهزيتهم. *أعلنت عن خطة طويلة المدى، ماذا تحمل وكم تحتاج من الوقت لتنفيذها؟ خططنا مقسمة لثلاث مراحل، الأولى التأهل لمونديال 2018 والثانية لمونديال 2022 والعبور لدوره الثاني، والثالثة التأهل لمونديال 2026 ومقارعة الكبار والوصول لنقطة أبعد.. هذه الخطط مبنية على عملنا في الفئات السنية التي تمثّل نواة المنتخب الأول بعد أن يتم تأسيسها بشكل صحيح في المراحل السنية والمشاركة بها في بطولات إقليمية وقارية وعالمية. *هناك تخوف أن تذهب كل الوعود مع خروجك من إدارة المنتخبات؟ النجاح لا يرتكز على اسم معين مهما كان الاسم، وسواء استمررت أم ابتعدت، فالخطة موجودة وأراهن على نجاحها متى تم العمل بتفاصيلها كاملة. *هل ريكارد هو من وضع الخطة للمنتخبات؟ ريكارد جزء هام من قسم التخطيط في إدارة المنتخبات، أما الأساس الذي بنيت عليه الخطة فنشأ بناءً على اجتماعاتنا الأولية مع خبراء ومدربين وعاملين سابقين في إدارة المنتخبات، أكدوا لنا وجود 3 مشاكل: الأولى التأسيس "صحياً وغذائياً ولياقياً وفكرياً"، الثانية قلة المحترفين والمهنيين العاملين في المجال الرياضي، فكثيرون منهم يعملون باجتهادات بدافع الحب وبخبرة غير مؤسسة، وثالثها تأثير الطرح الإعلامي غير المتخصص على الرأي العام الذي بدوره يؤثر على بعض القرارات الهامة.. يوجد لدينا فريقان إعلاميان، ينتهج الأول الإثارة وأحيانا السخرية والتندر، وهو نهج مطلوب، وطروحاته غير المتخصصة وأحياناً غير الموضوعية والمرتكزة على العاطفة والميول أو الاستهداف الشخصي يؤخذ بها بشكل كبير، والكارثة حينما تخلو الساحة لهذا الفريق ويصبح العنصر المؤثر، والكارثة الأكبر عندما يتدخل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في قرارات مهمة في الأندية أو المنتخبات، كالتأجيج لإقالة جهاز فني أو استبعاد لاعب أو تغيير قرار لجنة أو ما شابهها. أما الفريق الآخر للإعلاميين فهو المتخصص، وهو من ينهج أصحابه الطرح بمهنية وبأسلوب علمي وموضوعي، وهو نهج يجب أن يبنى عليه ويؤخذ برأيه وتشجيعه والاستفادة منه. *وماذا فعلتم حيال هذه المشاكل؟ حملنا مشاكلنا وذهبنا لهولندا وإسبانيا وإنجلترا وفرنسا واجتمعنا مع خبراء من دول أخرى أوروبية طلباً للنصيحة.. أخبرناهم أن هذا دورينا وعدد سكاننا وطقسنا وهذه إمكاناتنا و.. و..، وكان هناك شبه إجماع على أن لدينا 3 مشاكل أساسية، هي التي ذكرناها، كما تحدث أغلبهم أن لدينا مشكلة في موضوع الطقس حيث إن معدلات الحرارة والرطوبة العاليتين لا تمكن اللاعبين من العطاء خلال التمارين والمباريات، ولذلك، لا يستطيعون الوصول للمستوى اللياقي والبدني الذي يصله نظراؤهم في أوروبا وأستراليا واليابان. وعندما سألناهم عن الحلول أعلمونا بضرورة الاهتمام بالفئات السنية وتطويرها وإنشاء أكاديميات متخصصة وتنشيط دور الجامعات لتخريج المهنيين المتخصصين في الإدارات الرياضية، إضافة إلى تغطية الملاعب وتحسين طقسها الداخلي، وهو المشروع الذي نعمل عليه حالياً برئاسة الأمير نواف بن فيصل، حيث نعمل على تأسيس عمل احترافي لن تظهر نتائجه إلا بعد فترة من الزمن، وبإذن الله سيكون النجاح حليفه. *الاهتمام بالفئات السنية وتخريج الكوادر أمر ملموس، ولكن تغطية الملاعب؟ طالما وجدت نية صادقة لا توجد صعوبات.. هذا الموضوع يوليه الأمير نواف اهتماماً خاصاً ومباشراً، علماً أن تغطية الملاعب لن تكلف كثيراً والتبريد سهل بنظام Chiller System، وهو عبارة عن أنابيب يجري بها ماء مبرد ومن خلفها مراوح، وهو نظام معروف من شأنه أن يجعل درجة الحرارة في ملاعبنا بين ال25 وال29 درجة، وقد يكون هناك قريباً ملعب أو ملعبان (وليس أستادا) في كل مدينة بإذن الله حتى لو تم إنشاؤه من جديد وبأحجام صغيرة كما في أكاديمية "أسباير". *يتردد في الوسط الرياضي أن ريكارد متعالٍ ويرى أنه أكبر من الكرة السعودية؟ لا أعرف كيف حُكم عليه بذلك، أو حتّى ما يُقصد بهذا الوصف، ولا أعرف ما المطلوب من الرجل حتى لا يكون متعالياً؟ هل يريدونه أن يمشي حافي القدمين ليقال إنه متواضع، أم يقوم بمصافحة كل من يقابله في طريقه؟ الرجل يعمل ونحن نشاهد عمله عن قرب، ومسألة الحركات والإيماءات التي يطالب بها البعض المدرب على دكة الاحتياط، أمور لا علاقة لها بمهنية العمل. *لكن عمله غير مقنع لكثيرين حتى الآن، ولم تظهر له بصمة مع المنتخب؟ المتخصصون يدركون أن الرجل جاء في وقت تعيش فيه الكرة السعودية أوضاعاً سلبية للغاية، وهناك عدة عوامل لم تساعده على تحقيق طموحات الجماهير، لعل أولها أنه أتى إلى المنتخب وهو خارج من كبوات متتالية، وثانيها عدم تمكنه من الثبات على تشكيلة إلى الآن بسبب عدم استقرار تشكيلات الأندية الممولة للمنتخب، حيث كان يختار لاعباً ما وعندما يعود إلى ناديه تجده احتياطياً لعدة مباريات ولأسباب مختلفة مما يضطره للبحث عن لاعب آخر جاهز، وهذا حدث مع نصف لاعبي المنتخب، أضف إلى ذلك الضغوط الإعلامية والجماهيرية التي يعاني منها اللاعبون وقبلهم الجهازان الفني والإداري قبل وخلال معسكراتهم مع المنتخب. * والحل الأمثل برأيك؟ نحن متفائلون كثيراً ببطولة الخليج المقبلة في البحرين، خصوصاً بعد الوديات القوية التي لعبها المنتخب مع منتخبات إسبانيا والجابون والكونجو ومع الأرجنتين. وأعتقد أن بصمة رايكارد ستظهر بشكل كبير في هذه البطولة. * هل ترى مع كل هذه التجارب أن التصنيف 113عالمياً، مناسب للكرة السعودية؟ لن ننظر لهذا التصنيف إلا قبل البطولات الكبرى. ويجب أن يعرف الجميع أننا لا نعمل الآن لأجل تصنيف، بل لتحسين أداء المنتخب ولاعبيه بالاحتكاك بمنتخبات أفضل منّا، وأيضاً بتطعيمه بلاعبين شباب من الفئات السنية. ركزنا جهدنا عليها، لأنها ستعيدنا إلى ترتيب جيد في المستقبل. وهذا يحتاج إلى صبر وجهد كبيرين. نخطط الآن لتكون مسابقات تلك الفئات المحلية تخدم المنتخبات السنية التي ستشارك في البطولات الخليجية والعربية والقارية والعالمية. وبدأنا التنسيق مع لجنة المسابقات ورابطة الأندية المحترفة لفرض فئات عمرية محددة للأندية لخدمة المنتخبات حتى نتجنب السلبيات التي كانت تحدث سابقاً حتى لو اضطررنا إلى إقامة دوري جديد أو فتح أكاديميات أو مراكز تدريب في المناطق. * بالمناسبة لماذا لا تقام أكاديميات في مناطق تتوفر فيها مواهب تستحق الاهتمام؟ نخطط لإنشائها تحت إشراف إدارة المنتخبات في عدة مناطق، مثل جازان والأحساء ومكة التي تحتضن مواهب كبيرة تحتاج الصقل فقط، ونحتاج تعاون الأندية والغرف التجارية الصناعية والشركات الكبرى في تلك المناطق. *بحكم منصبك الجديد أميناً عاماً للجنة الأولمبية السعودية، كل الاتحادات تعاني من مشاكل كبيرة؟ صحيح، ومعرفتي حتّى الآن لا تتخطى 10% فقط من تلك المشاكل، وباتفاق مع الرئيس العام رئيس اللجنة الأولمبية، الأمير نواف بن فيصل سنخرج في مؤتمر صحفي خلال مدة شهرين، ربما تزيد أو تنقص، لإيضاح جميع المشاكل التي نعانيها، ونتوقع أن نحدد آلية لحلها خلال السنة الأولى. *البعض يرى أن وجود عناصر ليس لها علاقة باللعبة من بين تلك المشاكل؟ سيعاد تقييم العمل في كل الاتحادات. وأي شخص لا ينتمي للعبة كلاعب ذي إنجازات أو مستثمر محب أو متخصص تدريب أو تحكيم، سنقدم له الشكر على جهوده. *هل هناك شروط لمن يريد العمل في الاتحادات؟ ليست هي شروطا، ولكن أساسيات للعمل الناجح في أي اتحاد رياضي. وذكرتها باختصار في الإجابة السابقة.. من يرد أن يعمل في الاتحادات الرياضية كقيادي، يجب أن يكون متخصصاً في نفس اللعبة، أو أن يكون خبيراً فيها "درسها أكاديمياً أو بحث فيها" أو مستثمرا يصرف على اللعبة من باب المحبة أو الاستثمار.. غير هؤلاء من الصعب أن نراه في منصب قيادي لأي لعبة تريد أن تصل للإنجازات. *وماذا عن المشاكل المالية التي تعاني منها كل الاتحادات؟ يعمل الأمير نواف بن فيصل حالياً على تذليل كل الصعاب المالية، وسنرى الخير قريباً. *متى نرى نتائج وميداليات أولمبية للاتحادات السعودية؟ بدأنا للتو، ونحتاج سنة لحصر المشاكل ووضع الحلول، ونحتاج تأسيساً صحيحاً في كل الاتحادات. وأتوقع عدم تحقيق نتائج كبيرة في الأولمبياد المقبل، لأننا سنحاول صقل الموهبة الجاهزة الآن، لكن في أولمبياد 2020 سيشاهد الشارع الرياضي إنجازات أفضل مما تم إنجازه حتى الآن، وفي أكثر من اتحاد، لأننا سنؤسس منذ الآن للمواهب التي ستشارك في منافساته. *كيف ترى إهمال الألعاب المختلفة في معظم الأندية على حساب كرة القدم؟ ستعمل رعاية الشباب قريباً على إيجاد خطة لرفع مستوى الترشيد في الصرف المالي في الأندية، بوضع آليات للداخل والخارج لخزائن الأندية ليتم تخصيص مبالغ كافية للألعاب الأخرى، وسيراقب الأمر بدقة وستكون هناك حلول تدريجية جذرية لحث الأندية على الاهتمام بالألعاب أو البحث عن مستثمرين لكل لعبة. *هل هناك نية لإدخال الانتخابات للاتحادات الرياضية؟ أيضاً قريباً سنشاهد الانتخابات في كل اتحاد، أو تدريجياً على الأقل إلى أن يتم تعميمها. *هناك من يقترح أن تستلم بعض الوزارات بعض الاتحادات والصرف عليها لتحقيق نتائج أفضل؟ هذا غير منطقي، لأن الاتحادات الدولية لكل لعبة ترفض ذلك تماماً، حيث يشترط أن يكون الاتحاد مستقلاً حتى يعترف به دولياً، ولكن لا يمنع أن يكون هناك دعم مادي أو لوجستي أو معنوي من قبلها. *متى نشاهد بطلا أولمبيا يرأس الاتحادات الرياضية؟ سوف يتحقق ذلك قريباً بشرط أن يكون مؤهلا علمياً وإدارياً، وإن لم يتوفر ذلك فسيكون عضواً على أقل تقدير. *هناك مطالب بإنشاء كليات في الجامعات السعودية لتخريج أكاديميين رياضيين؟ نحن مع هذا التوجه. وأعتقد أن هناك جامعة أو جامعتين بادرتا لهذه الخطوة، وقد يتم التنسيق معهما مستقبلاً من أجل تحديد احتياجات الرياضة السعودية. * ماذا عن الأولمبياد المحلي الذي اعتمده الرئيس العام لرعاية الشباب على مستوى مناطق المملكة؟ لا أملك إجابة مفصلة الآن، ولكن باختصار سيكون أولمبيادا مفتوحا لكل الممارسين الألعاب الأولمبية، سواء التابعون للأندية أو المراكز أو الأكاديميات، أو حتى الأشخاص المستقلون. البداية ستكون بعمل تصفيات تدريجية لمدة عام أو عامين، ومن ثم التأهل لنهائيات يتم احتضانها بأكثر من مدينة، وما زالت الصورة غير واضحة إن كان سيسمح لغير السعوديين "المقيمين" أو حتى القادمين من الخارج بالمشاركة، وكلها أمور قيد الدراسة.. الفكرة بحاجة لميزانيات ضخمة ولقرار سيادي ليتم تنفيذها على أكمل وجه.