صدر عن دار جداول للنشر في بيروت كتاب "وحشة البئر" للقاص حسن دعبل. يروي فيه وبأسلوب قصته مع مرض اللوكيميا، من لحظة الاكتشاف وحتى الشفاء مروراً بكل تفاصيل الآلالم والمتاعب التي واجهها المؤلف بصلابة وقوة. من أجواء الكتاب، يقول دعبل: في كل ليلة أو صباح يلبسني، لم تذهب بي الأوقات بعيداً. ثوب يومي يتسّع لرحيل جسدي، وأنا أفكر بالموت الذي تراءى لي خلسةً – الآن ثانية- بعد غيبتي الأولى، شاخصاً جليلاً بأوجاعي، وهي تزداد في صراخي. تراءى لي بحسرة، ونزعة الروح وهي صامتة مخذولة موسومة بعذاب النشور والبعث والحساب. ألتفتُ ذات اليمين وذات الشمال، أبحث عن رقيب وشاهد ومشهود. إذاً هو الموت أقرب إليّ من حبل الوريد. وفي تلك الليلة المظلمة والموحشة ببردها، استسلمت مطروحاً ومهزوماً تحت شجرة أيامي. أترقب اللحظات بثقلها وهواجسها وغياب النوم وصرخات المفاصل والعظام. مطروحاً على ظهري- هكذا كانت نومتي-، أتقلب على الجنبين بألم وفزع وبُكاء. فيذهب النعاس ويجفو رمشة العين. مطروحاً بيأس وصراع داخل جسدي وهو ينحل. أجهل معالمه وعلمه وتحوله وتبدله. أجل كل شيء ببدني. أجهل نفسي ووساوسها، وهلعها، وجزع البين وأنا أتذكره، ومرارة الرحيل.