يرتكز معرض "جذور عربية" الذي يستضيفه متحف الفن الإسلامي في قطر على مرحلتين هامتين من مراحل التاريخ العلمي والثورة العلمية التي حدثت في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، حيث يقدم المعرض بعض إنجازات علماء مثل بويل وهالي وهيفيليوس التي أسهمت في إعلاء شأن مرحلة من أهم مراحل التاريخ العلمي التي طواها النسيان، طبقا لتأكيدات مديرة المتحف عائشة الخاطر ل " الوطن". المعرض الذي يختتم في يناير المقبل، احتوى على العديد من الأعمال الفنية، ومنها أعمال بانورامية لبعض المدن رسمت في بداية القرن الثامن عشر، وبعض الرسائل المكتوبة في تلك الحقبة، والخرائط المرسومة منتصف القرن السابع عشر، وبعض أغطية الوسائد المصنوعة من الحرير المخملي، ومراسلات العلماء حول الاستشارات في اللغة العربية، بالإضافة إلى بعض الآلات الإسلامية التي كانت تحدد القبلة والأسطرلاب والكتب، كما استعرض سيوفا أمبراطورية صنعت من الفولاذ في 1800م. الخاطر قالت ل " الوطن": إن المعرض صمم كي يلهم الأجيال القادمة ليكونوا من المفكرين، وإن الماضي ساد فيه الاحترام والتبادل بين الثقافات وهو ما يعمل المعرض على إحيائه من جديد من خلال إبراز نتاج بعض مفكري الماضي والحاضر، آملين بذلك تحفيز العقول وإعادة إحياء الاحترام الذي تستحقه هذه الثقافات. كما يذكر المعرض بالزمن الذي بذل فيه الغالي والنفيس من أجل تحقيق التبادل العلمي والثقافي، مقدما أعمالا كتبت بالحرف العربي الذي كان مهيمنا في الكتابة للغات العثمانية ( التركية القديمة) والفارسية والأوردية، ويكمن جمال تلك الفترة في الانفتاح والتسامح مع العلماء والمفكرين من أنحاء العالم على اختلاف الأديان من مسيحيين ومسلمين ويهود وبوذيين. رئيس مجلس أمناء هيئة متاحف قطر الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني ذكرت أن المعرض يسعى إلى الاحتفاء بفترة من فترات التاريخ التي ساد فيها الفكر الحر، وانطلقت الاختراعات بلا قيود، وسيطرت الرغبة بالمشاركة والتعاون بين الأمم دون اكتراث بالحدود والعوائق الجغرافية، في ذلك الوقت تم تذليل الصعوبات وتخطي الحواجز السياسية والعرقية والدينية في سبيل البحث عن الحقيقة العلمية الخالصة، لغاية تعريف العالم الإسلامي وغير الإسلامي بأن أهم علماء الغرب استوحوا معارفهم من أسلافهم المسلمين. المعرض بيّن أن العلماء الغربيين كانوا شديدي الاهتمام بعلوم الشرق ومعارفه وفلسفته، ساعين في كل مناسبة للحصول على المخطوطات العربية والفارسية وشدوا رحالهم إلى الشرق بل وتعلموا لغاته، وساعد حماسهم في إذكاء الثورة العلمية التي بدأت في القرن السابع عشر، ومهدت السبيل إلى التقدم التقني لعصرنا الحالي، فالمعروضات تروي حكاية الجذور المشتركة بين الشرق والغرب، كما كانت المناقشات الحية تلهب الاستكشافات في القرن السابع عشر، وتجسد ذلك في أحسن صورة في المناقشات المتعلقة بالمعارف العربية. ومع وصول الكتب المكتوبة بلغات الحرف العربي إلى الغرب كان ضروريا اكتشاف ما تحمله هذه الكتب من المعلومات، ومنه أقبل الكثير من العلماء على تعلم اللغات وترجموا العديد من الكتب وألفوا القواميس وكتب القواعد وتأسست كراسي جامعية للغة العربية في عدد من الجامعات العريقة مثل أكسفورد وكامبردج، كما أن تأثير الفلسفة الشرقية استمر طويلا، إذ إن العلاقة الرومانسية بين الشرق والغرب كانت ذات فوائد واسعة وطويلة المدى في العلوم والطب والثقافة، ولئن كان الإحساس بالاحترام المتبادل قد تضاءل في الآونة الأخيرة فإن تأثير تلك العلاقة في عالم اليوم ظل تأثيرا لا ينكر.