تضاربت مشاعر الشاب الأميركي مايكل بين الفرح والذهول، فهو لم يتمكن من إخفاء فرحه بمجيئه إلى الحج بما يحمله من معان سامية، كما بدا مذهولا بهذا المشهد الفريد: ملايين اتحدوا بالعبادة والزي والأسلوب. ومايكل ذو ال24 عاما الآتي من ولاية فرجينيا، يتحدث عن نفسه وعن أمثاله من الغربيين الذين أسلموا وجاؤوا يحجون للمرة الأولى، قائلا "لم نتوقع أن نعيش هذه الأيام المقدسة بطريقة واحدة مع إخواننا الآتين من كل بلاد العام على اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وألوانهم وأوضاعهم أيضا"، ويضيف "أشعرنا الحج بمعنى أن نكون جزءا من الأمة الإسلامية". "الحاج مايكل" الذي رفض التصوير، لن يغير اسمه ليحيا معه حياته الجديدة التي ولدت هنا في "منى"، بل سيحتفظ به لأن داعية فرنسيا قال له إن اسمك يعني في العربية ميخائيل، ولا داعي لتتخذ اسما بديلا. أما زميله الأسكتلندي فساق مثالا آخر ربط فيه بين التجمعات الأولمبيادية وبين اجتماع المسلمين لأداء الركن الخامس، قائلا "الأولمبياد تجمع ملايين البشر، إلا أن الحج يوحد تلك الملايين وهذا ما يجعله مدهشا ويدفع الناس إلى البحث والتعرف على الإسلام".
كادت مفردات اللغة الإنجليزية، التي لا يجيد سواها العشريني الأميركي مايكل؛ أن تتحول إلى لغة القرآن، وهو يتحدث عن الفرحة بمشاركته حياة ملايين المسلمين في "منى"، لتشكل في مخيلته مولدا جديدا يشعره بمعنى "الأمة". ويحكي مايكل "24 عاما" من ولاية فرجينيا بأميركا، كيف كان مشهد الحجيج، باختلاف أعراقهم وثقافاتهم، مذهلا له ولرفاقه من المسلمين الغربيين الجدد، والذين أتوا لأول مرة للحج، ليتعايشوا في أيامه المقدسة مع إخوتهم من كل بلدان العالم، ويقول "كان مشهدا مذهلا شعرت معه بحياة أخرى أشترك فيها مع ملايين المسلمين من كل بلاد العالم وبمختلف الثقافات واللغات والألوان أياما معدودة ونحن نمارس نفس العبادات ونتحد بالزي والأسلوب" مؤكدا بأن الحج أشعره بمعنى أن تكون جزءا ينضم ل"الأمة الإسلامية". كان مايكل، الذي دخل إلى الإسلام بعد نقاش مع أحد زملائه في الكلية، يبحث عن اسم آخر يعيش فيه بهذه الحياة الجديدة؛ قبل أن يؤكد له الداعية برنارد الفريد ماكسيم، الذي يرافقه في مخيمه بمشعر منى، أن تغيير الاسم ليس مهما إن كان يحمل معنى جيد، وقال له "اسمك مايكل ويعني ميخائيل لست مضطرا لتغييره". ويلتقط مسلم آخر من أسكتلندا الحديث مشيرا إلى أن دخوله للإسلام كان بعد إسلام والدته التي تعمل مديرة فندق، حيث كانت مهتمة بالبحث عن الدين الحقيقي، ولم تكن تقتنع بتعاليم النصرانية التي تجعل لله ابنا، وأثناء بحثها لفت انتباهها الحجاب، فكان الطريق الذي جعلها تقرأ عن الإسلام وتقتنع به كدين صحيح قبل أن تعتنقه، مؤكدا بأنها لم تؤثر عليه لكي يسلم، وإنما كانت تناقشه حول الإسلام والنصرانية حتى اقتنع بصحة الدين الإسلامي. ويحكي الشاب الاسكتلندي أن للحج صورة مدهشة ويقول "تجد الناس بمختف جنساتهم وأعمارهم يؤدون نفس العبادة في نفس المكان ويشتركون بنفس التفاصيل" مؤكدا أن مشهد الحج بحد ذاته كاف لدعوة الناس للإسلام، مستدركا بأن الأولمبياد تجمع ملايين البشر إلا أن الحج يوحد تلك الملايين، وهذا ما يجعله مدهشا للبشر ويجعلهم ينظرون إليه باستغراب يدفعهم للبحث والتعرف على الإسلام. في جانب آخر من مخيم "المسلم الجديد" يتحدث وجدي عكاري "أبو مصعب" من طرابلس من لبنان، ويعمل في مجال الدعوة برفقة المشروع، مع "عبدالملك" من أميركا، والذي أسلم منذ 35 سنة، فيما تمكن هذا العام من أداء الحج؛ وكان نقاشهم حول جواز ممارسة الزوج لحياته الطبيعية مع زوجته بعد التحلل الأكبر، فيما يتساءل ضاحكا "كيف أمارس تلك الحياة وأنا معزول عن زوجتي بينكم" فضحك الجميع قبل أن تودعهم "الوطن" على وعد بتجدد اللقاء.