في كل أسبوع، يتحوّل "سوق الخميس" الواقع وسط الجبال والطبيعة الساحرة بجنوب الطائف، إلى ملتقى تجاري وثقافي وتراثي ينتظره الكثير من سكان المناطق المجاورة، حيث يعتبر أكبر سوق في منطقة "صيّادة" الواقعة في منتصف الطريق السياحي، الذي يربط محافظة الطائف بمنطقة الباحة، وبذلك يكتسب موقعا متوسطا بين عدد من القرى والهجر المجاورة. وخلال زيارة "الوطن" للسوق، رصدت اكتظاظه بمركبات الباعة والمتسوقين، حيث تعرض فيه كافة أنواع الأنعام، والحيوانات الأليفة، والحبوب، والعسل، والسمن البلدي، والخضار، والفواكه، وأنواع متعددة من التراثيات، كما يتخذه عدد من الأطفال فرصة مناسبة لبيع ما لديهم من طيور يقومون على تربيتها، أو اصطيادها. ويلفت في السوق تواجد الكثير من الباعة منذ منتصف ليل الخميس، وكثير منهم ينامون هناك؛ كي يحجزوا مواقع مناسبة لبضائعهم، كون السوق يمتلئ تماما قبيل الفجر، ويصعب وجود مواقف قريبة من ساحات عرض المواشي والبضائع. وقال المواطن أحمد المالكي: إن عمر "سوق الخميس" يزيد عن 70 عاما، فمنذ طفولته وهو يرتاد هذا السوق الذي لم يتغير موقعه، ولا موعده منذ تلك السنين، وسمي بهذا الاسم كونه يقام صباح كل خميس، ويستمر عدة ساعات صباحا، ويرتاده الكثير من الباعة والمتسوقين من مختلف المناطق المجاورة، وبعضهم يأتي إليه من قرى الطائفوالباحة المجاورة سواء من السراة أو من تهامة، ومن عدة قبائل وعوائل من بني مالك، وبني الحارث، وثقيف، وزهران، وغامد، والبقوم، والشلاوى، وبني ذبيان، وغيرهم". وأضاف، أن "السوق بذلك ملتقى للثقافة والتعارف وبيع المواشي كالأغنام، والماعز، والأبقار، والجمال، إضافة للعديد من الحبوب، والفواكه، والخضروات المجلوبة طازجة من المزارع، كما أنه ملتقى تجاري يشهد حراجا أسبوعيا لبيع العسل، والسمن البلدي، إضافة إلى أنواع متعددة من التراثيات كالبنادق القديمة، والصحون الخشبية التي تستخدم في تقديم الأغذية التراثية، كما يضم السوق موقعا لبيع الحيوانات، والطيور، وبعض الحيوانات المفترسة التي يصطادها أبناء المنطقة في الغابات والجبال". وقال المواطن عبدالله الحارثي: إن "سوق الخميس موعد مهم لعدد من أبناء المنطقة؛ لتسويق بضائعهم في هذا اليوم، كما أنه ملتقى ثقافي يتبادلون فيه أخبار المناسبات الثقافية كالمحاورات، والأمسيات الشعريّة التي تقام في المناطق المجاورة"، مشيرا إلى أن الموقع يرتاده أعداد كبيرة من الباعة والزبائن، الذين يعانون من ضيق المكان، حيث يضطرون للمبيت في ساحة السوق منذ منتصف الليل لحجز مواقع متقدمة وسط السوق لعرض مواشيهم وبضائعهم. واقترح توسعة السوق على مساحة أكبر من المساحة الحالية، وتعبيده بطبقة أسمنتية لمنع تطاير الأتربة، والغبار الذي يثيره الباعة والمتسوقون. ويتفق المواطن فهد الثقفي مع الحارثي، في ضرورة تطوير السوق والاهتمام به، كونه يمثّل ملتقى تراثيا على مر السنين، ويعكس صورة إيجابية لتمسّك أبناء المنطقة بعاداتهم وتقاليدهم في تداول واستخدام القطع الأثريّة، ويحد من اندثارها مع مرور السنين.