رعى صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، أمير منطقة القصيم، ندوة "الإرجاف وسبل مواجهته" في مركز الملك خالد الحضاري بمدينة بريدة، بمشاركة عدد من اصحاب المعالي والمتخصصين الذين أثروا النقاش حول ظاهرة الإرجاف، أبعادها وآليات مواجهتها وافتتح أمير منطقة القصيم الندوة التي اكد أنها تأتي حرصا من إمارة منطقة القصيم، وإدراكًا منها لخطورة هذا الموضوع، من خلال تنظيم هذه السلسلة من الندوات لتسليط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة واستعراض أفضل السبل لمواجهتها. فالندوات السابقة أثمرت عن توصيات مهمة، ونحن اليوم نجدد العهد على مواجهة هذا التحدي بكل حكمة ووعي وقال سموه : إن خطورة الإرجاف لا تكمن فقط في أثره النفسي والاجتماعي، بل تمتد إلى أبعاده الاقتصادية والأمنية. كون الإرجاف يخلق حالة من القلق والتوتر، ويؤثر على القرارات الفردية والجماعية، وقد يؤدي إلى تعطيل مشاريع تنموية كبرى أو زعزعة ثقة المواطن في المؤسسات. ومن هنا تأتي أهمية مواجهته بوعي وحزم وبين سموه أن الإرجاف يمثل تهديدًا خطيرًا للوطن والمجتمع، حيث أشار سموه إلى أن "البوصلة الإعلامية تُدار من خارج الوطن، وتُبث الأخبار دون اعتبار للحدود الجغرافية، مما يجعل الأعداء يسعون لتزوير الحقائق ونشر الفوضى والتشكيك بعقيدتنا واستقرارنا". ودعا سموه الجميع إلى اليقظة والحذر من الأخبار المغرضة، مؤكدًا أن المملكة مستهدفة من قِبل أعدائها الذين يسعون للنيل من وحدتها واستقرارها. كما معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء في كلمته بتقديم شكره لسمو أمير المنطقة على دعوته الكريمة للمشاركة في هذا الحدث العلمي المتميز، مشيرًا إلى أهمية الندوة في تسليط الضوء على خطورة الإرجاف كظاهرة اجتماعية تهدف إلى زعزعة الاستقرار وأوضح معاليه أن لفظ "الإرجاف" جاء في القرآن الكريم، حيث يعبر عن حالة من إثارة الرجفة والخوف بين الناس، مبينًا أن الإرجاف يتمثل في التأثير على العاطفة والعقل معًا. وأشار إلى أن التفكيك المفاهيمي لهذه الظاهرة يساعد على فهم أبعادها وأثرها على المجتمع وأكد معاليه أن الإرجاف يستهدف الجوانب النفسية والعاطفية للإنسان، محدثًا اهتزازًا في الانتماءات والولاءات، سواء كانت وطنية أو دينية أو أسرية. وبيّن أن تأثير الإرجاف على العقل أشد خطورة، حيث يتم استهداف قدرة الإنسان على التمييز بين الحق والباطل، مما يؤدي إلى حيرة وتشويش في إدراكه للواقع. وأشار معاليه إلى أن الإرجاف يمثل أداة يستخدمها الأعداء لزعزعة الولاءات الوطنية والدينية، واستبدالها بولاءات جديدة تخدم مصالحهم. وخلص إلى أن التصدي للإرجاف يتطلب وعيًا كاملًا بأبعاده النفسية والفكرية، والعمل على تعزيز الولاء والانتماء لدى أفراد المجتمع كما تناول معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند، الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الجانب الشرعي من ظاهرة الإرجاف، مشيدًا باهتمام سمو أمير المنطقة بعقد هذه الندوة العلمية والثقافية في نسختها الثالثة وأكد معاليه أن الإرجاف ورد في الشريعة الإسلامية مذمومًا، حيث يرتبط بإثارة الفتنة والفساد في المجتمع، مشيرًا إلى أن المرجفين لطالما سعوا لإثارة الفوضى عبر نشر الأخبار الكاذبة والأراجيف لتخويف الناس وزرع الشك في نفوسهم. وأوضح الدكتور السند أن المرجفين تتصف قلوبهم بالمرض، وهم قريبون في صفاتهم من أهل النفاق، مما يعكس خطورة هذا الفعل على المجتمعات الآمنة وأكد أن الإسلام حذر من الإرجاف، كونه من عظائم الذنوب التي تهدد استقرار المجتمع وأمنه وأضاف أن المرجفين يشكلون مطية للأعداء لنشر الفوضى والفساد، مشيرًا إلى أهمية التصدي لهذه الظاهرة من خلال تعزيز وعي المجتمع، وتحقيق التعاون بين أفراده للتصدي للإرجاف بكل أشكاله، سواء كان ظاهرًا أو خفيًا. كما أوضح الباحث الأكاديمي الدكتور خليل الخليل أن "الإرجاف يتطلب ثلاثة عناصر رئيسية: المرجف، والمرسل، والمُرسل إليه"، مشيرًا إلى أن المستهدفين بالإرجاف غالبًا ما يتم توجيههم للتشكيك في وطنهم ومعتقداتهم. وأضاف أن المملكة واجهت موجات عديدة من الإرجاف عبر تاريخها، لكنها بقيت ثابتة بفضل قيادتها الرشيدة والمؤسسات الشرعية والعلماء. وشدد على أن المملكة تعد نموذجًا متميزًا في مواجهة الإرجاف، وستظل دائمًا "جبهة ومقبرة للمرجفين" من جانبه، أوضح العقيد تركي الحربي، المتحدث الرسمي لرئاسة أمن الدولة، أن الإرجاف هو "سلوك يستهدف خلق مشاريع فكرية تهدف للإضرار بمصالح الوطن من خلال أساليب الخديعة والمكر". وأشار إلى أن المرجفين يحاولون التقليل من قيمة ما نملك لتعزيز التنازل عنه بسهولة، داعيًا الشباب إلى الحذر مما يسمعونه أو يقرأونه. كما أكد على دور النخبة الثقافية والشباب في التصدي للإرجاف، مشددًا على أن "لا سقف يعلو فوق سقف الوطن".