الإنسانية بجميع صورها وعطاءاتها رافقت وترافق «تركي بن يحيى السرحاني» عبر سيرته الحسنة، ومسيرته الحافلة، التي أحاطت بها سريرة نقية رحيمة،صادقة، طوال خمسة عقود وأكثر. قدم خلال عمله رئيسًا للجنة أصدقاء المرضى بمنطقة عسير مواقف كثيرة في مساعدة المرضى، غلب عليها العمل التطوعي المستمر ليل نهار. وقبلها ذلك المكتب المفتوح حين، كان مديرًا للعيادات بمستشفى أبها العام، ثم مستشفى عسير المركزي. جعل الابتسامات عنوانًا، والتنقل من مكان إلى آخر ليطمئن على الحالات، ويُعطي الأمل -بعد الله- في نفوس المشفقين. لم يأته مراجع أو مريض إلا وجبر خاطره، وحقق طلبه، وتواصل مع أسرته. وحين كلف بلجنة أصدقاء المرضى في المنطقة، ضرب أروع الأمثلة، وأقام جسورًا إنسانية في السراة وتهامة، مليئة بالمواقف، والتضحية، وقد يعجز كاتب مثلي أن يعدد تلك المآثر، ويحيط بأعمال قدمها في الخفاء، لا يعلمها أحد من الناس إلا الله -سبحانه وتعالى. واليوم يرقد تركي السرحاني في العناية بمستشفى أبها الخاص، متجملاُ بالصبر والاحتساب، متيقنًا من رحمة الله. وكل من يسأله عن حالته تكون إجابتة الشكر لله، يقول ابن القيم «مقام الرضا هو أعلى من مقام الصبر، ومقام الشكر أعلى من مقام الرضا»، ورغم حالته الصحية، وتعب الأيام فوجئت به يتابع حالة ابني أحمد -شفاه الله- الذي يرقد في غرفة مجاورة إثر تعرضه لحادث دهس. كان يسأل الأطباء، ويطمني من حين إلى آخر، ووصل به الأمر إلى زيارات مرضى آخرين من المجاورين يدعو لهم، ويبث معاني الصبر في نفوس أقاربهم.. إنها الرحمة لا غير، التي استودعها الله قلب تركي. في كتابه «مسافر زاده القراءة» أوضح، الدكتور منير لطفي، أن الرحمة أصل في الأخلاق، وقال: لا رحمة بلا شجاعة، ولا رحمة بلا كرم، ولا رحمة بلا تضحية، ولا رحمة بلا تواضع، وهي قلب الإنسانية. ويرى أكثر الأدباء والشعراء أن الإنسانية تقف عندها الكلمات والقصائد عاجزة عن وصفها أو مدحها، لكنها تكون راسخة مشرقة داخل النفوس البشرية، تدعوا دومًا لأصحابها. أسأل الله الكريم الرحيم أن يكتب الشفاء لأبي أسامة ولابني، ولجميع المرضى والمصابين.