يشهد الموسم الغنائي المصري هذا العام والذي تمثل شهور الصيف ذروته حالة من الارتباك والتخبط والغياب لنجوم الصف الأول من المطربين المصريين، كما تأثرت حفلات المطربين والنجوم العرب التي كانت تقام بالعاصمة المصرية القاهرة في فصل الصيف, مما دفع هؤلاء المطربين إلى السفر إلى أوروبا لإقامة حفلات للجاليات العربية هناك. وقال منظمو الحفلات في مصر إن السبب الرئيسي في ركود الموسم الغنائي هذا العام يعود للتخوف من تراجع السياحة العربية إلى مصر كونها تمثل الجمهور الأول لحفلات المطربين وألبوماتهم، الأمر الذي دفع عددا من كبار نجوم الصف الأول إلى التراجع عن إصدار ألبوماتهم الغنائية، ومنهم عمرو دياب وشيرين وهيثم شاكر وحكيم ومحمد محيي ومحمد حماقي، كما تراجع تامر حسني عن إصدار ألبومه "وخدها جد" على الرغم من تسجيله لأكثر من عشر أغنيات ضمن الألبوم. كما قرر عدد من المطربين العرب تأجيل موعد ألبوماتهم الغنائية ومن بينهم صابر الرباعي ونجوى كرم وكاظم الساهر الذي يقوم بإعداد حملة دعاية خاصة لألبومه الجديد "دلع النساء"، إلا أن ذلك لم يمنع مطربين آخرين من المغامرة مثل هشام عباس الذي يستعد لطرح ألبومه الجديد الشهر الحالي بعد انتهائه من تسجيل 7 أغنيات ضمن الألبوم، والذي تعاون فيه مع عزيز الشافعي ورامي جمال، وهما من الوجوه التي لمعت أثناء فترة الثورة بسبب تواجدهما مع المتظاهرين في ميدان التحرير، كما قرر علي الحجار خوض التجربة بألبومه "معلش" الذي يضم 12 أغنية. تشييع جثمان موسم الغناء الملحن المصري حلمي بكر في تصريحات خاصة ل "العربية نت" يطلق تشبيهًا بأن موسم الغناء هذا العام تم تشييع جثمانه من مسجد عمر مكرم، وهو مسجد شهير في مصر يقع في ميدان التحرير وتخرج منه جنازات كبار الشخصيات المصرية، واعتبر بكر أن تداعيات ثورة 25 يناير كشفت حقيقة من يصفهم بأنهم "نجوم من ورق" والذين لا تتحمل نجوميتهم أحداثاً مثل الثورات التي تغير من مسار الحياة في المجتمع. وأشار إلى أن هؤلاء النجوم الورقيين اختفوا خوفاً من عدم استقبال الجمهور لهم بعد الثورة ولم يتبقَ على الساحة الفنية سوى بعض التجارب القليلة الناجحة الخاصة التي تغنت للثورة، ويؤكد بكر أنه لو كان النجم فنانا بمعنى الكلمة ولديه رصيد من المحبة لدى جمهوره لاستمر بعد الثورة، وبالتالي فإن انعدام النجومية الحقيقية لهؤلاء النجوم جعلهم عاجزين عن الصمود أمام الثورة ووقفوا أمامها مكتوفي الأيدي. أما الشاعر عنتر هلال فقال إن الموسم الغنائي هذا العام يشهد حالة من الارتباك بعد أن تأكد المطربون من أن ما كان يصلح قبل الثورة أصبح لا يرضي جمهور الثورة سواء في المحتوى أو القالب الغنائي، والذي كان يعتمد على الإبهار والكلمة خاصة الكلمات التي تتضمن الهجر والخنوع والذل للحبيب، وهي نوعية موضوعات لا تتناسب مع شموخ الثورة وشعارها "أرفع رأسك فوق"، كما لم يعد تصلح البكائيات التي تولاها بعض النجوم في مرحلة ما قبل الثورة مثل محمد فؤاد وحمادة هلال ومصطفى كامل؛ لأن الحدث السياسي أعطى أملاً جديدا يجب للتعبير عنه. وتوقع هلال أن يظهر نوع جديد من الغناء بخلاف ما يقدمه نجوم الصف الأول وهو الغناء الجماعي والفرق الغنائية، فالأصل في الغناء هو الغناء الجماعي بغض النظر عن جماليات الصوت. كما توقع أن تقدم هذه النوعية من الغناء الفرق الموسيقية والثنائيات التي لم تجد فرصة لها قبل الثورة، ويطالب هلال نجوم الصف الأول من المطربين المصريين بأن يكون قرار تجميد أعمالهم هذا الموسم قرارًا نهائيا بلا عودة، ويقول إن الفنان الذكي عليه أن يدرك متى يتوقف عن العمل قبل أن يتوقف الجمهور عن التصفيق له. مرحلة انتقالية ويرى الناقد الغنائي د. أشرف عبدالرحمن، أن هناك عدة أسباب وراء انهيار موسم الغناء هذا العام أهمها ما يتعلق بالناحية الإنتاجية بسبب التداعيات الاقتصادية، واقتراب شهر رمضان وفقدان أغلب نجوم الصف الأول لمصداقيتهم والقبول النقي لدى الجمهور بسبب مواقفهم المسبقة تجاه الثورة. وأضاف أن هناك أسبابا أخرى بخلاف الثورة تسببت في أزمة السوق الغنائية حاليا منها ظاهرة القرصنة على الإنترنت، وشبّه عبدالرحمن المرحلة الانتقالية الحالية بأنها تشبه المرحلة الانتقالية التي مرت بها مصر بعد ثورة 1919، حيث سبقتها موجة من الأغنيات الهابطة حتى تورط فيها كبار الفنانين منهم أم كلثوم والتي غنت "الخلاعة والدلاعة مذهبي" وكذلك زكريا أحمد الذي لحن "ارخي الستارة"، وهو ما حدث قبل ثورة يناير، حيث ظهرت كلمات مثل "بحبك يا حمار" مشيرا إلى أن الفن المصري تطور بعد ثورة 19 بعامين، وظهر سيد درويش بأعظم تسع مسرحيات غنائية التي قدمت أعظم الأغاني الوطنية التي تغزي الروح الوطنية وتشد من العزم، ولذا يتوقع عبدالرحمن تكرار نفس السيناريو بعد ثورة يناير.