مما لاشك فيه أن الأصالة والثقافة والتراث تُعد وبجدارة أبرز المرتكزات التي تأخذ الأرض والإنسان إلى مصاف الأمم المتقدمة، فتضع لها قدمًا راسخة في قمة الحضارة وفوق سنام المجد . والأرض هنا هي قرية طبب ( عسير ) والتي تقع شمال مدينة أبها بما يقارب 25 كيلًا ، ذلك المعلم التاريخي التي ارتبط تاريخها بتاريخ الدولة السعودية الأولى فكانت للدرعية صنوًا وللمجد ارضًا. وهي الجبل والوادي والمزرعة والحقل والغابة والحصن الحصين، وهي حاضنة المساجد التاريخية والحصون والقلاع ومحط أنظار الناس، في 150 قرية تُعد طبب حاضرتها ومنطلق إمارتها الأولى. تعتجر الضباب وتكتسي بأشجار العرعر والطلح والسدر، وتتزين بالشيح والريحان والبعيثران، لا ينقطع نتاجها الزراعي من البر والشعير والذرة لتكون المكنون الاقتصادي للقرى المجاورة. أما الإنسان فهم رجال طبب بناة حضارة وصناع تاريخ وهداة قوم، إليهم يفد الناس للإسترشاد برأيهم، ومن مجالسهم تقضى الخصومات وترفع المظالم وتبنى القيم وترسم العلاقات. شيدوا فأبقوا للتاريخ أثرًا ، وحالفوا فكانوا من أوائل من وفد للدرعية في بداية عهد الدولة السعودية الأولى، وعادوا لينشروا قيم الوحدة والعدالة والتصالح التي جاء بها حكام الدولة السعودية الأولى. وطبب الإنسان هي من أبقت للفنون الجبلية أثرها ، وللحياة الاجتماعية عبقها، وللتنمية القروية نظامها، وللعلاقات الإنسانية شمائلها. إنها بحق جديرة يأن تعلن منظمة الأممالمتحدة للسياحة انضمام قلاع أبو نقطة في بلدة طبب التاريخية بمنطقة عسير لقائمة "أفضل القرى السياحية لعام 2024". و جاء الإعلان خلال حفل أقيم في مدينة " قرطاجنة" الكولومبية، بحضور وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب. ولأن طبب برجالها استشعروا مسئوليتهم بعد توليهم إمارة المنطقة والتي كانت طبب منطلقًا لهم، فقد حظيت منهم بالعناية والبناء والتشييد، فكانت معلمًا حضاريًا على مر السنين، وكانت تزخر بنشاط الإنسان العسيري المتفرد في فنونها الأدائية، ونغمها الطروب، ومقتنيات رجالها من عتاد الحرب والزينة، إلى مهارة الأداء الجبلي الباعث على الشجاعة والمفاخرة والطرب. كل تلك المقومات ساهمت في أن تكون طبب التاريخية وحصون أبو نقطة على وجه التحديد مكانًا لإعادة تشكيل الفنون المتفردة والأداء الجبلي المتعدد والمتنوع, فنافست وتراقصت على أنغامها وعلى خطوات رجالها قلوب ومشاعر وأفئدة محبي الفنون الجميلة والتراث الأصيل، فكان لها أن تكون نبراسًا لمثيلاتها ونموذجًا استحق بجدارة أن يستوقف التاريخ، لتضع لها في قمم المجد مكانًا ومقعدًا. * رئيس جمعية الإعلام السياحي