قبل أن يتجه الشاب إلى منزل الفتاة التي يريد خطبتها لا بد له أن يعيد النظر مرارا وتكرارا في الزي الذي يرتديه، فكثير من الآباء يطلقون أحكامهم المبدئية على من يتقدم لخطبة بناتهم من أول نظرة، ويتخذون قرارات مبدئية تجاه مصير الخطبة بناء على هيئة الخاطب، فالزي السعودي "الثوب والشماغ والعقال" شرط أساس للقبول المبدئي من قبل أسرة الفتاة، فلا يمكن أن يقبل والد أي فتاة شابا يتقدم لخطبة ابنته وهو كاشف الرأس، أو يرتدي بدلة رسمية، أو ملابس رياضية. تقول أم خالد (متزوجة وأم لطفلين) "حينما تقدم لخطبتي زوجي تم رفضه في بادئ الأمر، لأنه لم يكن يرتدي زيا رسميا يتمثل في الثوب والغترة والعقال، وكان والدي ينظر إليه أنه لا يصلح زوجا لي، كونه لم يتقدم بالزي السعودي". وأضافت "وبحكم قرابة زوجي مني تم إقناعه أن يعود مرة ثانية، ولكن وهو مرتد ذلك الزي ولم يعد إلا بعد مضي شهرين من تلك الواقعة، فتمت الموافقة عليه". وأشار محمد الزهراني، إلى أن والده متشدد جدا في هذه الناحية، حيث يرى أن ارتداء الزي السعودي تقليد ينبغي ألا يهمله أفراد المجتمع، خاصة الشباب منهم، لأنه سمة مميزة تمثل الجدية والأصالة. وأضاف "حينما تقدم أحد أبناء عمومتي للزواج من شقيقتي كان يفضل ارتداء البنطال الجينز، فاشترط والدي عليه ألا يرتدي بعد أن يعقد قرانه على شقيقتي تلك الملابس مطلقا، وأن يحضر لدينا في الخطوبة وهو يرتدي الزي السعودي المعروف، فوافق إلى أن عقد قرانه عليها، ومن ثم عاد لتلك الملابس". وبين صالح الحارثي، أن "أي أسرة لا يمكن أن تقبل أن يتقدم لهم خاطب دون أن يرتدي الزي السعودي مطلقا، وإن وجدت أسر تقبل ذلك فهي قليلة جدا"، مشيرا إلى أن الرجولة ليست في ارتداء الزي السعودي، وإنما في التقليد المتوارث والذي يلازم كل سعودي خاصة وأبناء الخليج عامة". وأضاف، أنه لا يسمح بأن يزوج بناته لرجال لا يرتدون زيا غير الزي السعودي، وقال: "على الرغم من أن الشباب في المجتمع الآن يرتدون ملابس بعيدة تماما عن الزي التقليدي، إلا أنه ينبغي أن يكون هناك احترام للتقليد المجتمعي، خاصة في المناسبات كالزواج". وقالت سلمى القرني، "والدي وأشقائي لا يقبلون بأي حال من الأحوال أن يأتي لهم خاطب ليس مرتديا للزي السعودي، وإحدى شقيقاتي وهي تعمل ممرضة تقدم لخطبتها أحد الأطباء العرب، ولم يوافق والداي إلا بعد أن حضر مرتديا زيا سعوديا بعد أن اقتنع بأن الزواج لن يتم إلا بارتداء هذا الزي". وأضافت، "أنها متزوجة من ذلك الطبيب منذ 4 سنوات، وكلما أردنا زيارتها يرتدي زوجها الزي السعودي تقديرا لوالدي وأشقائي". وقال أستاذ علم النفس بجامعة أم القرى الدكتور إلهامي عبدالعزيز، إن "الالتزام بالزي السعودي وخاصة في مناسبات الزواج ونحوها صورة من صور عادات المجتمع الذي نعيش فيه ويمثل الالتزام بالقيم والمعايير السائدة"، مشيرا إلى أن الثوب السعودي يعد رمزا لهذا الاعتزاز بهذه القيم والمعايير. وبين أن "القضية ليست قضية ثوب في حد ذاته، وإنما في من يرتدي الثوب، وكأنه يقول إنني أنتمي لهذا المجتمع ولمعاييره، وسوف ألتزم بهذه القيم مع ابنتكم، ومن لا يرتديه حينما يذهب لخطبة فتاة كأنه يقول لهم: إنه إنسان موجود خارج نطاق المجتمع، وإنه لن يتقيد بنظامه ومعاييره وعاداته وكأنه أيضا يقول: إنني لست منكم ولستم مني، فيجعل ولي أمر الفتاة مباشرة يقول: "لن نعطيك ابنتنا طالما أنت كذلك". وبين الدكتور إلهامي، أن "الأسر شديدة الالتزام بالزي السعودي، حينما تنخرط في مجتمع مغاير يندمجون بسرعة، فالقضية الأهم هي القدرة على الاندماج والتواصل الاجتماعي مع الآخرين وفي الوقت نفسه الالتزام بما هو سائد في أي مجتمع".