عرفت نزار قباني قبل أن أقرأ له ! عرفته عن طريق معجبيه وكتاباتهم التي كادت أوهي بالفعل استطاعت أن توصله إلى منزلة لا أكون مبالغا إن قلت بأنه لم يصلها إلى الآن على الأقل شاعر عربي في العصر الحديث . استطاع نزار أن يبهر النساء ويوحي لهن - سواء بقصد أو دونه - أنه نصير لهن عندما عزف على الوتر الذي يطربن له كثيرا وهو الإنعتاق من السلطة الذكورية الموهومة عندما عمل على تحويل جوانب الضعف فيها إلى أدوات للقوة والجبروت الذي لا يقاوم ! فغدا في نظرها ليس شاعرا فحسب بل أصبح قديسا تبحث عنه في كل مكان، لتعيش داخل أبياته حيث لا حواجز ولا قيود بل فيافي من الحرية والانطلاق. نزارا لم ينس أن التي يكتب لها هي ( حواء) التي بقدر صلابتها في بحثها عن حريتها واستقلاليتها إلا أنها تغرق في شبر من رومانسية حالمة أو عبارة غزل شفافة ، ما جعله لا يألو جهدا في الإمعان في إغراقها! أما نحن فقد أصبحنا مأسورين للغته وشعره الذي وظفه لحواء وكأنه خلق ليكتب لها وبها . لقد كان نزارا يكتب لحواء ليقرؤه آدم فملكهما معا . ماجعلني أتذكر نزارا - رحمه الله- أمسية عرضت له مؤخرا على إحدى القنوات، كان نزارا يلقي قصيدة على جمهور جله من النساء قال بأنها أجمل ماكتب ! كانت القصيدة رائعة فعلا ولكن التساؤل الذي لم أجد له جوابا ! كيف تصفق حواء لشاعر يعيدها إلى زمن حاولت ولا تزال بكل ما أوتيت من قوة أن تجعله ماضيا منسيا لا تود التفكير فيه، فكيف بالعودة إليه ! لقد وقع نزارا تلك الليلة في ( المطب) نفسه الذي يقع فيه كثير من الشعراء عندما يكتبون عن حواء حيث الجسد المشتهى فقط ؟! لقد اختزلها نزارا تلك الليلة ولم تحتج حواء ولم تبدي تذمرا! أم لأنه نزارا ؟.... ربما !