المملكة تفوز برئاسة المنظمة العربية للطيران    فوز أشبال أخضر اليد على منتخب البحرين في أولى مواجهاتهم بالبطولة العربية    أمير القصيم يرعى انطلاقة ملتقى القصيم العقاري    محافظ جدة يزور مسرح عبادي الجوهر أرينا بعد اكتماله    وزير الاتصالات يجتمع في الولايات المتحدة بشركات في الذكاء الاصطناعي والتقنيات العميقة    أمين القصيم يفتتح ورشة العمل التشاورية    طيفك باقٍ.. خالي إبراهيم الخزامي    عشرون ثلاثون    12 مليون برميل هبوط مخزونات النفط الأمريكية    مغامرات لعبة "ماجك"، و"ميني بمپر كارز".. «مدينة الصين».. وجهة سياحية في «سيتي ووك»    ورشة عمل.. «لمشروع رفع الحيازات الزراعية.. بجازان    205 منتجات وطنية في قائمة المحتوى المحلي    عقود جديدة في «جازان للصناعات الأساسية»    أكد الرعاية الإنسانية الكريمة والدعم المستمر من القيادة الرشيدة.. د. الربيعة يتفقد برامج مركز الملك سلمان لإغاثة متضرري الزلزال في سوريا وتركيا    انتشار الجرب والجدري في المخيمات    ولي العهد يستعرض مع بوكر العلاقات السعودية - الأميركية    الجامعة.. اليوم حزب الله وغداً داعش !    خبراء أمميون يدينون غياب العدالة في الضفة الغربية    حرب السودان.. ماذا بعد التصعيد ؟    ولي العهد يعزي ملك المغرب هاتفياً    مذكرة تفاهم للمشاورات السياسية بين السعودية وإستونيا    بدء المرحلة الثانية من مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية    القادسية يعلن رحيل العابد والزوري    الإيطالي بيولي مدرباً للاتحاد لثلاثة مواسم    تستضيفه السعودية لمدة 8 أسابيع.. كأس العالم للرياضات الإلكترونية.. تجربة غير مسبوقة    ديميرال يصنع التاريخ    توزيع 28 طناً من لحوم الأضاحي على 2552 أسرة في الشرقية    حفظ أكثر من 800 ألف كيلو من فائض الطعام في موسم الحج    «بر الرياض» تحتفل بنجاح أبناء المستفيدين.. وتكريم خاص لخريجي الثانوية    سنوات الدراسة واختبارات القياس !    ولي العهد يترأس مجلس الوزراء ويعرب عن تقديره للأعمال المميزة خلال الحج.. الموافقة على نظام التأمينات الاجتماعية الجديد للملتحقين الجدد بالعمل    أمير الشرقية يدشن مقر" البركة الخيرية"    جامعة الملك خالد تستحدث برامج ماجستير وتعتمد التقويم الجامعي لعام 1446    ارتفاع 80 % في درجات الحرارة و70 % في الأمطار    تركي بن محمد بن فهد يُدشن المبنى الرئيسي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    الخيمة النجرانية.. تاريخ الأصالة والبادية    أمانة تبوك تواصل أعمالها الصحية في معالجة آفات الصحة العامة    الاحتفاء بالعقول    لا تنخدع بالبريق.. تجاوز تأثير الهالة لاتخاذ قرارات صائبة    يقين التلذذ.. سحرٌ منصهر.. مطرٌ منهمر    هزيع مُصلصل    جامعة الأميرة نورة تستقبل طلبات مسابقة اللغة العربة    تعقيب على درع النبي وردع الغبي !    رُبَّ قول كان جماله في الصمت    هندسة الأنسجة ورؤية 2030: نحو مستقبل صحي مستدام    5 أخطاء تدمر شخصية الطفل    أطباء سعوديون يعيدون الأحبال الصوتية لطفل    150 دقيقة أسبوعياً كافية لمواجهة «التهديد الصامت»    المفتي العام يستقبل مسؤولين في الطائف ويثني على جمعية «إحسان» للأيتام    الحجاج يجولون في المعالم التاريخية بالمدينة المنورة قبل المغادرة لأوطانهم    "نيوم" يدعم صفوفه بالحارس مصطفى ملائكة    ماكرون يحضّ نتانياهو على «منع اشتعال» جبهة لبنان    «البيت الأبيض»: الرئيس بايدن ماضٍ في حملته الانتخابية    تكليف المقدم الركن عبدالرحمن بن مشيبه متحدثاً رسمياً لوزارة الحرس الوطني    تجسيداً لنهج الأبواب المفتوحة.. أمراء المناطق يتلمسون هموم المواطنين    وصول التوأم السيامي البوركيني الرياض    الحج .. يُسر و طمأنينة وجهود موفقة    هنّأ رئيس موريتانيا وحاكم كومنولث أستراليا.. خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقلانيون أم نصوصيون
نشر في الوطن يوم 02 - 07 - 2024

نسمع كثيرًا عن قضية العقل والنقل وربطها بتطور وسقوط الحضارة العربية الإسلامية. فما هي علاقة قضية العقل والنقل، -وهي قضية خاصة بالمذاهب التوحيدية- بالنهضة والحضارة؟ وهل هذا الربط الذي قال به بعض المستشرقين له أدلة من الواقع أم هي مجرد إسقاطات؟ ولماذا من ينقلون هذه النصوص بتعصب شديد عن المستشرقين دون إعمال عقولهم فيها يسمون أنفسهم عقلانيين؟
أولًا، قضية التعارض أو التكامل بين منهجي العقل والنقل لم يكن لها يومًا وجود في الحقل الفلسفي أو العلمي. ولم يذكر لنا التاريخ فيلسوفًا معتبرًا أو عالمًا طبيعيًا تطرق لها أو كانت موضوع نقاش أو تساؤل في المجالات العلمية والفلسفية.
كما لا يوجد رابط تاريخي بين كبار مؤسسي الحضارة العربية الإسلامية أو الإنجازات العلمية والفكرية ومذهب معين.
فهذه المسألة خاصة بالمناهج في الحقل الديني، وبالتحديد في العقيدة، حيث هناك من يرى الأخذ بظواهر الآيات في صفات الله سبحانه وتعالى والجنة والنار والآخرة وباقي الأمور العقدية، وهناك من يقدم العقل على ظواهر النصوص أي يتبنى منهج المجاز في التفسير.
هذه الخلافات وثقها لنا التاريخ بالتفاصيل كخلافات في مناهج الاعتقاد.
ولكن في عصرنا الحاضر، وبطريقة غير منطقية عبر الإطار الفكري الحالي، أصبح هناك ربط بين فترة تبني واعتقاد بعض الحكام للمذهب العقلي/مذهب التأويل (في العقيدة) وبين التطور العلمي والفلسفي للحضارة في عصورهم!.
وفي المقابل، ربط الفترة التي تولى الحكم فيها حكام يتبنون (في العقيدة) المذهب الذي يأخذ بظاهر النص دون التأويل بالمجاز بالفترة التي تأخرت فيها الحضارة علميًا وفلسفيًا!.
وأصبح هناك تحقيب للحضارة العربية الإسلامية إلى عصر ذهبي وعصر انحطاط. العصر الذهبي هو عصر المذهب العقلي/التأويلي، وعصر الانحطاط هو عصر المذهب النقلي/النصوصي.
في البداية، نتمنى لو يكون هذا التشخيص صحيحًا أو أي تشخيص آخر يضع اليد على العلة، لأن التشخيص الصحيح هو أهم وأكبر جزء من علاج أي قضية. ولا يوجد في هذا التشخيص إذا صح أي معرّة، ولكن لكي نقبل بأنه تشخيص مهم نحتاج إلى دليل أو ربط منطقي يجعل لهذه الدعوى قيمة حقيقية وليس فقط أخذ هذه النصوص التي قال بها هؤلاء المستشرقون وتكرارها كمسلمات دون إعمال العقل فيها ومحاكمتها.
خاصة وهذه الدعوى لا تستقيم مع التاريخ ولا يوجد ارتباط تاريخي بين طريقة اعتقاد الحكام التوحيدية وفترة التطور العلمي!.
ولولا سطوة ألقاب قائليها لما لقي مثل هذا الطرح أدنى اهتمام.
وإذا أخذنا الفلسفة كمثال، وتنازلًا مع أصحاب هذه الدعوى، نأخذ الفلاسفة (المشائين) بالتحديد لأن أصحاب هذا المزاج يعتقدون أن المشائين هم أكبر وأهم بناة الحضارة العربية الإسلامية، أي الكندي والفارابي وابن سينا وحتى ابن الطفيل وابن رشد وغيرهم. فسوف نجدهم لا ينتمون لمذهب تقديم العقل على النص (في العقيدة) ولم يكونوا بالتحديد في فترات كان حكامها يعتقدون هذا الاعتقاد، وهم متوزعون بين المذاهب بشكل متباعد بطريقة لا توحي بالعلاقة التي تفترضها هذه النصوص.
كما أنهم مثل كبار العلماء الطبيعيين في الحضارة الإسلامية من رياضيين وأطباء وفلكيين، لا يتركزون في إحدى هذه الحقبات. بل على العكس، نسبتهم ونسبة إنجازاتهم العلمية والفلسفية في عصر ما بعد كتاب «تهافت الفلاسفة» أو/ وسقوط بغداد -وهي المرحلة الفاصلة حسب هذه السردية- تكاد تساوي أو تزيد عن عصر ما قبله.
كما أن كثيرًا من هؤلاء العلماء، وكثيرًا من أهم الإنجازات في الحضارة العربية الإسلامية لم تحصل في ظل الدولة المركزية التي شهدت هذا الخلاف في منهج الاعتقاد. أما فيما يخص سياسة السماح بالرأي الآخر، فللأسف شهدت الفترتان تعصبات وقمعًا للرأي الآخر.
وعليه فإن العقلانية منهج وليست فقط يافطة يرفعها الشخص فيصبح عقلانيًا. كما أن تبني نصوص العقل الغربي بدوغمائية لا يجعل من صاحبها عقلانيًا بل يكون نصوصيًا بامتياز.
في الختام، قضية كبرى مثل قضية أسباب تأخر الأمة تحتاج إلى دراسة وتدقيق وتعقل كبير جدًا. ومن الجائز أن يكون هناك تأثير للمذاهب العقدية ولو بوجه من الأوجه، وربما حتى هذه المسألة بذاتها يكون لها تأثير. كما أنه من الجائز أن تكون هناك تأثيرات اقتصادية وسياسية وغيرها، ولكن نحتاج إلى تدقيق في الأدلة ودقة في الربط، وليس فقط التعصب لهذه الصورة الكاريكاتيرية التي رُسمت على عجل وربما رسمتها الصدفة والهوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.