منطقة الحدود الشمالية تضع السعودية ضمن أكبر الدول المنتجة للفوسفات عالمياً    «الصناعات العسكرية» تعرض ابتكاراتها في «آيدكس 2025»    المملكة صانعة السلام    تزامنت مع تباشير التأسيس.. الاختبارات بالثوب والشماغ    لمسة وفاء.. زياد بن سليمان العرادي    عبدالله المعلمي.. صوت العقل والرزانة في أروقة الأمم المتحدة    التعامل بحزم مع الاعتداء على «اليونيفيل».. السعودية تدعم إجراءات لبنان لمواجهة محاولات العبث بالأمن    وزير الداخلية ونظيره اللبناني يبحثان مسارات التعاون الأمني    وزير الداخلية والرئيس التونسي يستعرضان العلاقات والتعاون الأمني    في الجولة الأخيرة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي يواجه الغرافة.. والنصر في ضيافة بيرسبوليس    في انطلاق الجولة 22 من دوري" يلو".. الجبلين في ضيافة الزلفي.. والعين يواجه البكيرية    2 % معدل التضخم في المملكة    هيئة العقار تشارك في «ريستاتكس الرياض»    حين يصبح الطريق حياة...لا تعطلوا الإسعاف    ضبط 5 وافدين في جدة لممارستهم أفعالا تنافي الآداب العامة في مراكز الاسترخاء    الاحتلال يواصل الاقتحامات وهدم المنازل في الضفة    تكريم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز في دورتها ال 12    قصة برجس الرماحي    تكريم المبدعين    تراجع مفهوم الخطوبة بين القيم الاجتماعية والتأثيرات الحديثة    عيد الحب.. بين المشاعر الحقيقية والقيم الإسلامية    10 مسارات إثرائية لتعزيز تجربة قاصدي الحرمين في رمضان    تحذير من أجهزة ذكية لقياس سكر الدم    محافظ جدة يُدشّن الحملة الوطنيّة المحدودة للتطعيم ضد شلل الأطفال    النفط ينهي سلسلة خسائر «ثلاثة أسابيع» رغم استمرار مخاوف الهبوط    المملكة العربية السعودية تُظهر مستويات عالية من تبني تطبيقات الحاويات والذكاء الاصطناعي التوليدي    وزير الاقتصاد: توقع نمو القطاع غير النفطي 4.8 في 2025    يانمار تعزز التزامها نحو المملكة العربية السعودية بافتتاح مكتبها في الرياض    الشيخ السليمان ل«الرياض»: بعض المعبرين أفسد حياة الناس ودمر البيوت    «سلمان للإغاثة» يدشن مبادرة «إطعام - 4»    أمير الشرقية يرعى لقاء «أصدقاء المرضى»    الحجامة.. صحة وعلاج ووقاية    محمد بن ناصر يدشّن حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال    يوم «سرطان الأطفال».. التثقيف بطرق العلاج    ملّاح داكار التاريخي.. بُترت ساقه فامتدت أسطورته أبعد من الطريق    الرياض.. وازنة القرار العالمي    "أبواب الشرقية" إرث ثقافي يوقظ تاريخ الحرف اليدوية    مسلسل «في لحظة» يطلق العنان لبوستره    عبادي الجوهر شغف على وجهة البحر الأحمر    ريم طيبة.. «آينشتاين» سعودية !    الترمبية وتغير الطريقة التي ترى فيها السياسة الدولية نفسها    الملامح الست لاستراتيجيات "ترمب" الإعلامية    بيان المملكة.. الصوت المسموع والرأي المقدر..!    القادسية قادم بقوة    يايسله: جاهزون للغرافة    الحاضنات داعمة للأمهات    غرامة لعدم المخالفة !    منتدى الاستثمار الرياضي يسلّم شارة SIF لشركة المحركات السعودية    الأهلي تعب وأتعبنا    أمين الرياض يحضر حفل سفارة كندا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لدولة الكويت    بموافقة الملك.. «الشؤون الإسلامية» تنفذ برنامج «هدية خادم الحرمين لتوزيع التمور» في 102 دولة    أمير نجران يكرّم مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة سابقاً    "كبدك" تقدم الرعاية لأكثر من 50 مستفيدًا    جدد رفضه المطلق للتهجير.. الرئيس الفلسطيني أمام القمة الإفريقية: تحقيق الأمن الدولي يتطلب دعم مؤتمر السلام برئاسة السعودية    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    استمع إلى شرح موجز عن عملهما.. وزير الداخلية يزور» الحماية المدنية» و» العمليات الأمنية» الإيطالية    عبدالعزيز بن سعود يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لاحتضان التعاطف والتغلب على اللامبالاة
نشر في الوطن يوم 25 - 03 - 2024

لقد اغتنمت الفرصة هذا الأسبوع للجلوس ومشاهدة مقاطع الفيديو الفظيعة التي تجاوزت كل حدود الهمجية والتوحش، والتي تم بثها على شكل لقطات كاميرات الفرق الإرهابية التابعة لجيش الاحتلال والهاتف المحمول، إضافة إلى كاميرات أفراد من الناشطين الغزاويين، منهم من ما زال في سن الطفولة، ومثل كثيرين منا من المتابعين والمهتمين، كنت قد شاهدت بالفعل العديد من المقاطع عبر الإنترنت على مدار الأيام الماضية، لكن بعض اللقطات التي لم أرها - لجثث ميتة ومحترقة، وأطفال خائفين تجمعوا معًا طلبًا للحماية، وغيرهم من الأولاد الذين قُتل أهاليهم وهم يحاولون إنقاذ حياتهم، أو مرضى المشافي المذعورين الذين كانوا يركضون للنجاة بحياتهم ويتم إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة على أصوات ضحكات وتهليل إرهابيي الاحتلال بينما يواصلون هياجهم المتهور. ستظل هذه الصور محفورة في ذهني كما حفرت في ذكرياتنا الجماعية العربية صور لمجازر مثل دير ياسين وطنطورة.
صعب عليّ أن أسأل نفسي هذا السؤال ونحن في الشهر الفضيل، شهر الخير والعطاء وطلب الرحمة والمغفرة، ولكنه ألحّ على خاطري: هل قسّى العالم قلبه على معاناة الشعب الفلسطيني بعد أسوأ مذبحة في تاريخ هذا الشعب الذي ما زال يعاني منذ أكثر من خمسة وسبعين عامًا من الاحتلال والقتل والتشريد؟!
يأتي الناس بمختلف الأصناف والشخصيات، بألوان مختلفة، بعضها مشرق وبعضها داكن. نحن نلتقي بهؤلاء الأفراد يوميًا، ونعيش لحظات السعادة والحزن في وجودهم. نرى أولئك الذين يمكننا مساعدتهم وأولئك الذين يرفضون المساعدة، وأولئك الذين يستمعون ويتحولون، وأولئك الذين يتجاوزون مجرد الحوار. وبينما نعترف بعيوبنا، يظل الكمال صفة إلهية. لماذا نسلط الضوء على هذه الشخصيات؟ أن نعترف بوجودهم بيننا، ونتجنب الاستسلام للتشاؤم، ونذكر أنفسنا بمواصلة جهودنا في إحداث التغيير ونشر الوعي دون عوائق، هو المطلب الأساسي حتى لا نغرق في عالم التشاؤم لما نراه من عدم مبالاة وانغماس في الحياة اليومية وكأن الأحداث الدامية ليست سوى على كوكب ثانٍ غير الذي نعيش عليه! كيف نفسر انشغال الناس بالدراما الخيالية بينما الدراما الحقيقية دائرة على أرض الرباط، أرض بيت المقدس؟!
إن من يفتقر إلى العمق الروحي أو الفكري غالبًا ما يظل معزولًا في ظلال الجهل، متأثرًا بأيديولوجيات لا أساس لها من الصحة. إليكم بعض الأمثلة على شخصيات موجودة في مجتمعنا:
المتعالي، الذي يعزل نفسه مؤمنًا بتفوقه على الآخرين، ويدين القدرات الفكرية للإنسانية.
المتفرد، الذي ينبذ المختلفين في الفعل أو اللباس أو الفكر، ويقضي الوقت في المراقبة والبحث عن العيوب.
الببغاء الذي يقرأ بلا وعي اقتباسات من المفكرين ويعيد نشرها لتأكيد تفوقه المعرفي.
صاحب النميمة، الذي ينشر الشائعات لتحقيق مكاسب شخصية، ويظهر تأثيره في حلقات من الحوادث المؤسفة والملاحقات السلبية المتسرعة.
المتبجح الذي يعد بالحلول دون عمل، ويترك الناس ينتظرون إلى أجل غير مسمى.
الطفيلي السطحي الذي يعمل على تحسين مستوى حياته على حساب من حوله.
المستكين، الذي يتهرب من النقد والمساءلة.
المشتت، المنشغل بالقضايا التافهة والغافل عن التهديدات الكبرى التي تؤثر على الإنسانية.
المادي، الذي يضع الرغبات الدنيوية فوق الاعتبارات الأخلاقية.
ولو أننا تعمقنا قليلًا لوجدنا أن الأمر قد يبدو أن بعض الأفراد غير مبالين أو باردين تجاه الآخرين، وهو سلوك غالبًا ما يتم تنميته من خلال المصاعب الشخصية ومشاعر العزلة. لا ننسى أن تجربة الألم والرفض يمكن أن تؤدي بالبعض إلى الانسحاب عاطفيًا، وفقدان الثقة في قدرة الإنسانية على التعاطف. وقد ينبع هذا الانفصال التدريجي عن خيبة الأمل العميقة تجاه أوجه القصور في المجتمع، مما يعزز الشعور باللامبالاة تجاه الآخرين، وعندها سوف ينظر هؤلاء الأفراد إلى الإنسانية على أنها طفيلية، مدفوعة بالجشع والعنف واللامبالاة تجاه إخوانهم من البشر. نعم، إن المشكلة أن المعاناة قد شكلت نظرتهم للعالم من حولهم، وغرست الاعتقاد بأن الحفاظ على الذات أمر بالغ الأهمية في بيئة تبدو قاسية وغير متسامحة، وبهذا يصبح الواقع بالنسبة لهؤلاء الأفراد، هو أن القدرة على التعاطف قد طغى عليها شعور عميق بخيبة الأمل وانعدام الثقة في الخير المتأصل في الإنسانية.
على الرغم من خيبة الأمل هذه، تظل الحاجة الجوهرية للتواصل والتفاهم جانبًا أساسيًا من الوجود الإنساني. كيف يمكننا سد الفجوة بين اللامبالاة والتعاطف، والتنقل بين تعقيدات المشاعر الإنسانية والقدرة على الصمود في مواجهة الشدائد؟ من خلال الاعتراف بنقاط ضعفنا المشتركة، والتعلم من تجاربنا الماضية، وتنمية الشعور بالتعاطف، يمكننا أن نبدأ في تضميد جراح اللامبالاة وإعادة بناء الروابط على أساس التفاهم المتبادل والرحمة.
إن احتضان التعاطف وتجاوز حواجز الانفصال العاطفي يتطلب الشجاعة والتأمل. ومن خلال تعزيز فهم أعمق لإنسانيتنا المشتركة وتعقيدات المشاعر الإنسانية، فإننا نمهد الطريق للتواصل الحقيقي والرحمة والشفاء الجماعي في عالم غالبا ما يكون محفوفا باللامبالاة وخيبة الأمل. دعونا نسعى جاهدين للتحرر من أغلال اللامبالاة، واحتضان التعاطف كقوة موجهة نحو مستقبل أكثر تعاطفا وترابطا للجميع. ما نريده ليس فقط التعاطف والمؤازرة لإخواننا في فلسطين المحتلة بل نريد النجاة لنا أيضًا كبشر أصحاب رسالة عظيمة على هذه الأرض.
كلمة أخيرة: عندما يرسل الله سبحانه وتعالى تحذيرًا مرة أو مرتين أو حتى لمرة ثالثة ولا يستيقظ المرء من غفلته، عندها فقط يغلق الله القلب ويعمي البصيرة ويحق عندها العقاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.