لماذا نحن العرب كلما أتانا عمل درامي يناقش قضية اجتماعية، تنتفخ أوداجنا وترتفع أصواتنا بالهجوم والجدل، منذ بداية شهر رمضان وكثير من أبناء مجتمعنا الخليجي من الكتاب والمدونين، ثارت ثائرتهم على مسلسل «زوجة واحدة لا تكفي»، بمجرد عرض حلقاته الأولى بدأ الهرج والمرج، وأن ثمة مؤامرة تحاك في الظلام ضد مجتمعنا الخليجي. تدور أحداث المسلسل حول قضايا الخيانة الزوجية والعلاقات الاجتماعية المعقدة، ويطرح قضايا اجتماعية جريئة، مثل تعدد الزوجات والزواج العرفي، وبعض العلاقات غير المشروعة، وهو من بطولة نخبة من النجوم الكويتيين والمصريين، هدى حسين، وماجد المصري، وأيتن عامر، ونور الغندور، ولولوة الملا. ورغم قصة المسلسل الجذابة وتنوع الشخصيات إلا أنه واجه انتقادات حادة على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب ما اعتبره البعض تجاوزًا للحدود.. السؤال المطروح: لماذا كلما تم تصوير مسلسل أو حتى تسريب خبر عن بداية تصوير يناقش قضايا اجتماعية جريئة تناقش في الخفاء، تتفجر نقاشات وحوارات حوله، تصل فيه النقاشات لدرجة التشكيك والتسفيه بنوايا القائمين عليه، هل تتوقع أن المادة الدرامية تنطلق من حيثية كما يطلبه المشاهدون؟!، هل يجب على المسلسل الدرامي أن يخرج في الساحة ويرضي كل الناس.. هل هذا هو العمل الدرامي؟!، المشكلة تكمن في فهمنا للدراما الاجتماعية، الدراما بكل بساطة تحتاج إلى عامل الزمن حتى تتطور وتنضج، والفهم الدرامي هو أن نستمتع بمشاهدة الدراما، كمنتج أدبي فني إبداعي، ولا نحمله أكثر من كونه أكثر من ذلك، وذلك بفهمنا للدراما، حسب شروط الدرامي، لا حسب شروط الباحث الاجتماعي أو المتخصص في علم الاجتماع، إذن الدراما حقل إبداعي يجمع بين الأدب والفن، والآداب والفنون هي محاكاة للواقع، وليست بالضرورة أن تعكس التصوير الدقيق للواقع بكل تفاصيله؛ وإلا لانتقل العمل من الحيز الدرامي إلى حيز البحث الاجتماعي الاستقصائي، والذي يتطلب الدقة في عكس الواقع كما هو، أما الأعمال الدرامية الاجتماعية تخضع بالضرورة للشروط الدرامية، التي من أبرزها التكثيف والتصعيد، والتشويق، والمبالغة فتجد مثلا قضية، حتى وإن كانت في إطار ضيق في المجتمع يمكن تصعيدها دراميًا، والمبالغة المعقولة التي لا تأتي على حساب العمل، لجذب المشاهد.. هل يجب على القائمين على المسلسل أن يستشيروا مراكز الأبحاث الاجتماعية حتى يعطونهم الضوء الأخضر قبل بداية الإنتاج الدرامي؟! إنني أعتقد لو فعلوا ذلك لكانت بمثابة شهادة وفاة للمسلسل، ما أود قوله إن العمل الدرامي له شروطه الخاصة، حاله حال أي تخصص علمي أو فني أو أدبي، لا يمكن التنازل عنها بأي حال من الأحوال رضى من رضى وأبى من أبى، والنتيجة هي نسب المشاهدة العالية، نعم يمكن الكتابة في مقدمة المسلسل أنه يستهدف فوق 18 سنة، كما شاهدناه في مسلسل «ثانوية النسيم»، أخيرًا أقول: نعم من حقك رفض المسلسل أو تأييده، لكن ليس من حقك أن تشكك في نوايا القائمين عليه، واستدعاء الأسئلة ذات العقلية المؤامراتية، فهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا.